الوقت- يعيش السود في امريكا اوضاعا صعبة لان معظم الاحصائيات تشير الى ان أكبر نسب البطالة والسجون ومستوى التعليم المتدني موجودة في اوساط السود وان فرصة الحصول على فرص عمل افضل بالنسبة للسود هي معدومة تقريبا بالاضافة الى القوانين العنصرية والعقلية العنصرية التي تحكم المجتمع الامريكي. فكيف يستطيع السود في مثل هذه الحالة ان يدافعوا عن انفسهم وحقوقهم ويعمدوا الى تحسين اوضاعهم؟
ان اتساع دائرة التغطية الاعلامية في عالمنا اليوم وفر للشباب السود في امريكا امكانية نقل صور احتجاجاتهم الى اصقاع العالم فرغم وجود التمييز العنصري بشكل أوسع وأشد في السابق في المجتمع الامريكي لكن التغطية الاعلامية لم تكن في السابق كما هي الآن .
وتترك انتفاضة السود في امريكا تأثيراتها السلبية على هذا البلد داخليا وخارجيا واول هذه التاثيرات السلبية هو الشلل الذي تصاب به اي منطقة او مدينة ينتفض السود فيها فعندما ينتفض الشباب السود تتدخل القوات الامنية الامريكية وهذا ما سيترك تاثيرا نفسيا داخل امريكا قبل تاثيره الاقتصادي فالاقتصاد الامريكي لا يتأثر سريعا بعدة مسيرات ومظاهرات لكن الاقتصاد المحلي في المناطق التي تشهد الاضطرابات سيتأثر سلبا بالتاكيد.
ومن المؤكد ان الادارة الامريكية تعلم جيدا ان هناك تحدياً كبيراً امامها ولذلك تسعى هذه الادارة الى تحسين القوانين المتعلقة بالتوظيف وباقي القوانين ذات العلاقة الى اكبر قدر ممكن من اجل الحد من ظاهرة التمييز العنصري لكن وضع القوانين لا يكفي لوحده لحل المشكلة بل يجب ازالة التمييز العنصري من اذهان الامريكيين وهذا امر يبدو بعيد المنال.
ولانتفاضة السود اثر سلبي جدا بالنسبة للنظرة الخارجية الى امريكا ونظرة شعوب العالم الى المجتمع الامريكي فردة فعل شعوب العالم على ما يجري في امريكا وفهمهم للحقائق يعتبر هاما جدا ففي الحقيقة تدرك شعوب العالم ان الشعارات الامريكية قد فقدت بريقها وهناك سؤال يتبادر الى اذهان الشعوب في العالم بأن امريكا التي تتشدق بالديمقراطية كيف تقمع شعبها ولا تطبق الديمقراطية في مجتمعها كما يجب.
وقد كشفت الاضطرابات التي حدثت في امريكا حقائق هامة اولها اكتشاف الامريكيين السود الصامتين بأن الدعايات الواسعة والممتدة منذ خمسين عاما حول انتهاء التمييز العنصري هي غير حقيقية وان التمييز العنصري مازال موجودا ويجب القيام بعمل حيال هذا الأمر ما يعني ضرورة وضع قوانين جديدة وايجاد سبل جديدة لانهاء هذا التمييز.
وتظهر الاحداث الجارية الآن ان الحركة السلمية لمارتن لوثر كينغ الذي قاد السود ضد التمييز العنصري لم تنجح حتى الآن بعد مرور خمسين عاما لكن هناك حقيقة اخرى في المقابل وهي ان الاضطرابات العنيفة ايضا لم تحقق اهدافها حتى الآن ولذلك يمكن القول بأن السود يعانون من فقدان وجود لوبي للسود يلتف جميعهم حوله ويقبلون بقيادته لهم فالحركة التي يقوم بها السود الآن في امريكا لن تنجح في غياب شخصية مثل مارتن لوثر كينغ يقوم بتمثيل السود والدفاع عن حقوقهم وان هذا التحدي سيبقى ماثلا امام السود في امريكا مازال هذا الشخص الذي يستطيع الدفاع بقوة عن السود غير موجود.
ويمكن للسود ايضا ان يأخذوا الدروس مما يحصل اليوم ويسعوا الى ايجاد طرق جديدة للنضال منها الكفاح العنيف او المواجهة وجها لوجه او النضال السري كما يمكن لهذه الحركة التي يقوم بها السود الآن ان تشكل مرجعية لجميع السود الامريكيين في المستقبل.
ان الاحتجاجات التي يقوم بها السود في امريكا لن تهدأ بسهولة وان الأزمة ستستمر الى حين ترسيخ عدم التمييز العنصري في عقول واذهان الامريكيين وسيظل المجتمع الامريكي يعاني من مشاكل داخلية مازال هذا التمييز بين السود والبيض قائما بانتظار بلورة قيادة للسود في داخل امريكا تعمل على انتزاع حقوق المواطنين السود .