الوقت - تحظى الجولة الآسيوية التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي "ريكس تيلرسون" هذه الأيام والتي تشمل اليابان وكوريا الجنوبية والصين بأهمية خاصة، حيث يعتقد المراقبون بأنها تهدف إلى تحقيق هدفين أساسيين؛ الأول: مواجهة التهديدات الصاروخية الأخيرة لكوريا الشمالية، والثاني: امتصاص غضب بكين إزاء الإجراءات التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" والتيي ترفض الاعتراف بسياسة "الصين الواحدة"*.
ويعتقد المحللون بأن الخطة التي تريد إدارة ترامب تنفيذها أمام كوريا الشمالية تشبه إلى حد بعيد خطة الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" حيال برنامج طهران النووي، حيث تم تحشيد الكثير من الدول لفرض عقوبات اقتصادية على إيران والتلويح باستخدام القوة العسكرية ضدها، والتي استمرت لأكثر من عقد من الزمان قبل التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن مع مجموعة (5+1) في تموز/يوليو 2015.
وتأتي جولة تيلرسون الآسيوية في أعقاب إجراء "بيونغ يانغ" لتجارب ناجحة بإطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على ضرب أهداف في أمريكا وأوروبا وكوريا الجنوبية واليابان وقواعد في المحيط الهادىء.
وتهدف هذه الجولة إلى التنسيق مع الدول الآسيوية الحليفة لأمريكا لتضييق الخناق على كوريا الشمالية كما فعلت إدارة أوباما مع إيران لثنيها عن مواصلة برنامجها النووي رغم تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية على سلمية هذا البرنامج، وهذا ما أكده أحد كبار المسؤولين الأمريكيين خلال مقابلة مع شبكة "سي أن أن".
ويرى المتابعون بأن واشنطن تسعى لإقناع بكين بالدرجة الأولى وعدد من العواصم الأوروبية بتنفيذ هذه الخطة.
وفي وقت سابق قال "مارك تونر" المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إن تيلرسون حثّ الصين على فعل كل ما بوسعها لكبح جماح كوريا الشمالية. وجاءت تصريحات تيلرسون خلال لقائه نظيره الصيني "وانغ يي" على هامش الاجتماع الأخير لوزراء خارجية مجموعة العشرين في مدينة بون الألمانية.
وعلى الرغم من المساعي التي يبذلها تيلرسون لإقناع بكين بالوقوف إلى جانب واشنطن في مواجهة "بيونغ يانغ"، إلاّ أن المراقبون يعتقدون بأن واشنطن ستواجه صعوبات في هذا المجال بسبب اعتقاد الصين بأن قضية كوريا الشمالية يجب أن تحل إقليمياً وليس كما تعتقد أمريكا بضرورة تدويلها على غرار ما حصل مع الملف النووي الإيراني.
والجدير بالذكر إن واشنطن تعيش حالة من التوتر مع بكين بسبب الخلافات بشأن تحركات الأخيرة في بحر الصين الجنوبي، بالإضافة إلى رفض إدارة ترامب الاعتراف بسياسة "الصين الواحدة" في حال عدم تقديم بكين تنازلات في قطاع التجارة.
وتتضمن المساعي الأمريكية أيضاً إلفات نظر العواصم الأوروبية إلى أن التهديد الكوري الشمالي لا يقتصر على الدول المجاورة لها بل يتعداه إلى الدول البعيدة ومن بينها الدول الغربية.
ومن المقرر أن يضع تيلرسون خلال جولته الآسيوية اللمسات الأخيرة على زيارة ترامب المقررة إلى بكين في نيسان/أبريل المقبل للقاء نظيره الصيني "شي جين بينغ" للتباحث بشأن العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
--------------------------------------------------------------------------------
* "الصين الواحدة" مصطلح يعكس الموقف الرسمي للصين من القضية التايوانية، وهو الموقف الذي تراه "غير قابل للتفاوض"، وتؤكده كحجر زاوية للدبلوماسية الصينية في علاقاتها الخارجية. وترى بكين أنه "ليست هناك سوى صين واحدة، وتايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية". وعاد الحديث عن سياسة "الصين الواحدة" عقب تلميح ترامب بإمكانية إعادة النظر في تلك السياسة التي عزلت تايوان وأفقدتها الاعتراف بها من طرف دول عديدة، ومن الأمم المتحدة كذلك.