الوقت- قال موقع فورين افيرز اليوم في تقرير للكاتب ايلان بيرمان: إن جميع المظاهر التي تقوم بها إدارة دونالد ترامب تشير إلى أنه يستعد لإجراء محاولة مصالحة تاريخية مع روسيا، في محاولة تهدف لدق إسفين في الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بين موسكو وطهران، لكن محاولة ترامب هذه ستفشل.
وتابع الكاتب بالقول: إن الرئيس الجديد يسعى لانقسام روسيا و إيران لكنه لا يدرك أن هذا أمر صعب للغاية، فالعقد الماضي كان دليلاً كافياً على أن السندات العسكرية، والسياسية، والاقتصادية بين روسيا والجمهورية الإسلامية الإيرانية بنيت على مدى ربع قرن وهي مرنة بشكل ملحوظ، واليوم، هناك سبب للاعتقاد بأن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين أقوى من أي وقت مضى.
وتابع الموقع بالقول: إنه وفي عام 2005، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام مؤتمر الأمن في ميونيخ وأشار إلى انهيار الاتحاد السوفياتي والذي وضع علامة أمام "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين"، ومنذ ذلك الوقت، شهد بوتين انتهاج سياسة خارجية تركز في جزء كبير منها على إعادة نسخة من فلك الاتحاد السوفيتي القديم، ومن الناحية العسكرية، فإن ذلك يعني خلق أو دعم تكتل الأمن، مثل منظمة معاهدة الأمن الجماعي ومنظمة شنغهاي للتعاون، التي هي مربوطة بالكرملين، وهي مصممة على اتباع مزيد من الأولويات الاستراتيجية الروسية في المسرح الأوروبي الآسيوي، وعلى الصعيد الاقتصادي اعتبرها بوتين بديلاً عن الاتحاد الأوروبي، المعروف على نطاق واسع باسم الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي، على الرغم من أنه بالكاد يمكن أن يعتبر نجاحاً باهراً، فالاتحاد الأوروبي هو مع ذلك بناء قابل للحياة، يتباهى بأربعة أعضاء، بالإضافة إلى روسيا (أرمينيا، بيلاروسيا، كازاخستان، وقيرغيزستان) وتفكر حالياً بإضافة اثنين من الدول وهما منغوليا وطاجيكستان.
وتابع الكاتب بالقول: سياسياً، وفي الوقت نفسه، موسكو قد استثمرت أموالاً ضخمة في بناء علاقات وثيقة مع دول مثل روسيا البيضاء، وأنظمة آسيا الوسطى المتنوعة وحكومات أوروبا الشرقية، في محاولة لزيادة الحرية السياسية على طول محيطها.
وأضاف الكاتب بالقول: إن إيران تلعب دوراً كبيراً في هذا السياق، حيث تعتبر البلد الحليف المفضل لأنصار روسيا فالإيديولوجية للهوية الحضارية الروسية هي متميزة والمثال المعاصر الأكثر شهرة هو الكسندر دوغين، الذي دعا صراحة للتحالف مع إيران في كتابه "المترامية الأطراف" الذي ألفه عام 1997، وأسس الجغرافيا السياسية، في عقول مواطنيه، فموقف إيران الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ناهيك عن أن إيران صاحبة الثقافة الاستراتيجية المتميزة والتاريخ العريق، جعلها شريكاً جذاباً لروسيا فإيران تكتسب قوة كبيرة لدورها العالمي.
وتابع الكاتب بالقول: ينعكس دور طهران الاستراتيجي لدى موسكو في الجهود المستمرة لرفع إيران إلى دولة (مراقب) بعد أن كانت مجرد عضو في منظمة شنغهاي للتعاون وتشجيع اتصالات إيران مع جمهوريات آسيا الوسطى، ونتيجة لذلك فقد خلق جو من الاعتماد في منطقة الشرق الأوسط، يمكن أن يساعد في زيادة القوة هناك.
واستطرد الكاتب بالقول إن إيران هي أيضاً قوة حيوية متزايدة في الاقتصاد الروسي، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أدى انخفاض أسعار النفط العالمية والجولات المتتالية من العقوبات الغربية التي تهدف إلى معاقبة روسيا وذلك لسياستها العدوانية تجاه أوكرانيا، إلى تدمير الصحة المالية الروسية حيث يقدر صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الروسي، مقيد بنسبة تصل إلى 3.5 في المئة في عام 2015، وانكمش بنحو آخر واحد في المئة في العام الماضي، وعلى الرغم من ذلك نرى أن روسيا تشهد انتعاشاً في عام 2017.
وقال الكاتب: إنه وبناء على هذه الخلفية، فقد اتخذت إيران الأهمية المتزايدة لدى الكرملين، نتيجة للاتفاق النووي في الصيف الماضي تمتعت إيران بقوة اقتصادية لم يسبق لها مثيل، وقد اتخذت هذا الشكل بعد تخفيف العقوبات المباشرة وزيادة في التجارة بعد رفع العقوبات مع مجموعة من الشركاء الدوليين، بما في ذلك الصين والهند، وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، أبرم الكرملين صفقات أسلحة جديدة مع إيران بمئات الملايين.
وقال الكاتب: إن روسيا وإيران تكافحان المتطرفين الإسلاميين المحتشدين في الشرق الأوسط، إلى جانب عمليات متوازية ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
واختتم الموقع بالقول: هذا يشير إلى أن التحالف الروسي-الإيراني دائم ومرن، وفي الواقع، يأتي هذا بعد الجهود المتكررة لإدارة كلينتون في عام 1990 لسحب سوريا بعيداً عن إيران في المدار الغربي، حيث فشلت تلك المحاولات فشلاً ذريعاً، لأسباب ليس أقلها أن واشنطن قللت إلى حدّ كبير من قيمة الاستراتيجية السورية التي تتعلق بالشراكة المتواصلة مع طهران.