الوقت- طفلة سورية صغيرة تجلس في مشفى ميداني وجهها ملطخٌ بالدماء وغبار الحطام، إنها إحدى أطفال الفوعة وكفريا من اللاجئين الذين تعرضوا لتفجير غادر استهدف قافلتهم في منطقة الراشدين غربي حلب.
ولو وضعنا صورة الطفلة السورية هذه التي ليس لها أي ذنب فيما يحصل، مقابل صورة الطفل الحلبي عمران التي هيمنت على أخبار الصحف العالمية وهو جريح ويرمق الكاميرا بنظرة ذهول وهول، لما وجدنا أي فارق ولو بسيط بين الصورتين الباعثتين للأسى.
إلا أن وسائل الإعلام العالمية المسيّسة "المفترض تحضّرها"، ترى اختلافا شاسعا بين الطفلين المذكورين آنفا، فعمران يخدم توجهاتها المظلمة مستغلين براءته، والترويج لصورته إعلاميا يخدم سياسة البلدان الغربية من جهة، ويشوّه صورة الحكومة السورية وحلفائها في نظر الرأي العام العالمي من جهة أخرى، بينما نراه يتحفّظ على نشر صورة الطفلة السورية التي سقطت جريحة جرّاء تفجير تعرضت له وعائلتها خلال توجههم الى حلب.
وإجابة السؤال الذي كنا نودّ طرحه واضحة بصورة جليّة، لو أن الصحف العالمية قامت بطبع صورة الطفلة اللاجئة من الفوعة وكفريا على صفحاتها الأولى لسقط قناع الغرب وأدواته في سوريا وبانت الحقيقة للجميع "حقيقة أن مايسمى المعارضة ليس سوى حفنة من المرتزقة الحاقدين طائفيا على جميع المذاهب الدينية".
نعم إن صورة الطفل عمران تعدّ رمزا لمآسي الحرب في سوريا، إلا أن المتاجرة بها لصالح جهة معينة على حساب جهة أخرى هو مايبعث على الحزن، فالمجزرة التي تعرض لها أهالي كفريا والفوعة من اللاجئين والذي من المقرر نقلهم الى حلب ضمن اتفاق مع المعارضة المسلحة، لم تكن محطّ اهتمام لوسائل الاعلام الغربية والعربية كما شهدناه مع حالة الطفل "عمران"، مع العلم أن غالبية الضحايا هم من الأطفال والنساء.
ومع مرور عدّة أيام على مجزرة الراشدين بحقّ أهالي الفوعة وكفريا، كنا ننتظر على أحرّ من الجمر أن تتصدر صور ضحايا التفجير الارهابي الذي استهدف حافلات اللاجئين الصحف العالمية ووكالات الأنباء الدولية، إلا أن العكس هو ما حصل فقد تم تهميش الخبر بأسلوب مثير للسخرية.
في حقيقة الأمر، قامت الصحف الغربية بتجاهل نبأ سقوط 116 طفلا شهيدا جرّاء تفجير القافلة دون أن تعبأ بالقيم الأخلاقية والانسانية وبواجبها في نقل الحقيقة.
وكما يقال "يمرّ الموقف وتنتهي فرصة الكلام" المؤلم في هذه الأمر أن الإرهابيين أغروا اللاجئين من أهالي الفوعة وكفريا بالخروج من حافلاتهم بتوزيع وجبات خفيفة قبيل الانفجار.
ولو عدنا بالذاكرة الى ما قاله إحدى الجرحى من الحافلات المنكوبة بأن سيارة غريبة اقتربت من القافلة من جهة حاجز المسلحين، وقد نادى من فيها أطفال النازحين للنزول من الحافلات لاستلام الوجبات الخفيفة "لتبيّن لنا مدى دناءة هذا الهجوم". وحينها للأسف استجاب كثير من الأطفال لهذا العرض خاصة وأنهم عانوا فترة طويلة من الجوع وكانوا قد قضوا داخل الحافلات حوالي 48 ساعة دون أن يسمح لهم بمغادرتها إلا لعشرة دقائق قبل الإنفجار الذي وقع بعد أن اقترب الأطفال من سيارة المسلحين.
مايثير الحفيظة تصريح امرأة من ركاب إحدى الحافلات حيث أشارت إلى أن عدة سيارات إسعاف تركية كانت موجودة قرب القافلة قبل الانفجار، سارعت فور وقوعه إلى نقل القتلى والجرحى في اتجاه مجهول ولا يزال مصير كثير من الضحايا غير معروف، فهل كان الأتراك على علم بنيّة الإرهابيين في تنفيذ التفجير؟.
السؤال الذي نودّ طرحه في نهاية هذا التحليل، هو "لماذا تصدّرت صور الطفل السوري الغريق "ايلان" الصفحات الأولى لوسائل الاعلام العالمية والعربية.. ومن بعده صورة الطفل الجريح "عمران" أيضا وعلى نفس المنوال، إلا أن صورة الطفلة الجريحة من أبناء الفوعة وكفريا والتي لم نحصل على اسمها حتى لم تتصدر أية صحيفة عربية ولاغربية؟.