الوقت- في دليل جديد على حالة التخبط التي تعيشها ادارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكد وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الثلاثاء، أن ايران تفي بجميع التزاماتها بشأن برنامجها النووي حتى 18 نيسان/أبريل الجاري، ودعا الى إعادة درس تعليق العقوبات المتعلقة بإيران، في تناقض واضح لتصريحاته وتصريحات رئيسه السابقة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون يوم الثلاثاء إنه أخطر الكونغرس بخطط لإعادة النظر فيما إذا كان رفع العقوبات عن إيران بموجب الاتفاق النووي سيكون في مصلحة الأمن القومي الأمريكي، وأضاف تيلرسون في بيان "الرئيس دونالد ترامب وجه بمراجعة تقوم بها الوكالات تحت قيادة مجلس الأمن القومي لخطة العمل الشاملة المشتركة التي ستقيم ما إذا كان تعليق العقوبات المتعلقة بإيران… سيكون حيويا لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة".
وكان تيلرسون الحديث العهد في السياسة، أوصى أبان تسلمه حقيبة الخارجية الأمريكي، بما أسماها "مراجعة شاملة" للاتفاق النووي مع إيران لكنه لم يدع في الوقت ذاته إلى رفض شامل للاتفاقية التي تم إبرامها عام 2015، والتي دعت الى الرفع التدريجي للعقوبات الدولية ضد إيران مقابل إخضاع البرنامج النووي الإيراني لوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ادارة ترامب ومواقفها المتخبطة من الاتفاق النووي
ولطالما كان موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (كما وزير خارجيته) من الملف النووي متخبطاً منذ اعلان نفسه مرشحاً للرئاسة، مما جعل إمكانية التنبؤ بموقفه تجاه الملف غير واضح وسهل، حيث اكد في تصريحه له خلال الحملة الانتخابية بأن " الاتفاق النووي كارثة و أسوأ اتفاق جرى التفاوض بشأنه على الإطلاق ويقود الى محرقة نووية ".
كذلك شكل الاتفاق النووي أحد أهم "صكوك البراءة والغفران" التي قدمها ترامب للكيان الاسرائيلي، وتعهد خلال لقائه بلجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك) (وهي جماعة ضغط موالية لإسرائيل) خلال حملته الانتخابية أن أولويته الأولى ستكون تفكيك الاتفاق الكارثي مع إيران.
وعاد ترامب بعد فوزه في انتخابات الرئاسة الأمريكية ليؤكد مضيه في طريق تنفيذ وعده بنقض الاتفاق الذي ثبت بقرار أممي، واصفا إياه بالأكثر سوءا وحماقة.
كما كرر ترامب قبل أيام وخلال مقابلته مع محطة فوكس نيوز الامريكية، تهجمه على الاتفاق النووي، معتبرا أنه من "المشين" إبرام اتفاق مثله، وإنه لم يكن هناك سبب للقيام بذلك، وكان يجب إبرام اتفاق جيد، حسب وصفه، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق منح إيران نحو 1.7 مليار دولار، متهرباً من الإجابة عن سؤال عما إذا كان سيلغي هذا الاتفاق.
مواقف ترامب زوبعة في فنجان
ويعتبر محللون أن كلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الاتفاق النووي وإمكانية إلغائه، خلال حملته الانتخابية وبعد وصوله الى سدة الحكم في البيت الأبيض لا يتعدى أكثر من زوبعة في فنجان، مؤكدين إن ترامب بالغ في وعوده الانتخابية وإمكانية تحقيقها، فاتفاق كهذا شهدت عليه مجموعة من كبريات الدول وأكثر تأثيرا واختلافا سياسيا لن يلغيه رئيس الولايات المتحدة بقرار منفرد منه، إلا إذ أراد الانسحاب وعزل واشنطن.
اضافة الى ذلك فان ترامب وفريقه الاداري بدأ رويداً رويداً النزول عن الشجرة التي بالغ في تسلقها فبعد حديث عن الغاء أتى الحديث عن"اتفاق جيد"، ثم السعي لتعديل شروط الاتفاق، نظرا لصعوبة إلغائه باعتبار أن واشنطن مجرد طرف فيه مع دول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، كما أنه يحتاج إلى روسيا في أي توجه لإلغاء الاتفاق.
وما يؤكد صحة التحليلات السابقة هو حديث مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في وقت سابق وبعد زيارته الى واشنطن ولقاء كبار المسؤولين الأمريكيين وفي مقدمتهم دونالد ترامب، بأنها تلقت تأكيدات خلال اجتماعات مع إدارة ترمب بأن واشنطن ملتزمة بالتنفيذ الكامل للاتفاق النووي مع إيران.
وعلى الرغم من تصريحات ترامب وفريقه المتناقضة والمتخبطة، أكدت ايران مرارا على ضرورة احترام الاتفاق الدولي بشان الاتفاق النووي، وشددت على رفضها بالمطلق فكرة تعديل أي بند من بنود الاتفاق النووي، مؤكدة أنها لن تعيد التفاوض بهذا الشأن باعتبار أن طهران لم تبرم الاتفاق المذكور مع دولة واحدة او حكومة واحدة بل تمت المصادقة عليه بموجب قرار صادر عن مجلس الامن الدولي، ومن غير الممكن ان تغيره حكومة واحدة .