الوقت- مع إقتراب كل إنتخابات رئاسية في إيران تزداد التكهنات حول ماهية الرئيس الجديد وطبيعة الإصطفافات، فتبدأ التوقعات والمقارنات وتتجه الأنظار نحو صناديق الإقتراع التي ستحدد مصير البلاد للأربع سنوات القادمة. حول هذه المواضيع وأخرى مهمة كان لموقع الوقت الاخباري حوار مع الخبير اللبناني في الشأن الايراني، الدكتور محمد شمص، جاء في تفاصيله:
الوقت: من خلال متابعتكم للشأن الايراني ما هي توقعاتكم لنتائج الانتخابات الرئاسية خصوصا بعد انسحاب كل من قاليباف وجهانغيري؟ وهل ستحسم من الجولة الاولى؟
د.شمص: "في هذه الانتخابات اعتقد ان المنافسة ستكون حامية نتيجة وجود عدد من المتنافسين من تيارين اساسيين، التيار الاصولي والتيار الاصلاحي، وإن انسحاب السيد قاليباف لمصلحة السيد رئيسي والسيد جهانغيري لمصلحة الشيخ روحاني بطبيعة الحال سيدفع نحو محاولة حسم الانتخابات من الدورة الأولى، وارى ان بقاء اربعة مرشحين فقط سيجعل المنافسة اسهل بين رئيسي وروحاني، فهما المنافسان الرئيسيان لرئاسة الجمهورية على مستوى اصوات الناخبين، ويبدو ان حظوظ الفوز متقاربة جدا خصوصا ان استطلاعات الرأي اشارت مؤخرا الى تقدم السيد ابراهيم رئيسي، لكن نتيجة لرغبة الايرانيين عموما باعطاء فرصة ولاية ثانية لرئيس الجمهورية حسب ما جرت العادة في معظم الدورات السابقة لا يزال الشيخ روحاني يمتلك حظوظا بالفوز."
الوقت: شهدنا اهتماما كبيرا واقبالا غير مسبوق في الحملات الانتخابية للمرشحين، على ماذا يدل هذا برأيكم؟ وهل تتوقعون نسبة اقتراع مرتفعة؟
د.شمص: "ان هذه المشاركة الواسعة في ايران، سواء في الحملات الانتخابية او في صناديق الاقتراع، وما تشير إليه الارقام الاولية عن امكانية مشاركة سبعين بالمئة وما فوق في الانتخابات،ان دلت على شيء فهي تدل على مستوى الحراك السياسي الموجود في ايران، وعلى رغبة الايرانيين في تداول السلطة والممارسة الديمقراطية في ظل النظام الاسلامي. لذلك اعتقد ان المجتمع الايراني في هذه الانتخابات يشير مرة اخرى الى مدى حيويته ووعيه ودرايته للواقع السياسي، ويعكس مشهدا ديمقراطيا اسلامیا لا نظير له على مستوى دول المنطقة والاقليم."
الوقت: برأيكم ما هو تأثير نتائج هذه الانتخابات على الاوضاع في المنطقة؟
د.شمص: "دون ادنى شك التغيير في رئاسة الجمهورية الايرانية سيترك آثاراً على مستوى المواجهة السياسية في المنطقة والاشتباك السياسي القائم، سواء المشروع الامريكي الاسرائيلي، او الجماعات التكفيرية الارهابية وداعميها في المملكة العربية السعودية وبعض الدول الخليجية."
وتابع قائلا: "على سبيل المثال، ان وصول المرشح ابراهيم رئيسي الى رئاسة الجمهورية الايرانية يعني اندفاعة وجرعة جديدة للجمهورية الاسلامية لمواجهة التحديات الامريكية والاسرائيلية والسعودية التي تشكل اليوم خطرا على ايران من خلال التصريحات التي ادلى بها وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان مؤخرا قائلا انه سينقل المعركة الى داخل ايران. في حين ان الشيخ روحاني ايضا هو شخصية حوارية ووجوده يرسل رسائل اطمئنان الى الدول العربية ودول العالم بأن ايران تريد الحوار مع الآخرين، وهذا ما اعلنت عنه ايران مؤخرا بأنها مستعدة للحوار مع السعودية لكنها لا يمكن ان تسكت عن تجاوزات الاخيرة في المنطقة، سواء مجازرها في اليمن او اعتداءاتها ودعمها للجماعات الارهابية والتكفيرية في سوريا والعراق."
الوقت: ما هو تعليقكم على ما تروج له بعض وسائل الاعلام العربية والغربية حول تدخل المرشد الاعلى في مجريات الانتخابات؟
د.شمص: "هذه سنفونية يرددها الاعلام الغربي وبعض الاعلام المعادي لإيران في كافة المراحل الانتخابية منذ انتصار الثورة الاسلامية حتى الآن، في محاولة لزجّ المرشد الاعلى للثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي في الخلافات الداخلية والصراع الانتخابي بين التيارات الاساسية."
واضاف: "الامام الخامنئي لا يدعم أي شخص، لأن هذا الامر مخالف للقانون، وهو لا يرتكب مخالفة قانونية بدعم مرشح دون آخر، هو يضع المواصفات فقط والشعب الايراني يعرف اين تنطبق وعلى اي مرشح من المرشحين الاربعة". معتبرا ان هذا شيئ واضح وجلي لكل متابع للشأن الايراني.
الوقت: برأيكم ما هي اوجه الشّبه والاختلاف بين الانتخابات الرئاسية في ايران وسائر دول العالم؟
د.شمص: "ان الانتخابات في ايران تتميز اولا بأنها إنتخابات شفّافة ونزيهة، إنتخابات بمشاركة حقيقية واسعة بعكس الانتخابات التي تجري في دول العالم وفي اوروبا، حيث تكون المشاركة متدنية، إلا في بعض الحالات النادرة، إذ أن المشاركة في الانتخابات الايرانية بلغت في السنوات الماضية السبعين والثمانين بالمئة وهذا رقم كبير جداً، واليوم من المتوقع حسب الاستطلاعات ان تصل النسبة الى سبعين بالمئة وما فوق، مما يميز الشعب الايراني ويجعله قريب من النظام ومشاركاً فيه، ويدل على تمسكه به واهتمامه بتداول السلطة، بعكس الكثير من دول المنطقة والعالم، حيث نلاحظ ان المشاركة ونسب الاقتراع فيها تكون ضئيلة، وهناك شريحة كبيرة صامتة في كثير من المجتمعات العربية والغربية بعكس ايران التي لا تشكل الشريحة الصامتة فيها فارقا كبيرا في الانتخابات وهذه من اهم صفات القوة للجمهورية الاسلامية الايرانية."
وفي ختام حديثه اكد ان مشهد تداول السلطة واجراء الانتخابات على انواعها في مواعيدها دليل على تطبيق ايران للديمقراطية بمفهوم اعطاء الحق للشعب بتقرير مصيره بنفسه.