الوقت- مواطنة افريقية - امريكية تموت في احد سجون ولاية تكساس الامريكية والشرطة تقول انها انتحرت. الخبر الذي انتشر في 13 تموز الماضي رافقته شكوك وتساؤلات ترمي الى احتمالية ان تكون الفتاة قد تعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي داخل السجن، بل وتتعداه الى احتمال ان تكون قد قتلت.
ساندرا بلاند، الفتاة الامريكية من اصول افريقية، البالغة 28 عاما كانت قد اعتقلت قبل ايام من الحادثة اثر مخالفة مرورية، فهي انعطفت دون اعطاء اشارة تغيير المسير. وزعم الشرطي انها قاومت الاعتقال، الا ان مقطع فيديو يوضح ان الاعتقال كان هادئا الى ان طلب الشرطي من ساندرا ان تضع سيجارتها جانبا فاجابت: انا في سيارتي لماذا اضعها جانبا؟ ما دفع الشرطي الى سحب سلاحه بوجهها والطلب منها الترجل من السيارة وبعد ذلك طرحها ارضا وقيدها وانهال عليها بالضرب، نقلت بعد ذلك الى سجن للتحقيق معها.
وبعد أيام قليلة وجدت ساندرا وهي منتحرة، أو مقتولة داخل السجن . خبر موت ساندرا اصاب اهلها واصدقائها بالذهول، فهم لم يصدقوا قصة انتحارها خاصة وانها كانت تمر بفترة جيدة على صعيد العمل والعائلة. فما الذي يدفع فتاة في مقتبل العمر وبوضع نفسي جيد الى الانتحار؟ وسارعت الشرطة القضائية الى التحقيق في القضية وطلبت تشريح الجثة استجابة لطلب اهل الضحية.
شريط الفيديو الذي عرضته السلطات الأمريكية لم يكن كاملا، بل تم التلاعب به وتعرض للتعديل والقص وإخفاء الصوت مما زاد الشكوك واضاف غموضا جديدا حول القضية، أمور كثيرة دفعت البعض إلى أن يقول إن ساندرا تعرضت للاضطهاد والعنصرية وقتلت.
اثار موت ساندرا موجة من الغضب والاعتراض في المجتمع الامريكي ووسائل الاعلام وطرح عدة تساؤلات. فلم تعد هذه القصة لشابة تنقل الى السجن بعد مخالفة صغيرة، وبدل ان تعود الى منزلها، تفقد حياتها داخل الزنزانة. حتى الآن، هناك أربعة نساء سود فقدن حياتهن بعد فترة لا تتعدى اليومين من احتجازهن لدى الشرطة، حتى من يقدر لها ان تخرج من السجن تعود الى بيتها مع الكثير من الالم والاذى النفسي. يذكر ان اغلب النساء الموقوفات هم شابات. هذه الحوادث تفتح باب التحليل على مصرعيه حول ما يجري داخل هذه الزنزانات ومدى التعديات التي يمارسها عناصر الشرطة.
هذه ليست الحادثة الاولى من نوعها التي تحصل في امريكا ولن تكون الاخيرة، فالإحصائيات الرسمية الأمريكية تؤكد أن هذه الحوادث ليست فردية، بل هي جزء من المجتمع الأمريكي، خاصة إذا عرفنا أن هناك أحياء راقية نظيفة للبيض، وهناك أحياء شعبية يقل مستواها عن مستوى أحياء العالم الثالث للسود، وهناك مدارس خاصة لأبناء البيض، ومدارس خاصة لأبناء السود، ونجد نسبة البطالة ترتفع عند السود أكثر من البيض، وهذا يعني أن قانون الحقوق المدنية الذي يتغنى به الامريكيون ليس الا حبراً على ورق ولا شيء منه على ارض الواقع. والنظام الامريكي يعاني من شوائب وفساد على مستوى الشرطة والقضاء.
امريكا التي تتغنى بالحرية والديموقراطية والمواطنة والمساواة، امريكا التي تدعي رفض العنف ونبذ التعصب والعنصرية وما الى ذلك من الشعارات الرنانة، امريكا التي توحي للعالم انها تهب لنصرة المظلوم وتتدخل بالدول والانظمة وتعظها، بات الاجدر بها اليوم ان تنظر ولو قليلا الى بيتها الداخلي وتتفرغ لمحاربة العنصرية والتعصب والاهانة والتزوير.
قضية موت ساندرا بلاند وغيرها من القضايا تضئ على واقع المجتمع الامريكي وتستجلب الانتباه الى النظام الأمريكى وما يعانيه من فساد على مستوى الشرطة والقضاء.