الوقت- نشر موقع المونيتور تحليلا عن مستقبل العلاقات "الايرانية-المصرية"، افتتحه بإرسال وزارة الخارجية المصرية نائب مساعد الوزير لشؤون المراسم، السفير "أشرف منير" في 12 كانون الثاني/يناير إلى مكتب رعاية المصالح الإيرانيّة في مصر لتقديم التعازي بالنيابة عن الحكومة المصريّة إلى مدير المكتب والحكومة الإيرانيّة في وفاة رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيرانيّ والرئيس الأسبق للجمهوريّة آية الله أكبر هاشمي رفسنجاني الراحل في 8 كانون الثاني/يناير.
وذكر موقع المونيتور أن الحكومة المصرية وفي موقف هو الأوّل منذ سنوات طويلة في العلاقات المصريّة - الإيرانيّة، قدّمت العزاء إلى إيران بوفاة آية الله الفقيد رفسنجاني، ورأى العديد من المراقبين والمحلّلين أنّه كان أحد أبرز القادة الإيرانيّين الداعين إلى تحسين العلاقات مع مصر، ويتوقّعون ألاّ تؤثر وفاته على محاولات التقارب.
وتابع الموقع الامريكي تحليله قائلا: مع أنّ المكتب استقبل عدداً من سفراء البلدان المختلفة في القاهرة لتقديم التعازي، إلاّ أنّ مصدراً ديبلوماسيّاً في مكتب رعاية المصالح، فضل ألا يذكر اسمه، أشار في تصريحات خاصّة لـ"المونيتور" إلى أنّ إيران تبدي بالغ التقدير للتعازي المصريّة خصوصاً، وإنّ القائمين على المكتب أبدوا احتفاء بقدوم السفير أشرف منير، لأنّه الإتّصال الأوّل بين البلدين على هذا المستوى منذ فترة طويلة بعد توتّر العلاقات، ممّا يشير إلى أنّ فرص تحسين العلاقات والتقارب بين البلدين تزداد وتجد مجالاً أكبر من الترحيب لدى الحكومة المصريّة، كما هي الحال لدى الحكومة الإيرانيّة.
وتطرق المونيتور الى الدور الابرز لرفسنجاني في القاهرة من خلال تشييده مكتب رعاية المصالح الإيرانيّة في مصر، حيث تمّ افتتاحه كعودة لتمثيل ديبلوماسيّ محدود بين البلدين في عام 1991، أثناء رئاسة آية الله رفسنجاني لإيران. وتستدعي وفاة رفسنجاني التساؤل عن مدى تأثير وجوده في منصب قياديّ حتّى وفاته كدافع للمسؤولين الإيرانيّين إلى تحسين العلاقات مع مصر وكباعث للثقة لدى المسؤولين المصريّين في النوايا الإيرانيّة. كما تستدعي التساؤل عن مستقبل تحسين العلاقات بعد رحيله.
وفي هذا السياق أجاب محمد محسن أبو النور، الباحث المتخصص في الشئون الإيرانية بجامعة الأزهر، على هذه التساؤلات لـ"المونيتور": رفسنجاني كان شديد التأثير في محاولات التقارب بين إيران ومصر وكان يرى أنه من الضروري الانفتاح على مصر ونقل ذلك الفكر إلى العديد من تلاميذه مثل محمد خاتمي، الرئيس الأسبق، والرئيس الحالي حسن روحاني، ويرى رفسنجاني وتلاميذه في مصر دولة لا تقل أهمية عن سوريا وأنه لا يمكن إقامة السلم والاستقرار في الشرق الأوسط بدون مصر.
وفي العام 2003 دعا رفسنجاني في تصريحات إلى قناة "الجزيرة" إلى ضرورة تطبيع العلاقات مع مصر، إلاّ أنّه أشار في السياق ذاته إلى أنّ قطع العلاقات كان بأمر من قائد الثورة الإسلاميّة الراحل آية الله خميني، وقال: لذلك يصعب تغيير القرار.
من جهته أشار "محمّد السعيد إدريس" رئيس وحدة الدراسات العربيّة والإقليميّة في مركز الأهرام للدراسات السياسيّة بالقاهرة، لموقع المونيتور الى العلاقات الايرانية المصرية قائلا: إنّ القيادات الإيرانيّة تتّسم بالبراغماتيّة، وقال: المحاولات الحاليّة لكسر الفتور بين البلدين وليدة المصالح لأنّ إيران ترى في مصر حليفاً قويّاً لها في الأزمة السوريّة، رغم أنّ مصر لا تدعم بقاء بشّار الأسد، وإنّما تدعم استقرار سوريا.
وتابع إدريس قائلا: محاولات إيران للتقارب تزايدت بعد التوتّر بين مصر والسعوديّة، ممّا يوحي بأنّ طهران تحاول تحسين علاقتها بمصر كضربة سياسيّة وإقليميّة للسعوديّة ودول الخليج الفارسي. ولذلك، أنا أرحّب بتحسين العلاقات المصريّة مع إيران، شرط الحفاظ على التوازن في العلاقات المصرية مع إيران من جهة ودول الخليج الفارسي من جهة أخرى.
واستطرد محمّد السعيد إدريس عن دور الفقيد رفسنجاني: أظنّ أنّه كان من مؤيّدي خفض حدّة التوتّر مع دول الخليج الفارسي، ممّا كان سيساعد مصر بسهولة على خلق حال التوازن في علاقتها بإيران من جهة، ودول الخليج الفارسي من جهة أخرى، ولكنّي أظنّ أنّ محاولات تحسين العلاقات مستمرّة حتّى بعد رحيل رفسنجاني، والدليل تقديم مصر أوّل عزاء ديبلوماسيّ إلى إيران في وفاة رفسنجاني.
وفي الختام سنتناول ماكتبه الكاتب الصحافيّ علي هاشم في مقال لــ"المونيتور" أنّ الفقيد رفسنجاني والعاهل السعوديّ الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، كانا القادرين على إقامة حوار بين إيران والسعوديّة.
وتساءل علي هاشم: بناءاً على ذلك، ترك رفسنجاني العديد من السيناريوهات مفتوحة، فإمّا أن يواصل خلفاؤه من المعتدلين والإصلاحيّين مسيرة الانفتاح على مصر وتهدئة الأوضاع مع الخليج الفارسي أو أن يعتلي الأصوليّون المشهد مجدّداً، ممّا قد يربك حسابات المنطقة نوعاً ما.