الوقت- أكد الرئيس الأمريكي ترامب مرة أخرى على وجوى علاقات وثيقة مع روسيا وفي السياق نفسه لقد قام الشعب الأمريكي للمرة الثانية بالتعبير عن اشمئزازهم حول الطريقة التي يُدار بها العالم، ولكن الأحداث المهمة الأخرى لهذا الاجتماع الأخير لمجموعة العشرين بدأت تظهر نتائجه تدريجيا في الساحة الدولية.
ومن زاوية مختلفة قام سيمون تيسدال، المحلل السياسي في صحيفة الغارديان البريطانية والذي عمل لبعض الوقت كصحفي في الولايات المتحدة، بتحليل اجتماع مجموعة العشرين الذي أُقيم في مدينة هامبورغ الألمانية. فمن وجهة رأيه، إن الأزمة التي وقعت بالتزامن مع اجتماع مجموعة العشرين والتي زادت من حدة التوتر في العلاقات الغربية مع كوريا الشمالية، ماهي إلا تعبير ملموس عن وجود تغييرات هامة في موازين القوى الدولية. ولقد هددت الولايات المتحدة بيونغ يانغ من القيام بأي تجارب صاروخية بعيدة المدى، ومن زاوية أُخرى نظرا لعدم تعاون كلا من الصين وروسيا مع واشنطن، فلقد فشلت الأخيرة بالقيام بالتهديدات التي أطلقتها واكتفت بتشجيع مجلس الأمن لفرض عقوبات أكثر صرامة على بيونغ يانغ.
كتب المتظاهرون الذين يرتدون أقنعة تشبه القادة الغربيين، بأن تعزيز الفجوة بين طبقات المجتمع لا يجتمع مع مكافحة الفقر.
حقيقتان كان لهما تأثير كبير
النتائج التي يستخلصها سيمون تيسدال لهذه الأحداث هي على النحو التالي:
1- لقد فقدت أمريكا ريادتها في أوروبا وآسيا. فلقد كان لصعود قوى جديدة في العالم من جهة ومن جهة أخرى الخراب الذي قامت به واشنطن خلال الفترة الماضية، أثرا على تفاقم الفجوة بين كثير من الحكومات وأمريكا ولقد زاد النهج الفظيع الذي يتبعه الرئيس ترامب من هذا التفاقم أيضا. وصار من الواضح بأنه في الوقت الذي كان فيه أوباما يتحدث عن ضرورة التعاون بين هذه الحكومات لحفظ ماء ألوجه، فلقد اعلن ترامب في الوقت الحاضر عن هذه الحقيقة للجميع بأن أمريكا لا تستطيع الآن أن تزيد من إجراءاتها الأحادية الجانب وذلك نظرا للظروف الدولية الجديدة.
2- لقد أشار كلا من دونالد ترامب وفلاديمير بوتين وإكسي جينبينغ والمستشارة الألمانية انجيلاميركل وغيرهم علنا، بأنهم غير راغبون أو غير قادرون على التوافق والإجماع على وجهات نظر موحدة حول القضايا الإقليمية والعالمية مثل الأزمة السورية وأزمة كوريا الشمالية ومشاكل التغير المناخي والإرهاب والهجرة والعديد من المواضيع الأخرى. وهذا في حين أنهم لا يعلمون بأنه لا حدود للتهديدات وأن الشعوب سوف تنتفض لتغيير الطريقة التي يُدار بها هذا العالم.
البدائل المستقبلية لموازين القوى في العالم
ووفقا لهاتين النتيجتين، إن موازين القوى الحالية الموجودة في الساحة الدولية في حالة تَغير، ومن الواضح بأن الجهات الحكومية وغير الحكومية في العالم يتطلعون إلى تشكيل مستقبل جديد للنظام العالمي. كما هو مذكور في الأسفل:
1- الصين وروسيا هما القوتان الأسيويتان الناشئين، والتين اعتداء على الوقوف معا أمام الأطماع التوسعية الأمريكية. ومن وجهة نظر تيسدال، نظرا لنمو الاقتصاد الصيني، فأن محاور التعاون بين موسكو وبكين، سوف تصب في صالح آلأخيرة.
2- وبالإضافة إلى هاتين الدولتين فإن القوة الألمانية استفاقت أخيرا من أنقاض الحرب العالمية الثانية، ولكن لا يجب أن تُرى ألمانيا بأنها وحيدة. وذلك نظرا لأن ألمانيا وفرنسا يقومان معا (وخاصة بعد هزيمة مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان في الانتخابات الفرنسية وانخفاض فرص زملائهم في ألمانيا، وفقا لاستطلاعات الرأي) برمي بالونات الاتحاد الأوروبي عاليا في السماء.
وفي سياق آخر قبل عقد اجتماع مجموعة العشرين، صرح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، والذي كان يعتقد بأن سكان العالم قد نسوا تاريخ الاستعمار لقارته، حيث قال أن أوروبا جذبت انتباه جميع الناس الذين يحترمون "مبادئ الديمقراطية الليبرالية وحقوق الإنسان والتجارة الحرة والعادلة والإجراءات الصحيحة في مواجهة التحديات العالمية ". وإذا استطاع الأوروبيين تعزيز مثل هذا الشعور في أذهان الرأي العام العالمي، فإنه من المتوقع أن تفقد الولايات المتحدة قيادتها لهذا العالم التي استمرت لعقود.
الرأسمالية ليست علاجا لألام البشرية. قفوا على أقدامكم!
3- في المركز الثالث، تحل الدول الإسلامية والشرق أوسطية. إن هذه الكتلة الجديدة من وجهة نظر تيسدال قادرة على امتلاك القوة في موازين القوى المستقبلية، ولكن نظرا لوجود خلافات خطيرة بين عددا من هذه الدول القوية في الشرق الأوسط من جهة ووجود لاعبين مخربين مثل تنظيم داعش الإرهابي من جهة أُخرى، فأنه لا يمكن لهذه الدول الاستفادة من هذه الفرصة التاريخية بأن تصبح قوى مستقبلة تستطيع أن يكون لها تأثير في المحافل الدولية.