الوقت- لم يعد دونالد ترامب الرئيس الأمريكي القادر على الإمساك بزمام الحكم، كأي رئيس في العالم أو كرئيس الدولة التي تُقدم نفسها على أنها الأقوى. بل أصبح ترامب أسير دوامة كبيرة من الإتهامات، والتي تجاوزته لتطال نجله بعد ظهور معلومات حول لقاء الأخير بالمحامية الروسية "نتاليا فسيلنيتسكايا" والتي تربطها علاقة بالكرملين خلال حملة الإنتخابات الأمريكية 2016. لكن الأخطر لحاظ وجود ترامب وحيداً في حربه ضد الإستخبارات والإعلام. الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات المستقبلية. فماذا في الواقع الأمريكي الحالي والحديث الطاغي عن تواطؤ ترامب؟ وماذا يعكس هذا الواقع؟
تواطؤ ترامب: حديث الواقع الأمريكي!
يمكن ملاحظة خطابين على الساحة الأمريكية كما يلي:
الحديث السياسي
أولاً: وصف رئيس لجنة الإستخبارات بالكونغرس وعضو مجلس الشيوخ الأمريكي، مارك وارنر، اجتماع نجل الرئيس ترامب مع المحامية، بأنه أمر لم يسبق له مثيل، معتبراً إنها المرة الأولى التي يشهد فيها الشعب الأمريكي دليلاً واضحاً على أن قيام كبار المسؤولين بالإجتماع مع الروس أثناء حملة ترامب للإنتخابات الرئاسية.
ثانياً: بداية الشهر الحالي، تحدثت كلينتون خلال المؤتمر التكنولوجي في كاليفورنيا، عن التدخل الروسي في الإنتخابات الرئاسية،، مؤكدةً أن سبب هزيمتها يعود للتواطؤ بين أعضاء من فريق الرئيس ترامب مع الروس في الهجمات الإلكترونية التي استهدفت حملتها. مشيرة الى أنها تمتلك معلومات من جهاز الإستخبارات الأمريكي تُشير الى أن الروس ما كانوا ليعرفوا كيفية استخدام المعلومات لولا وجود مساعدة من أمريكيين!
الحديث الإعلامي
أولاً: أشارت صحيفة الإندبندنت البريطانية منذ أيام، أن "مارك كورالو" محامي الرئيس الأمريكي صرَّح بأن ترامب لم يكن على علم ولم يحضر أي اجتماع بين نجله ومحامية مرتبطة بالكرملين. في حين فجر قنبلة جديدة تتعلق بوجود معلومات تُدين هيلاري كلينتون بتهمة التعامل مع روسيا! الأمر الذي أحدث بلبلة حول عودة الإتهامات المتبادلة بين المسؤولين الأمريكيين الكبار.
ثانياً: من جهتها صحيفة نيويورك تايمز أشارت الأسبوع الماضي، الى تصريح ثلاثة مستشارين في البيت الأبيض، قولهم أن نجل الرئيس الأميركي دونالد ترامب وافق على لقاء محامية مرتبطة بالكرملين خلال الحملة الرئاسية الإنتخابية في 2016، بعد حصوله على وعد بالترويج لمعلومات تضر بسمعة هيلاري كلينتون. وأكدت الصحيفة تواجد "بول مانافورت" مدير حملة ترامب، و "جاريد كوشنر" صهر ترامب في الإجتماع.
ماذا يعكس هذا الواقع؟
عدة مسائل يعكسها هذا الواقع نُشير لها في التالي:
أولاً: جاءت كل هذه العاصفة من التصريحات موازية لقمة العشرين ولقاء ترامب بوتين. لكن المُثير هو أنه وعلى الرغم من تأكيد الطرفين الروسي والأمريكي على عدم تدخل روسيا في الشأن الأمريكي، الى أن الإعلام الأمريكي بالإضافة الى القضاء، لم يكترثوا لهذه التصريحات، واستمروا بالتحقيق وبقيت التسريبات حال الواقع الأمريكي حتى وصلت إلى ابن الرئيس الأمريكي ترامب.وهو ما عكس حالة من الإصرار على الإطاحة بترامب عبر إدانته.
ثانياً: خرج محققوا مجلس الشيوخ بقرار استجواب دونالد ترامب الإبن، حول موضوع اجتماعه بالمحامية الروسية، الأمر الذي أعاد النقاش حول أهلية الرئيس الأمريكي خصوصاً بعد أن أكدت وكالة الإستخبارات الأمريكية أن الحكومة الروسية حاولت التأثير على الانتخابات لصالح دونالد ترامب وفق معلومات مؤكدة تمتلكها.
ثالثاً: أظهرت التحقيقات أن اجتماع ابن ترامب مع المحامية الروسية حصل قبل أيام من إعلان الهجوم الإلكتروني على حملة المرشحة كلينتون، الأمر الذي أظهر الأمور كدليل لوجود تواطؤ من فريق ترامب مع الحكومة الروسية للتأثير على نتائج الإنتخابات.
رابعاً: يعيش ترامب حالة من الصراع مع الواقع الأمريكي بأسره، حيث يقف ترامب بوجه أجهزة الإستخبارات والصحافة والإعلام. لدرجة باتت تُعتبر وسائل الإعلام عدوه اللدود. في حين يبدو واضحاً أن مكتب التحقيقات الفيدرالي مُصر على الإطاحة بالرئيس. حتى خرج الخبراء للقول أن وضع ترامب اليوم، أصعب من وضع ريتشارد نيكسون، والذي أطاح به الإعلام أيضاً!
إذن، لا شك أن أزمات النظام الأمريكي كثيرة اليوم. وهي تتعدد بين كونها داخلية وخارجية. لكن أزمة الرئيس الأمريكي، باتت أولوية بالنسبة له، تتخطى أولويات أمريكا. لكنها تُؤثر حتماً على سمعة النظام الأمريكي. ليدخل دونالد ترامب وفريقة من جديد، نفقاً مجهولاً يُشير الكثيرون الى أنه لن ينتهي إلا بالإطاحة به. وهو ما يجعل السياسة الأمريكية في حالة من التضعضع، لا سيما أمام اتهامات وصلت الى حد العمالة، وعلى لسان مسؤولين كبار. وهو ما لم يشهده النظام الأمريكي في تاريخه.