الوقت - نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية مقالاً أشارت فيه إلى تصريحات المتحدث باسم هيئة الأرکان الروسية العقيد "سيرغي رودسكوي" التي قال فيها بأن الحرب المندلعة في سوريا منذ سنوات باتت بحكم المنتهية، فيما يعتقد المراقبون بأن الوضع في هذا البلد ما زال معقداً وأن نهاية الحرب هناك ما زالت بعيدة المنال، واصفين كلام رودسكوي بأنه مفرط في التفاؤل لأن مناطق "خفض التوتر" التي أنشئت بمساعدة روسيا لا تشكل أكثر من 10%من مساحة سوريا.
ولدعم رأيهم هذا يستشهد المحللون بأقوال العسكريين الروس أنفسهم بأن القوات السورية والحليفة لها لم تتوقف بعد عن خوض القتال ضد تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" وغيرهما من الجماعات الإرهابية.
وأشارت وزارة الدفاع الروسية في هذا الخصوص إلى التقدم الذي حققته القوات السورية والداعمة لها في الشمال- الشرقي من محافظة حلب، وفي منطقة تدمر وفي القلمون الشرقي وكذلك في جنوب البلاد، فيما نوّه قائد القوات الروسية في سوريا الكولونيل "سيرغي سوروفيكين" إلى أن وتيرة هجمات القوات السورية قد ارتفعت إلى 8 كم في اليوم الواحد.
وقال سوروفيكين في مؤتمر صحفي إن القوات السورية تواصل عملياتها للسيطرة على كامل الحدود السورية والعراقية السورية الأردنية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هذه العمليات تواجه عراقيل من قبل طيران ما يسمى "التحالف الدولي" الذي تقوده أمريكا لمحاربة "داعش".
واتهم سوروفيكين التحالف و"قوات سوريا الديمقراطية" بالتواطؤ مع قياديين في "داعش"، يوافقون على تسليم البلدات التي يسيطرون عليها دون قتال، ويسمح لهم في المقابل بالخروج والتوجه إلى المناطق التي تنشط فيها القوات السورية.
وشدد سوروفيكين على أن القوات الروسية تحبط كافة محاولات عناصر "داعش" للخروج عبر الممر الذي فتحه لهم "التحالف الدولي" جنوبي الرقة، مؤكداً أن أمريكا وتحت ذريعة محاربة الإرهاب تستغل "داعش" لعرقلة تقدم القوات السورية.
ويؤكد القادة الروس بأن الأمريكيين يبررون موقفهم هذا بـمزاعم سخيفة كالقول بأن القوات السورية تمثل خطراً على القواعد الأمريكية ومعسكرات تدريب "المعارضة" في جنوب سوريا، ناسين أو متناسين أن الجيش السوري يقاتل دفاعاً عن بلده ولا يحق لأي جهة خارجية أن تحدد مساره ووجهة عملياته ضد التنظيمات الإرهابية داخل الحدود السورية، في حين تتواجد القوات الأمريكية في سوريا دون أي مبرر قانوني ودون التنسيق مع الحكومة المركزية في دمشق.
لماذا تستهدف أمريكا القوات السورية وحلفائها؟
يؤكد العسكريون الروس بأن تحركات "التحالف الدولي" قد أعاقت في مراحل متعددة المكافحة الفعّالة الموجهة ضد "داعش" وغيره من الجماعات الإرهابية، مشيرين إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" بدأت مواجهتها المكشوفة ضد القوات السورية والداعمة لها بعد أن حققت الأخيرة نجاحات في التقدم بمحاذاة الحدود مع الأردن والعراق، منوّهين كذلك إلى أن أمريكا أقامت قواعد عسكرية في هذه المناطق ومعسكرات لتدريب ما يسمى "الجيش السوري الجديد" الذي لا تعترف به موسكو ودمشق ضمن قائمة "المعارضة المعتدلة".
وينبغي القول بأن استمرار هجوم القوات السورية في الجنوب الشرقي من البلاد لن يسمح من الناحية الاستراتيجية للقوى الموالية لأمريكا، والتي تملك قواعد ارتكاز لها في الأردن والعراق من التقدم باتجاه منطقة دير الزور الغنية بالنفط والغاز، الأمر الذي لن يكون في حال نجاحه مرضياً لواشنطن، وهذا يعني أيضاً أن هناك معارك جديدة تنتظر القوات السورية في المستقبل المنظور.
واستناداً إلى تقارير ميدانية يستعد متطوعون من قوات حرس الثورة الإسلامية في إيران وقوات مظلية من اللواء "65" في الجيش الإيراني لدعم القوات السورية في هجومها المرتقب على الجماعات الإرهابية في المناطق الواقعة إلى الجنوب من حلب وبمحاذاة نهر الفرات باتجاه الرقة.
في هذه الأثناء ذكرت مصادر ميدانية بأن القوات الأمريكية نقلت منظومة راجمات صواريخ بعيدة المدى من الأردن إلى قاعدة أمريكية في معبر "التنف" بجنوب سوريا قرب الحدود العراقية والأردنية لتعزز وجودها في المنطقة.
وتزعم واشنطن بأن الغارات التي شنتها طائراتها على القوات السورية في وقت سابق في معبر "التنف" تأتي في سياق الدفاع عن القوات الأمريكية المتواجدة في سوريا، في حين يعلم الجميع أن القوات السورية لم تهاجم القوات الأمريكية حتى الآن، وفي حال قررت ضربها فهي تمتلك الحق في ذلك باعتبار أن القوات الأمريكية هي قوات غازية ولا تملك أي مبرر قانوني للتواجد في الأراضي السورية.
ختاماً لابدّ من القول بأن استهداف أمريكا للجيش السوري يبرهن على أن هناك ما هو أبعد من مخطط التدخل في الشأن الداخلي السوري، ويؤكد حقيقة ثابتة وهي أن استراتيجية واشنطن تنطلق في أساسها على ركيزة دعم الإرهاب بهدف إسقاط الدولة السورية كبوابة دخول للهيمنة على المنطقة بأسرها.