الوقت- يبدو أن الأمريكيين قد سأموا حليفهم السعودي وأدركوا أنه أضعف من حسم المعركة في الساحة اليمنية، فبعد رهان دام أكثر من سنتين لم تتمكن السعودية وحلفاؤها من تحقيق أهدافها من غزو اليمن، وأثبت الشعب اليمني أنه قادر على الصمود ومواجهة العدوان بأضعف الإمكانات ومن خلال تضامن أطياف الشعب اليمني الذي يرفض العودة لظل العباءة السعودية التي كانت إلى الأمس القريب تعتبر اليمن حديقتها الخلفية التي يجب أن تبقى بورا.
وتشير المعلومات السياسية والعسكرية إلى أن الأمريكيين ينوون إخضاع الشعب اليمني عبر دعم التنظيمات الإرهابية هناك، ونقل مجموعات من تنظيم داعش من سوريا والعراق (حيث أُطبق الخناق عليهم) إلى اليمن عبر ممرات جوية وبحرية. فبعد أن فشل آل سعود في عدوانهم عاد الأمريكيون لاعتماد سياستهم القديمة الجديدة، والاستفادة من ورقة الإرهاب وذلك للسيطرة على السواحل اليمنية وما تمتلكه تلك السواحل من قيمة حيوية في المنطقة والعالم ومن تأثير على الملاحة الدولية.
وتتقاطع هذه المصلحة الأمريكية مع مصلحة إسرائيلية أكيدة. فمن جهة يريد الأمريكيون السيطرة على السواحل اليمنية بهدف الضغط على روسيا والصين وكوريا والحد من تدفق البضائع التجارية عبر مضيف باب المندب. ومن جهة أخرى يقوم الكيان الإسرائيلي بالاستفادة من هذا الأمر كورقة ضغط على كل من مصر والدول الإفريقية المجاورة والتي لها مصالحها مع أعداء إسرائيل.
كما أن وقوع باب المندب والساحل اليمني بيد التنظيمات الإرهابية يشكل الذريعة الأفضل لأمريكا لتتواجد بشكل قوي في تلك المنطقة، إضافة إلى أن الأمريكيين والإسرائيليين قد استشعروا الخطر الإستراتيجي الذي يهددهم بعد استهداف البارجة السعودية من قبل القوات اليمنية وتدميرها قبالة سواحل الحديدة أواخر كانون الثاني يناير الماضي.
هذا الأمر أكده القيادي في المؤتمر الشعبي العام في اليمن "محمد أنعم" لوكالة سبوتنيك الروسية، حيث نقل عن مصادر ميدانية مطلعة ما مفاده أن السعودية قامت خلال الأسبوع الماضي باستقدام 400 عنصر من تنظيم داعش الإرهابي على متن ثلاث سفن قادمة من سوريا. والهدف هو تعزيز قوات مایسمی بالتحالف العربي الأمريكي لفرض سيطرة هذا التنظيم على باب المندب.
طبعا نقل الدواعش من سوريا إلى اليمن تم أكثر من مرة، فخلال الأعوام الماضية تم نقل آلاف الدواعش عبر طائرات تركية وسعودية وإماراتية إلى اليمن بهدف تعويض الخسائر في صفوف مرتزقة العدوان السعودي، كما تحدثت تقارير عن مساعدة الموساد الإسرائيلي في نقل إرهابيين من الجنوب السوري إلى الجنوب اليمني عبر قنوات مختلفة.
وبالعودة إلى تصريحات "أنعم" فقد أكد أن الدور الأمريكي في اليمن ليس مستجدا، فالأمريكيون وقفوا إلى جانب العدوان السعودي منذ بداياته في آذار مارس من عام 2015، ولكن المستجد هو التدخل المباشر في الميدان اليمني، خاصة بعد القصف الأمريكي لعدد من المواقع المدنية وقتل أبرياء من النساء والأطفال بحجة محاربة التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش. وهو الأمر الذي بات مكشوفا للرأي العام.
وهنا نشير الی أن الشعب اليمني قد اختبر الغارات الأمريكية التي تستهدف تنظيم القاعدة من سنوات طويلة، وهناك عشرات التقارير التي تتحدث عن قصف أمريكي بطائرات من دون طيار لمدنيين أبرياء. ودائما ما كان الأمريكيون يعلنون أعقاب كل غارة عن استهداف قيادات من القاعدة. وهذا الأمر تم دحضه بشكل كامل من قبل ناشطين حقوقيين عالميين، بتقديم وثائق وإثباتات تؤكد حقيقة المستهدفين بهذه الغارات.
إذن الكل بات يدرك حقيقة الدعم الأمريكي للتنظيمات الإرهابية، وأنها تقاتل إلى جانبها في كل من سوريا والعراق، وجاء اليوم لتقاتل هذه التنظيمات في اليمن بشكل أكثر فعالية لتحقيق الأهداف الأمريكية الإسرائيلية، ولإعطاء الذريعة للتواجد العسكري المباشر في اليمن، وبالنسبة للسعودية فهي ليست سوى أداة (كما عبر أنعم) بيد واشنطن، أخذت فرصة تزيد عن السنتين قتلت وشردت خلالها الآلاف من اليمنيين الأبرياء ولم تتمكن من تحقيق أهداف سادتها في واشنطن. لذلك فهي موظفة اليوم لحشد الإرهابيين وبالخصوص الدواعش من كافة أرجاء الأرض للقدوم إلى أرض اليمن وتحقيق الهدف الصهيو-أمريكي المخطط.