الوقت- منذ بداية الأزمة السورية تقريباً أخذت الهوة بين إيران والسعودية تتسع، رافق ذلك حالة من المد والجزر في العلاقات بينهما حتى وصلت الى حالة الطلاق إذا صح التعبير بعد الغزو السعودي لليمن.
هذا الصراع الإعلامي والسياسي الى حد الأن، كانت له ساحات عديدة على امتداد الشرق الأوسط من فلسطين والبحرين مروراً بلبنان وصولاً الى الساحة اليمنية التي فجرت آخر صمامات الهدوء السياسي بينهما.
فمنذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران سعت طهران إلى تحسين العلاقات مع الرياض لكن في كثيرٍ من الأحیان كانت تصطدم بالتعنت السعودي الذي كان يرى من منظار سعود الفيصل وزير الخارجية وبندر بن سلطان مدير المخابرات السابق، هذا التعنت رافقه حملات من التضليل الإعلامي عبر ماكينات السعودیة الإعلامية التي كانت تساهم في ما يعرف كي الوعي لدى المشاهد من أجل طمس حقائق خداعهم وتحريض الجمهور ضد إيران وهذا ما دأبت عليه قناة العربية التي كان الشحن الطائفي محور مادتها الإعلامية على طول ساعات البث.
لم تکتف مملکة القهر بكمية الضخ الإعلامي التضليلي من على شاشاتها الرسمية بل عمدت الى شراء ذمم كثير من الإعلامين والقنوات التي تغرد على هوى حفنات الدولارات معتمدةً الأسلوب الأمريكي في تشويه صورة الخصوم كما حدث مع حزب الله والتي اعترفت به ادارة بوش الإبن حيث انفقت ملايين الدولارات من أجل تشويه صورة المقاومة.
لبنان الساحة التي تهاجم منها السعودية ايران
يعتبر لبنان من الدول الأكثر تاثيراً بنتائج الصراع في الشرق الأوسط نتيجة لعدة إعتبارات لسنا بوارد ذكرها، ولهذا كانت بعض القنوات السياسية والإعلامية في لبنان منبر لمهاجمة إيران وتلفيق التهم الجاهزة خاصة في مرحلة الإغتيالات التي طالت رموز من 14 أذار معتمدةً على الإتهام السياسي وموجهةً أصابع الإتهام الى اما حزب الله وإما ايران أو سوريا، وآخر الفصول التي تبين واقع الطرف الأخر هو اتهام ايران بمحاولة اغتيال السفير السعودي في لبنان، اتهام جاء من اكثر من جهة لبنانية لها ارتباط بتيار السعودية في لبنان "المستقبل"، مرافقة لحملة شنتها قناة العربية، غمزت في اكثر من اتجاه الى اتهام طهران وحزب الله، لكن من يعرف تلك القناة يعلم انها من القنوات الأكثر كذباً على الإطلاق معتمدة مقولة "ان تكذب اكثر".
وعلى سبيل تلفيق الاكاذيب قامت قناة العربية والتي تبث من دبي ببث مقطع فيديو لمدربین قالت انهما ايرانيان يدربان يمنيا على قيادة طائرة حربية، ولم توضح القناة تفاصيل عن هذا الفيديو، الذي يتبين من خلال التدقيق الفني فيه انه غير صحيح ومفبرك، بالاضافة الى انه لم يظهر اي تدريب يمارسه الطيار، وهنا سؤال يطرح نفسه كيف يمكن تعلم قيادة الطائرات في ايام معدودة على بدء العدوان علماً ان تعلم التحليق بالطائرات يتطلب سنوات؟ لذلك تسعى تلك القنوات الى اغراق عقل المشاهد بالمعلومات الكاذبة لنسج سيناريو في خيال المشاهد يتضمن الرؤيا التي تعتمدها القنوات.
ولكن الجديد في الموضوع قضية الاتهام والتلفيق، وهي محاولة التلميح إلى دور إيراني محتمل في محاولة اغتيال السفير السعودي، حيث عبر عسيري عن أسفه أن تستخدم الأراضي اللبنانية لعمليات تخدم أجندات خارجية، عسيري الذي تحدث لقناة العربية الحدث عن نية الاغتيال قال ان الأمن اللبناني لم يبلغه رسمياً حول وجود مخطط لاغتياله، إلا أن ضبط اثنين من المتورطين في هذا المخطط يؤكد وجوده.
والجدير بالذكر ان هذه المعلومات جاءت في صفحات مجلة الشرع اللبنانية المعروفة بعدائها للمقاومة والتي لفتت إلى أن القوى الأمنية اللبنانية أحبطت مخططا لاغتيال السفير عسيري، وتم إيقاف شخصين متورطين في المخطط، وهما سوري وفلسطيني.
لذلك حاولت القنوات السعودية الهوى بتناقل الخبر بشكل كبير محدثة ضجة اعلامية في الوقت الذي لم يصدر فیه اي بيان عن الاجهزة الامنية اللبنانية حول الموضوع، لذلك كانت تهدف تلك الابواق الاعلامية التي وجهت الاتهام الى ايران إلی التعتيم على المجازر التي ترتكبها السعودية في اليمن والتي لم يجرؤ احد على اعتراض الهمجية السعودية الا ايران و حزب الله والشرفاء في الامة.
وليست هذه المرة الاولى التي يقوم فیها الفريق القريب من السعودية بهكذا اتهامات فبعد اغتيال الحريري عام 2005 قام هذا الفريق باتهام سوريا والتي ادت فيما بعد الى قتل عدد لا باس به من السوریين العاملين في لبنان وايضاً سجن الضباط الاربعة مدة 4 سنوات دون اي دليل وقد افرج عنهم لعدم ثبوت ادلة، وجرى بعدها مسلسل اغتيالات في صفوف 14 أذار التي اتهمت حزب الله وايران وسوريا.
هذا المسلسل من الاتهامات ما هو الا تمييع للموضوع الحقيقي حول الفشل السعودي في اغلب ملفات المنطقة ولا سيما اليمن الأمر الذي اثبت ان الفشل اصبح ملء عيون السعوديين الذين يحاولون القيام بعرضات اعلامية واتهامات هي اقل قيمة من الكلام الذي يتكلمون به لذلك فان الاتي من الايام ستفرغ ما في صدورهم من غلٍ بعد ان فرغت عقولهم من ادنى مقومات التفكير السليم.