الوقت- يعرف اليمن منذ القدم بأنه مقبرة المعتدين من الاستعمار البريطاني الى الامبراطورية العثمانية وصولا الى آل سعود وفي آخر مرة مرغ أنف المعتدين في التراب كان قبل 6 سنوات في حرب السعودية ضد جماعة انصار الله في صعدة .
وربما يكون قادة الحرب الحاليين في الرياض هم اصغر سنا واكثر حماقة من سلفهم لانهم لم يعتبروا من هزيمة الذين شنوا حروبا قبلهم في اليمن، ان هؤلاء اتبعوا استراتيجية امريكية في حربهم على اليمن وهي الغارات الجوية المكثفة بهدف سلب إرادة المقاومة من الطرف المقابل كما حصل في اليابان والعراق، ومن السذاجة القول بأن قرار الحرب قد اتخذ في الرياض فالامريكيين يقولون إنهم يدعمون العمليات لوجستيا واستخباراتيا وان طائراتهم التجسسية تجوب في سماء اليمن وفي الحقيقة ان من يعطي الاوامر بالقصف ويحدد الاماكن هي البنتاغون .
وفي 2011 ايضا كانت الطائرات الفرنسية والبريطانية تقصف ليبيا لكن باوامر واحداثيات امريكية وقد قال اوباما إن امريكا تدير حرب ليبيا من وراء الستار وان المعطيات تشير بأن الامريكيين يتبعون الاستراتيجية ذاتها في اليمن وفي الحقيقة يمكن اعتبار هذه الحرب بأنها حرب امريكية يمنية .
وهكذا يتم إدارة الحرب من وراء الستار واذا حصل الانتصار فان من يدير الحرب في الحقيقة يظهر منتصرا لكن اذا فشلت الحرب ومني المهاجمون بالهزيمة فان العملاء هم من يتحملون تبعات الهزيمة .
ويمر اكثر من عشرين يوما من بدء العدوان على اليمن لكن الغارات الجوية لا تحقق اهداف المعتدين لأن من يحسم المعركة هم من تطأ اقدامهم الارض، ولا يعلم احد مثل الامريكيين حجم الورطة التي تورط بها آل سعود، ان معدل انتشار الاسلحة بين اوساط اليمنيين هي 70 مليون قطعة سلاح مقابل 25 مليون مواطن يمني اي بمعدل 3 قطع من الاسلحة لكل يمني وهذا يفوق معدل انتشار الاسلحة بين الامريكيين حيث هناك في امريكا 90 قطعة سلاح لمئة شخص .
وليست هذه اول مرة يجرب الامريكيون حظهم في اليمن فقد تورط الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر في اليمن في عام 1979 عندما مول الحرب بين شمال اليمن وجنوبه عن طريق الملك الاردني كما كانت للامريكيين قواعد رسمية لطائرات من دون طيار خلال العقد الماضي في اليمن وقد قتلت هذه الطائرات نحو الف يمني تحت ذريعة مكافحة الارهاب .
اما الذريعة هذه المرة لشن العدوان على اليمن هي الدفاع عن شرعية عبد ربه منصور هادي وهو الرئيس المستقيل والفار، وليست دعوة هادي للسعودية بشن الحرب على اليمن خيانته الاولى بل انه قد خان ايضا رفاقه السابقين حينما هرب قبل 20 عاما اثناء الحرب بين الجنوب والشمال من الجنوب الى الشمال وحارب رفاقه السابقين .
اما المضحك المبكي هو ان السعودية التي لم تشهد اية انتخابات في تاريخها وليس فيها حزب وترد على النقد بألف سوط، تريد الدفاع عن شرعية مثل هذا الشخص الخائن وتهدي الديمقراطية لليمنيين بالقصف الجوي والقنابل، فاذا كان عناصر انصارالله يشكلون في السابق 40 بالمئة من الشعب اليمني فان كل اليمن بات الان انصارالله وان مردود هذه الحرب هي الان وحدة اليمنيين شيعة وسنة وزيديين ومضاعفة كراهية اليمنيين للسعودية .
اما الكراهية للامريكيين باتت اكبر من الكراهية للسعوديين ويكفي ان نراجع الموقف الامريكي في اوكرانيا وفي اليمن فان الامريكيين قالوا إن شرعية الرئيس القانوني لاوكرانيا قد سقطت عندما ترك البلاد وذهب الى روسيا حينما سيطرت المعارضة على كييف لكن عندما يستقبل هادي في اليمن ويهرب فانه مازال يتمتع بالشرعية حسب الامريكيين وتشن الحرب من اجله .
وللعدوان على اليمن ابعاد كثيرة ( مثل التهم التي وجهت الى ايران والدعاية لحرب شيعية سنية وحرب العرب والعجم واسباب نجاح انصارالله وتاثير الحرب على الاوضاع الداخلية للسعودية ) ولا يمكننا هنا ان نشير الى كلها لكننا سنتطرق الى دور الكيان الإسرائيلي وموضوع مضيق باب المندب حيث اعتبرت مؤسسة دراسات الامن القومي الاسرائيلي ان العدوان السعودي على اليمن له منافع كبيرة لهذا الكيان وقد تطرق نتانياهو في خطابه الاخير في الكونغرس بإسهاب الى اهمية مضيق باب المندب للملاحة الاسرائيلية .
ان لباب المندب اهمية مصيرية لامريكا والسعودية حيث يعتبر الممر المائي الثاني لهم في حال إغلاق مضيق هرمز، ان سيطرة الشعب اليمني الذي يكره بشدة الاسرائيليين والامريكيين والسعودية على هذا المضيق تعتبر كارثة لهذا المثلث وانهم لا يريدون حدوث هذا الامر مهما كلف الامر .
وفي عام 2013 اقترحت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها انضمام جنوب اليمن الى السعودية وقد قالت الصحيفة إن اليمنيين سيستفيدون من ثروة السعودية وفي المقابل تسيطر الرياض على باب المندب وتتخلص من كابوس إغلاق مضيق هرمز .
تقول إحدى الاساطير اليونانية القديمة ان جميع المآسي هي مجتمعة في صندوق اسمه "باندورا" وان فتحه يساوي الهلاك، والان فان الامراء السعوديين الشباب والمتسكعين قد فتحوا صندوق باندورا بشن العدوان على اليمن واذا قمنا بتسمية عاصفة الحزم بعاصفة الحمق او الحماقة فإن التسمية تبدو أدق وأصوب وهي عاصفة قد تقضي على حقبة آل سعود .