الوقت - كانت الهجمات بحامض الأسيد حتى وقت قريب تجتاح عدد من دول جنوب شرق آسيا، إلاّ أنها انتقلت إلى العاصمة البريطانية "لندن" في الآونة الأخيرة وهي تشمل الرجال والنساء على حد سواء.
ووفقاً للإحصائيات المتوفرة شهدت لندن 454 حالة اعتداء بالأسيد على مواطنين خلال العام الماضي، أي بزيادة تصل إلى حدود 173 بالمئة عن العام الذي سبقه. وأكثر هذه الاعتداءات كانت دوافعها شخصية. ولم يتوصل الخبراء إلى السبب الحقيقي الذي يدعو لارتكاب هذه الجرائم حتى الآن.
وتجدر الإشارة إلى أن الهجوم بالأسيد يتسبب بفجائع اجتماعية فظيعة من بينها حرمان الأشخاص الذين يتعرضون لهذه الهجمات من نعمة الجمال إلى آخر حياتهم وما ينجم عن ذلك من معاناة روحية وجسمية لاتطاق في كثير من الأحيان. ولطالما دفعت هذه الاعتداءات من تعرضوا لها إلى الانزواء والابتعاد عن المجتمع والإصابة بحالات الاكتئاب الشديد.
وتؤدي هذه الهجمات في معظم الأحيان إلى فقدان البصر والاضطرابات الغذائية وتصل لدى البعض إلى حد التفكير بالانتحار أو تعاطي المخدرات.
وأكثر هذه الهجمات تصيب الوجه ما يؤدي إلى تشوهات تلازم الشخص طوال حياته بسبب التقرحات الشديدة الناجمة عن المواد الكيمياوية الحارقة المستخدمة في هذه الهجمات إلى جانب الاضطرابات التنفسية والالتهابات المزمنة التي تصيب الدم والكِلى والتي تؤدي إلى الموت المحتم في معظم الأحيان.
ومنذ 2010، وقعت أكثر من ألف و800 حادثة بمادة الأسيد الحارقة في لندن. وتظهر أرقام نشرتها الشرطة البريطانية "سكوتلاند يارد" أن عدد الهجمات التي استخدمت فيها مواد حمضية ارتفع إلى 454 اعتداء سنة 2016، أي أكثر من ضعف الرقم في عام 2014.
ويبدو أن سهولة الحصول على الأسيد في بريطانيا تشكل العامل الرئيس في الهجمات التي تستخدم فيها هذه المادة الحارقة والمشوِّهة، بالإضافة إلى سيطرة روح الانتقام من الضحية لدى معظم المهاجمين.
وبيّنت الإحصائيات التي أعدتها "سكوتلاند يارد" في هذا المجال أن الكثير من المهاجمين بالأسيد هم من أصدقاء الضحايا أو أقربائهم سواء من الذكور أو الإناث، وكذلك من الأزواج الذين انفصلوا عن بعضهم بسبب المشاكل الاجتماعية أو الروحية أو النفسية. ويلجأ المهاجمون في العادة لوضع الأسيد في علب معدنية من أجل مباغتة الضحية بهذه المادة الحارقة.
وخلال الشهرين الأولين من العام الحالي 2017 حصل 49 اعتداء بالأسيد في العاصمة البريطانية وحدها. ولهذا بات النشطاء المدافعون عن الحقوق المدنية يطلقون على لندن اسم العاصمة الجديدة لـ"الهجوم الأسيدي" في العالم.
ويعتقد المراقبون أن من الأسباب الأخرى التي تدعو للتهديد باستخدام الأسيد في بريطانيا تتعلق بسعي المهاجمين لابتزاز الضحايا من أجل الحصول على المال أو لتفريغ العقد النفسية التي يعاني منها الكثير من الشباب في هذا البلد. وهناك دوافع أخرى لهذه الهجمات بينها التمييز العنصري من قبل المتطرفين في بريطانيا ضد رعايا الدول الأخرى. ويخشى بعض المسلمين شرق لندن مغادرة منازلهم بعد موجة من الهجمات العنصرية التي تمت بحامض الأسيد ضدهم.
وفي تقرير نشرته صحيفة "ذا اندبندنت" ذكرت أن المخاوف ازدادت بعد أن عانت "ريشام خان" الطالبة بجامعة "مانشستر" والبالغة من العمر 21 عاماً، بسبب الاعتداء عليها من قبل مجهولين برش الحامض على وجهها في 21 يونيو الماضي.
واستبعدت الشرطة في البداية الدافع الديني أو العنصري للجريمة، لكنها أعادت تصنيف الهجوم على أنه جريمة كراهية عندما ظهرت أدلة جديدة في نهاية يونيو بشأن الحادث.
وصنفت السلطات البريطانية المادة المعروفة بماء النار "الأسيد" ضمن الأسلحة الخطيرة، وجاء هذا الإجراء بعد تزايد عدد الهجمات في المدن البريطانية بهذه المادة مما سبب تشوهات لعدد كبير من الأبرياء.
وأكد خبير أمني لصحيفة "صنداي تايمز" أن هجمات الأسيد أصبحت عشوائية بسبب تفشي هذا الأسلوب كبطاقة دخول الشاب المنحرف لانضمامهم للعصابات الإجرامية، وذلك بشن هجوم عشوائي على أي شخص من المارة.