الوقت - ان من يتمعن في زيارة ترامب للسعودية وعقده اجتماعا مع ملوك وامراء كل الدول الخليجية وصف بانه اجتماع قمه خليجية ترامبية، يجد ان ما اتفق عليه يختلف اختلافا جذريا عما نتج عن هذه القمة، واعني بذلك التصعيد السعودي القطري وما الت اليه الامور من تسخير كل وسائل الاعلام السعودي لفضح قطر ومواقفها واتهامها بشكل مباشر انها من دعمت الارهاب باختلاف مسمياته، لا بل ذهب الاعلام السعودي الى ابعد من ذلك حيث سلط الضوء على جذر الخلافات بين الرياض والدوحة الذي يعود لما يقارب ال 20 سنة، وكأن السعودية ارادت بهذا التصعيد دفع التهم عنها في رعاية وتمويل المجاميع الارهابية .
ان المتابع للشأن السياسي ومايجري في المنطقة وما جرى بعد قمة (ترامب - سلمان) يدرك تماما ان ملف الشرق الاوسط بشكل عام وملف مشايخ الدول الخليجية وجاراتها بشكل خاص ملف معقد وقد يحتاج كل موقف من مواقفه السياسية الى بحث وليس لمقال. ولهذا نجد ان ما دار في الاجتماع الخليجي مع ترامب لايمكن ان ينتج خلافا سعوديا قطريا وفقا لما سربه الاعلام من ان هذا الاجتماع كان ناجحا ومتناغما في رؤيته الخليجية الامريكية .. ومن هنا يتبادر الى الذهن سؤالا جوهريا يكمن في، ما هي الدوافع والاسباب الحقيقية التي دفعت الى الخلاف القطري السعودي؟
ولماذا عاضدت الامارات والبحرين ومصر وبعض الدول القرارات التي ذهبت الى قطع العلاقات مع الدوحة؟
وهل ان ماسرب من ان قطر امتنعت من دفع نصيبها في (جزية ترامب) او مايسمى بالعالم العربي كان سببا في ذلك الخلاف؟ حيث كان الاتفاق وفق التسريبات ان السعودية والامارات وقطر يتقاسمون فيما بينهم دفع ما قيمته ترليون دولار الى ترامب نقدا.
كل هذا وذاك قد يكون سببا في تاجيج هذا الصراع الخليجي الجديد. ولكن السيناريو الاقرب والاكثر احتمالا للتحقق بتقديري الشخصي من خلال متابعتي لكل المواقف والاحداث سواء أكانت خليجية ام امريكية يكمن في لعبة امريكية قطرية من جهة وامريكية سعودية من جهة اخرى وليس بغريب ان يكون هناك اتفاقا امريكيا قطريا بهذا الخصوص لافشال كل ما اتفقت عليه الدول الخليجية مع ترامب وان الهدف الامريكي الاكبر هو جمع الاموال وقد جمعت .. وهذا يشير اشارة واضحة على ان الادارة الامريكية الجديدة غير مقتنعة تماما بان تولي السعودية زمام الامور في المنطقة بعيدا وجود منافس حقيقي للرياض يستطيع ان يحجم دورها او يقاسمها السلطة في المشروع الجيد .. وقد يكون السبب الذي دفع ترامب للعب هذه اللعبة يكمن في رؤيته الواضحة تجاه قطر وما تمتلكه من رؤية سياسية افضل بميزان التقييم السياسي من السعودية التي لا سياسة لديها سوى دفع الاموال لتمرير مشاريعها. وهذا مايؤكده الموقف القطري تجاه الجمهورية الاسلامية في ايران، ولعل طبيعة العلاقة وتقارب الدوحة وطهران هو من كان وراء هذه الهجمة السعودية الشرسة.
او ان المشروع الامريكي الجديد في المنطقة يوجب ان يشرع بمقدمات ربيع خليجي قادم، يحتم على القائمين على اعداد هذا المشروع استثمار او استغلال نقاط الضعف في اللحمة الخليجية لتكون بوابة او منطلقا لتغيير الشكل السياسي لهذه الدول وقد تكون قطر بوابة هذا المشروع .. اقول ذلك لانني ادرك كما يدرك كل متابع مختص ان الهدف الامريكي المتمثل باستهداف الجمهورية الاسلامية في ايران غير ممكن التحقق لاسباب عديدة تدركها ادارة ترامب اكثر من غيره لما تتمتع به طهران من حكمة في التعامل السياسي من جهة وما تملكه من ادوات اللعب السياسي من جهة اخرى.
بقلم عادل المانع / نائب رئيس المرصد الوطني للاعلام