الوقت- يعتبر المجتمع الفلسطيني من المجتمعات الشابة جدا بحيث يعتبر 65 بالمائة منه من فئة الشباب والاطفال ومن يعتبرهم المحللون من الجيل الصاعد والتالي لهذا المجتمع.
وفي هذا الاطار يمكن القول إن فئة الشباب الفلسطيني هي عماد المجتمع الشاب اصلا وامله في النهوض مرة اخرى بانتفاضة تقلب الطاولة على مخططات التسوية المعدة والمنفذة ضد فلسطين بشكل مباشر وضد العالمين العربي والاسلامي بشكل عام.
ومن بين هذه المؤامرات ما تحاك وتنفذ بواسطة الاجهزة الامنية الإسرائيلية ضد هذه الفئة من الشعب الفلسطيني، كان آخرها السعي لمنع دخول عدد من الطلاب الفلسطينيين إلي جامعات ماليزيا بحجة تدريبهم من قبل احدى الفصائل الفلسطينية هناك!!
فكلما تصاعدت مقاومة الشعب الفلسطيني وزاد الخوف عند هذا الكيان نشاهد تصاعد موجات المؤامرات والضغوط الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني بشكل عام والشباب الفلسطيني بشكل خاص.
ففيما تعج السجون الإسرائيلية بالشباب الفلسطيني وحتى الاطفال منهم يسعى الكيان الإسرائيلي إلي ضرب هذا المفصل الحيوي للشعب الفلسطيني باي طريقة ممكنة مما توصف تارة بالخبيثة وتارة بالارهابية، وقد اوكلت جميع هذه الخطط الى جهاز الامن الداخلي الإسرائيلي "الشابك" السيء الصيت.
وحسب التعريف الموجود في سجل مهمات الاجهزة الامنية الإسرائيلية فان اولى مهام جهاز الشاباك هي محاربة المجتمع الفلسطيني ومقاومته من خلال نشر الفساد والرذيلة وتجنيد العملاء داخل نسيجه.
فيما ياتي جمع المعلومات عن المجتمع الفلسطيني بكل مستوياته والقيام بتنفيذ الاغتيالات وتصفية الناشطين الفلسطينيين اضافة الى اعتقال الفلسطينيين، في سياق بعض آخر من هذه المهام.
وحسب صحيفة هآرتس فان الشباب الفلسطيني هم قنبلة متكتكة وبرميل بارود يمكن اين ينفجر في أي لحظة ليزلزل به الضفة الغربية باكملها من السلطة الفلسطينية الى المستوطنين وحكومة الكيان الإسرائيلي باكملها.
هذا التخوف اجبر الشاباك علي القيام بعدة خطوات ارهابية ضد المجتمع الفلسطيني، فلا يخفي على احد اليوم عدد الشباب المعتقلين في السجون الإسرائيلية بأحكام مختلفة والسجن الاداري فيما اغتالت يد الارهاب الإسرائيلية عدداً كبيراً من هؤلاء الشباب وبقي سائر الشباب الفلسطيني ايضا تحت المراقبة والاذلال والضغط على مصادر رزقهم او استمرار دراستهم بهدف تجنيدهم لصالح الاهداف الإسرائيلية.
ولكن بالرغم من النجاح النسبي للمخططات الارهابية الإسرائيلية ضد الشباب الفلسطيني، فهل سينجح الاسرائيليون في استراتيجيتهم ضد الشباب الفلسطيني في المدى البعيد؟
المعطيات المتوفرة ترد بالنفي فلا الاعتقال ولا الضغط ولا الترهيب ولا حتى العملاء لم يستطيعوا ايقاف انتفاضة بدأت منذ عام 1948 وتوجت بانتفاضة الاقصى واليوم لازالت نارها تحت رماد الضغوطات المزدوجة من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية والكيان الإسرائيلي.
فاليوم بدأ الشباب الفلسطيني ومع تصاعد الاعتداءات الاسرائيلية، القيام بالعمليات الفردية دون أن تنجح أجهزة هذا الكيان الأمنية وعلى راسها جهاز الشاباك في كشف الغالبية العظمى من هذه العمليات، والضربات الاستباقية غير ممكنة في هذا المجال حسب اعتراف مسؤولين كبار لدي الكيان الإسرائيلي وما رأيناه خلال إحياء الذكرى السنوية الـ 67 للنكبة.
فبالرغم من انشغال وسائل الاعلام العربية والعالمية والشارع العربي والاسلامي بقضايا اخرى من اقصاها الى اقصاها إلا ان ابناء الاقصى كان لهم كلمتهم في هذه الذكرى. وحسب محللين فان ما ميز هذا العام بالنسبة للاعوام السابقة هو الوجود الكبير للعنصر الشبابي فيها.
كان الكيان الإسرائيلي ولازال يامل بنسيان الشعب الفلسطيني قضيتهم، حيث قالت غولدا مائير (رابع رئيس وزراء لحكومة الكيان الإسرائيلي) زاعمة النسيان الأكيد للقضية الفلسطينية: «الكبار يموتون.. والصغار ينسون!».. اليوم ماتت غولدا مائير لكننا لازلنا نشهد تناميا هائلا والتفافا كبيراً من الشباب الفلسطيني بقضيته الوطنية.
وقد اعترفت صحف ومواقع اعلامية تابعة للكيان الإسرائيلي بفشل استراتيجيات وجهود الاجهزة الإسرائيلية لوقف عمليات الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية والتي يصرون علي وصفها بالعمليات الفردية.
فبالرغم من ان النضال الشعبي للشباب الفلسطيني يلجأ إلى الأساليب النضالية البسيطة المستدعاة من زمن الانتفاضة الأولى، إلا أن تطور المواجهات من رمي الحجارة إلى محاولة إيقاع خسائر أكبر في جنود ومستوطني الكيان الإسرائيلي بالوسائل المتاحة، يعني أن السعي إلى المقاومة المسلحة لم يكن خيارًا حزبيًا مفروضًا على المجتمع الفلسطيني، وإنما هو خيار شعبي يبحث في تطوير ممكناته.
وهذا ما كان قد اكد عليه قائد الثورة الاسلامية الامام علي الخامنئي ايضا في اطار حثه الشباب الفلسطيني علي التوجه نحو العمليات المسلحة وتسليح الضفة الغربية.
فما نشاهده اليوم من مقاومة في هذه القطعة من ارض فلسطين الحبيبة ليست وليدة اللحظة او العام بل كانت متجذرة في ثقافة كفاح الشعب الفلسطيني ضد الكيان الإسرائيلي من فترة الكفاح ضد العصابات الصهيونية لتنتقل من جيل الى آخر ويصل بها المطاف الى حرب السكاكين ابان الانتفاضة الاولى والعمليات الاستشهادية خلال الانتفاضة الثانية.
فاذا كان الشباب الفلسطيني خلال الانتفاضة الاولى معروف بشباب الحجارة، وقد عرف نفسه خلال انتفاضة الاقصى بالشباب الاستشهادي، فهو اليوم يقوم بمواجهة الكيان المحتل بما هو متاح لديه من طعن ودهس ورمي الحجارة فيما تمكن عدد آخر من هؤلاء الشباب بتلقين الإسرائيليين دروساً لا تنسى في فضاء السايبر.
فحسب اعتراف جهاز الشاباك نفسه فان الشباب الفلسطيني استطاع اختراق مواقع رسمية واعلامية إسرائيلية كثيرة وارسال رسالة نصية الى هواتف المشتركين الإسرائيليين ابان الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 في حين لازال الشاباك مبقيا على تحذيراته حول هذه الاعمال.
اليوم وفي ظل ما نراه من احداث في الشرق الاوسط والعالمين العربي والاسلامي يقف الشباب الفلسطيني بصدره العاري امام مخطط إسرائيلي كبير اراد جره الى مستنقع العمالة والرذيلة، فاعتراف شخصية امنية كبيرة كيعقوب بيري الرئيس السابق لجهاز الشاباك بصعوبة احباط العمليات الفردية هو خير دليل على ان الشعب الفلسطيني ورغم صعوبة الاوضاع ورغم المساعي لجره الى افخاخ عربية واقليمية لازال مستمراً في مقاومته ويبتكر يوميا اساليب جديدة ليفشل بها المؤامرات الخبيثة لاعداء هذه الامة.