الوقت - تأتي أمريكا في المرتبة الأولى بين الدول التي تشهد عمليات عنف واستخدام للأسلحة النارية ضد المدنيين باعتراف نفس الرؤساء الأمريكيين.
وهذه المعضلة فرضت نفسها على الواقع الأمريكي إلى الحد الذي باتت فيه وسائل الإعلام في هذا البلد تتناولها بشكل شبه يومي.
وتشير الإحصائيات التي تكشفها هذه الوسائل إلى أن 50 بالمئة من الأسلحة الشخصية في العالم تعود إلى أشخاص أمريكيين في حين لا يتجاوز العدد الكلي للشعب الأمريكي الـ 5 بالمئة من مجموع السكان في العالم.
وبسبب امتلاك هذا السلاح يفقد الآلاف من الأمريكيين حياتهم سنوياً جراء إطلاق النار في حوادث متفرقة في مختلف أنحاء البلاد.
وطبقاً للإحصائيات المتاحة حصلت أكثر من 17 ألف حالة إطلاق نار خلال الأشهر الأربعة الماضية من العام الجاري؛ أي بمعدل أكثر من 127 حالة في اليوم الواحد. وأدت هذه الحوادث إلى مقتل أكثر من 4 آف شخص وأكثر من 8 آلاف جريح. أي بمعدل 30 قتيل ونحو 60 جريح في اليوم الواحد بينهم الكثير من الأطفال والشباب.
واستهدفت هذه الحوادث حوالي 730 منزل خلال المدة المذكورة؛ أي بمعدل 5 منازل في اليوم الواحد. وفقد نحو 80 من عناصر الشرطة حياتهم نتيجة تبادل إطلاق نار مع مواطنين أمريكيين خلال تلك المدة.
وأشارت هذه الإحصائيات إلى أن حوالي 22 ألف أمريكي يستخدمون أسلحتهم الشخصية في الانتحار سنوياً من مختلف الفئات العمرية، أي بمعدل 60 شخص في اليوم الواحد من كلا الجنسين.
ووقعت الكثير من هذه الحوادث في المدارس بكافة مراحلها وشملت الجامعات والمراكز الخدمية والتسويقية والمباني الحكومية وأماكن العبادة والحدائق العامة ولم تستثني حتى النوادي الرياضية ومراكز تجمع المثليين.
وأعلن مركز إحصائيات حوادث إطلاق النار في أمريكا إن عدد حوادث إطلاق النار منذ بداية عام 2016 وحتى تاريخ نهاية ديسمبر بلغ 57371 حالة، خلفت 14859 قتيلاً و30315 جريحا، وكان 662 من القتلى أطفال دون الـ 11 سنة و3069 ناشئين بين 12 عاماً و17 عاماً و381 حالة من حالات إطلاق النار كان قتلاً جماعيا.
وحسب هذه الإحصائية فإن 2460 حالة من حالات إطلاق النار كانت أثناء حوادث السطو المسلح على المنازل وان حالات الدفاع عن النفس كانت فقط 1843 حالة وان 2140 حالة فقط كانت عن طريق الصدفة. وفي عام 2015 كان عدد حالات إطلاق النار 53492 حالة وعدد القتلى 134744 قتيلا.
وبحسب مركز "برينان للعدالة"، التابع لكلية الحقوق بجامعة نيويورك، فإن أعمال العنف في أمريكا زادت في 2016 بنسبة 3.3%، فيما ارتفعت حوادث القتل بنسبة 14%.
من جهتها ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" إن أفراد الشرطة قد قتلوا 957 شخصاً في عام 2016 وهذا العدد لم يختلف كثيراً عن أعداد عام 2015. وتشير التحقيقات إلى أن أكثر من قتلوا على يد الشرطة هم من السود، كما أن ربع المقتولين على يد الشرطة هم من المرضى النفسيين والعقليين، ورغم وعود الشرطة بالإصلاحات لكن يبدو أن العنصرية والعنف لدى الشرطة أصبحت عادة لايمكن إصلاحها على المدى المنظور.
وفي وقت سابق أطلق جهاز الـ "أف بي آي" تحذيراً حول ازدياد العنف والجرائم في مختلف الولايات الأمريكية، وأشار إلى أن معدلات الجريمة في البلاد تصل إلى حدود 400 جريمة لكل مئة ألف مواطن بينها حالات السلب والقتل والاغتصاب والسرقة ومختلف أنواع الهجمات المسلحة.
ويؤكد المراقبون بأن الفساد والعنصرية والعنف لدى الشرطة الأمريكية مستمدة من الفساد المستشري في النظام الأمريكي الحاكم؛ فالمال له نفوذ كبير في نظام الحكم وهذا يصدق على الشرطة أيضاً، فشركات الأسلحة تبذل كل ما بوسعها لجر المجتمع نحو العنف وبيع المزيد من السلاح لتحقيق أرباح.
ضحايا العنف المسلح، صدمة الإحصاءات
فيما يلي نشير إلى أبرز عمليات إطلاق النار التي حصلت في أمريكا خلال السنوات الأخيرة وعدد الضحايا التي نجمت عنها:
- 32 قتيلاً في إطلاق نار داخل جامعة فرجينيا للتكنولوجيا في بلاكسبرج بولاية فرجينيا، والذي وقع في 16 أبريل/نيسان عام 2007، ونفذه طالب بالجامعة كان يبلغ من العمر 23 عاما، قبل أن ينتحر.
- 13 قتيلاً و32 جريحاً في إطلاق نار بقاعدة "فورت هود" العسكرية بولاية تكساس، في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2009، ونفذه ضابط في الجيش الأمريكي، ثم قبضت عليه السلطات وحكمت عليه بالإعدام.
- 27 قتيلاً في هجوم إطلاق نار على مدرسة "ساندي هوك" الابتدائية بولاية كونيتيكت، في 14 ديسمبر/كانون الأول عام 2012، ونفذه شخص يبلغ من العمر 20 عاما، وقد أطلق النار على 20 طفلاً تتراوح أعمارهم بين الست والسبع سنين، وستة بالغين منهم موظفي المدرسة وأعضاء هيئة التدريس، قبل أن يوجه السلاح إلى نفسه. وأثناء التحقيق، عثرت الشرطة على والدة الجاني مقتولة إثر طلقة نارية.
- مصرع 14 شخصاً وإصابة 17 آخرين خلال إطلاق نار في مركز إنلاند الإقليمي لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة بولاية كاليفورنيا. ووقع الحادث في الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 2015، ونفذه شخص كان يعمل كمتخصص بيئي لمقاطعة سان برناردينو مع زوجته.
- 50 قتيلاً في إطلاق نار على نادي "بلس" الليلي للمثليين بمدينة أورلاندو بولاية فلوريدا، والذي وقع في 12 يونيو/حزيران 2016، ونفذه شخص يبلغ من العمر 29 عاما، وكان يعمل كحارس أمن خاص. وقد أطلقت الشرطة النار عليه وقتلته بعد احتجازه لفترة وجيزة بعض الناس كرهائن.
ويعتقد المراقبون إن سهولة اقتناء السلاح والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية تزيد معدلات العنف بالسلاح في أمريكا، كما أن استمرار تفشي الفقر والبطالة وعدم توفر الفرص التعليمية للجميع وعدم كفاءة الشرطة في هذا البلد يهدد أمن المجتمع الأمريكي.
والتساؤل المطروح: هل يحق لأمريكا المليئة بالعنف والإجرام أن تتحدث عن السلام وحقوق الإنسان في العالم مع كل هذه الجرائم التي يشهدها مجتمعها، والتي هي في تزايد مستمر وفق الإحصائيات والمعطيات المتوفرة؟!