الوقت- إن الجميع يعرف جيداً أن تجارة السلاح وإيجاد أسواق لها، هو السبب الحقيقي للحروب في العالم. ومما لا شك فيه أن كل مسميات وعناوين الحروب، تصب في خانة ومصلحة شركات صناعة الأسلحة. وكثير هم الكتاب الغربيون الذين تحدثوا عن هذه الظاهرة بحقائقها. ومن بين هؤلاء الكاتب لايلي داين الذي كتب في مقالته (Blood Money: These Companies and People Make Billions of Dollars from War) أي (المال بالدم: هذه الشركات والأشخاص يحصدون الملايين من الدولارات من الحروب)، كيف تجني الشركات الأمريكية الأرباح من تجارة السلاح وسفك الدماء. فماذا في ما ذكره الكاتب؟
يقول الكاتب إن شركات تصنيع السلاح في أمريكا، تستغل الحرب على "تنظيم داعش الإرهابي" في سوريا والعراق، من أجل زيادة إنتاجها العسكري وأرباحها من المبيعات، حيث يبدو ذلك من الأهداف الأساسية لتشكيل التحالف الدولي لضرب عصابات "تنظيم داعش" الارهابية، وحملة الضربات الجوية في العراق وسوريا التي تشنها أمريكا على رأس التحالف الدولي، شكلت فرصة لصانعي الاسلحة الامريكيين الذين كادت عجلة الإنتاج تتوقف في مصانعهم . مضيفاً انها "الحرب المثالية للشركات التي تتعامل مع الجيش وكذلك للمطالبين بزيادة الاموال المخصصة للحرب، وحملة الضربات الجوية على تنظيم داعش الإرهابي تعني في الحقيقة نفقات بملايين الدولارات لشراء قنابل وصواريخ وقطع غيار للطائرات، وتؤمن حججا إضافية من اجل تمويل تطوير طائرات فائقة التقدم من مقاتلات وطائرات مراقبة وطائرات تموين ".
وأشار الكاتب الى أن اسهم الشركاء الرئيسيين للبنتاغون بدأت تشهد ارتفاعاً في البورصة منذ أن أرسل الرئيس الأمريكي باراك أوباما مستشارين عسكريين الى العراق، وواصلت ارتفاعها لاحقاً مع بدء الضربات الجوية في العراق. فعلى سبيل المثال، فإن أسعار سهم شركة لوكهيد مارتن ارتفعت بنسبة 9,3%، فيما ارتفعت أسهم رايثيون ونورثروب غرامان 3,8% وأسهم جنرال دايناميك 4,3%. وللمقارنة، فإن مؤشر ستاندارد اند بورز لأكبر 500 شركة مالية أمريكية تراجع خلال الفترة ذاتها 2,2%. كما وتصنع لوكهيد مارتن بصورة خاصة صواريخ هيلفاير التي تجهز الطائرات بدون طيار القتالية "ريبر" وطائرات الجيش العراقي. وبعد وقت قليل على توسيع الضربات لتشمل سوريا، فازت شركة رايثيون حينها بعقد بقيمة 251 مليون دولار لتسليم البحرية صواريخ كروز من طراز توماهوك .
وأطلقت السفن الامريكية 47 صاروخ توماهوك خلال الليلة الأولى من الضربات في سوريا في 23 ايلول، وسعر كل منها حوالي 1,4 مليون دولار. وإن كان تاثير الضربات لا يزال حتى الآن محدوداً، الا أن المحللين يشيرون الى أن ذلك لم يضعف إقبال المستثمرين على توظيف أموال في شركات القطاع الحربي. وقال لورين تومسون من معهد ليكسينغتون الذي يقيم علاقات كثيرة مع الصناعات الحربية أن الشركات المتعاقدة الكبرى "أحوالها كلها أفضل بكثير مما كان الخبراء يتوقعونه قبل ثلاث سنوات ".
ومع اندلاع الحرب واحتدامها فإن هذه الشركات تجني أرباحاً، وليس فقط بفضل العقود التي توقعها مع الحكومة الامريكية، بل كذلك بفضل عقود مع بلدان أوروبية أو عربية مشاركة في الائتلاف ضد الإرهاب تسعى لإعادة تشكيل مخزونها من الذخائر والاستثمار في قواتها الجوية، بحسب رأي المحللين .
والى سوق الطائرات الحربية، من المتوقع أن يسمح النزاع بتطوير أسواق طائرات التموين والمراقبة والطائرات بدون طيار التي تقوم حالياً بمهمات تعتبر أساسية في أجواء العراق وسوريا. كذلك تبدي الشركات الأمنية الخاصة التي ازدهرت في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق وافغانستان، تفاؤلاً إذ تتوقع أن يفضي النزاع الحالي الى عقود جديدة لدعم القوات العراقية .
وفي نهاية المطاف، ان كان "البنتاغون" يستعد قبل عام لتخفيضات كبيرة في ميزانيته في أعقاب انتهاء الالتزام العسكري الأمريكي في العراق وأفغانستان، فإن الحملة الجوية ضد عصابات داعش وكذلك التوتر الناجم عن الأزمة في أوكرانيا، سرعان ما بدلت المعطيات في واشنطن و وول ستريت .
والى الانعكاسات الاقتصادية، فإن الدافع الرئيسي خلف الحرب برأي المحللين كان سياسياً مع تراجع عدد اعضاء الكونغرس الذين يدعون الى خفض النفقات العسكرية. لكن يتحتم على الكونغرس من أجل المصادقة على زيادة النفقات الدفاعية التخلي عن قانون نص على تحديد سقف لنفقات "البنتاغون" بحوالي 580 مليار دولار للعام 2014. وهو الأمر الذي أثار توتراً بين الجمهوريين والديموقراطيين .
إذاً إنها سياسة المتاجرة بالبشر. فالحروب التي تضع لها أمريكا عناوين كثيرة، من الديمقراطية الى حق الشعوب في تقرير المصير، ليست سوى سياسة تسويقية للحروب من أجل إيجاد أسواق للسلاح وكسب الأرباح الطائلة. فمتى ستستفيق الشعوب من غفوتها؟