الوقت - كان اليمنيون قد عقدوا آمالهم على مجلس الأمن ليدرس قضية بلادهم ومبررات الحرب ضدهم وتحديد الطرف المعتدي، إلا أنه اتبع منهجا آخرا وقرر حظر توريد السلاح الى المدافعين عن بلدهم.
وصوت مجلس الأمن يوم الخميس الماضي لصالح تمديد حظر توريد السلاح الى اليمن لعام آخر، بعد أن كان قد قرر ذلك لأول مرة في مارس عام 2014 بعد أيام قلائل من بدء العدوان السعودي على اليمن، وهو ما أثار الكثير من الشكوك آنذاك، حيث أن القرار استهدف المعتدى عليه بدلا من المعتدي.
ولم يُشر القرار الى الغزو السعودي لليمن أو انتهاك سيادة بلد عضو في الأمم المتحدة وجاء فيه: "على جميع الدول الاعضاء في منظمة الأمم المتحدة الامتناع عن تقديم السلاح بصورة مباشرة او غير مباشرة أو بيع الأسلحة او نقلها الى أنصار الله، علي عبد الله صالح، عبد الله يحيى الحكيم، عبد الخالق الحوثي وغيرهم من المشمولين بالفقرة 19 من القرار 2140 لعام 2014".
كما طالب القرار جميع الدول الاعضاء وبصورة خاصة الدول المجاورة لليمن بتفتيش جميع السفن والشحنات المرسلة الى اليمن عبر أراضيها. وفي نهاية القرار أضيف الى القائمة زعيم حركة أنصار الله، عبد الملك الحوثي ونجل صالح، أحمد علي عبد الله صالح.
ومن الملفت للنظر في قرار تمديد الحظر، تأكيد مجلس الأمن على حل الصراع اليمني عن طريق الحوار، في حين أن اليمن لم يكن يعاني سوى من أزمة سياسية داخلية قبل انطلاق عمليات "عاصفة الحزم".
ان اتخاذ مجلس الأمن لهذا القرار ضد المقاومة اليمنية ومن ثم تمديده، يكشف أن المجلس لم يعد يستطيع حسم الازمات بين البلدان المتنازعة. اتخاذ هذه المنظمة قرارات مسيسة يعد ضوءا أخضر لتعزيز القدرات الداخلية وتأكيد زعماء الدول الأخرى على الاستقلال والاكتفاء الذاتي. وكان من المتوقع أن يقوم مجلس الأمن بدراسة الملف اليمني وتحديد أسباب الحرب والطرف المعتدي، إلا أنه سار وفق منهاج محدد مسبقا ولم يدرس أسباب تشكيل الائتلاف السعودي، واكتفى باقرار عقوبات ضد اليمن.
إن اتخاذ أهم منظمة دولية سياسة الكيل بمكيالين تجاه بلد فقير مزقته الحرب على مدى عامين ودمرت بنيته التحتية مخلفة 20 الف ضحية بين جريح وقتيل، تعد خطوة كبيرة باتجاه نهاية هذه المنظمة الدولية.
ووفقا لأحدث احصائية نشرتها منظمة الغذاء العالمية، فإن نصف سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة يعانون من سوء التغذية أو سوء التغذية الحاد، وهي أزمة بدأت مع بداية القصف الجوي السعودي لليمن مما يشير الى أن تمديد الحصار على اليمن يعبر عن قمة استهتار مجلس الأمن الدولي بحياة الإنسان.
هذه الخطوة التي اتخذها مجلس الأمن الاسبوع الماضي تثبت أن الدول الاعضاء في هذا المجلس لا تفكر سوى بتحقيق الأهداف المعينة مسبقا. وفيما يكاد العدوان السعودي على اليمن أن يدخل عامه الثالث، لم تتمكن الرياض خلال هذه المدة من تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، بل تزعزع الامن في الداخل السعودي إثر صواريخ الجيش اليمني. ومن الناحية الاخرى فإن محادثات السلام اليمنية فشلت حتى الآن ولم تثمر عن شيء، من هذا المنطلق يمكن القول إن آل سعود غرقوا في مستنقع خطير وإن كل حركة يقومون بها تدفعهم نحو القعر أكثر وأكثر. وهنا يمكننا اعتبار تمديد حظر توريد الأسلحة الى اليمن نتيجة لجهود قام بها المسؤولون السعوديون خلف الكواليس على أمل احتواء القوة العسكرية اليمنية.
في النهاية من الجدير بالذكر أن التاريخ أثبت أن أعضاء مجلس الامن متى ما احسوا بوجوب التحرك فإنهم يتحركون بسرعة ضد البلد المعتدي، كما حصل في عام 1990 اثر غزو نظام صدام للكويت، حيث رد أعضاء مجلس الأمن على هذا الاعتداء بسرعة وأصدروا القرار رقم 678 الذي منح الضوء الأخضر لتنفيذ عمليات عسكرية ضد العراق وأجبر القوات العراقية على الانسحاب الى داخل حدود العراق الدولية المعترف، في خطوة وصفت بالدفاع عن أحد الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة لمواجهة غزو اجنبي. ولكن يبدو أن استمرار الحرب على اليمن سياسةٌ تصب في صالح بعض القوى الدولية، حيث على الرغم من مرور عامين على بدء الحرب على اليمن بقيادة السعودية وبمعونة من بلدان أخرى، إلا أن ذلك لم يثر اهتمام أعضاء مجلس الامن ولم يدفعهم لاتخاذ موقف ضد المعتدي.