الوقت – بعد شدّ وجذب ونقاشات مطولة تمت المصادقة في مجلس الأمن الدولي على قرار اقترحته فرنسا لإرسال مراقبين دوليين الى حلب في سوريا باجماع كافة الأعضاء، فرنسا التي تتبع سياسات معادية لسوريا منذ 6 سنوات طالبت في مسودة هذا القرار بإجلاء المدنيين من شرق حلب والإطمئنان على سلامة هذه العملية وذلك في موقف دعائي، اما موسكو التي كانت في البداية تعارض مثل هذا القرار فقالت ان معارضتها الأولية سببها التجارب السابقة لمثل هذه الاجراءات والمساعدات والتي شهدت ارسال حماة الإرهابيين أسلحة لهم تحت ستار المساعدات الإنسانية.
ورغم هذا كله صادق مجلس الأمن الدولي على القرار مساء الاثنين الماضي وطلب من الامين العام للأمم المتحدة اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة للسماح لمسؤولين أمميين سيراقبون اوضاع المدنيين المتبقين في شرقي حلب، كما طلب مجلس الأمن من جميع الأطراف الحفاظ على أمن المراقبين بسرعة ودون عقبات.
وحسب هذا القرار يجب على المنظمة الدولية ان تقوم بعملية مراقبة حيادية وشاملة ومباشرة لإجلاء هؤلاء الأشخاص من حلب، وقد نشرت وسائل الإعلام نص هذا القرار قائلة ان مسودة القرار أكدت ضرورة احترام سيادة واستقلال ووحدة الاراضي السورية.
وينص هذا القرار على السماح بخروج كل من يريد الخروج من احياء حلب والذهاب الى اي اتجاه يريده وكذلك ضمان امن سكان المناطق الواقعة خارج حلب، كما يدعو القرار الى نشر المراقبين في اطراف مداخل حلب وداخل الأحياء الشرقية للمدينة لمدة زمنية غير محددة.
ان القرار الدولي الجديد هو قرار توافقي بين المقترحات الفرنسية والروسية حول حلب لكن هناك عدة أمور تتعلق بهذا القرار ينبغي الوقوف عندها:
اولا، ان القرار المصادق عليه وخلافا للإقتراح الفرنسي يشير الى نشر المراقبين الدوليين عند المداخل الشرقية لحلب وليس استقرارهم في داخل حلب، وقد قال المندوب الروسي في مجلس الامن فيتالي تشوركين في السابق بشأن المسودة الفرنسية للقرار ان روسيا لايمكن ان تدعم النص الأولي الذي يدعو الى ارسال واستتقرار المراقبين الدوليين في شرقي حلب.
وقالت وكالة أنباء "روسيا سغودنيا" نقلا عن تشوركين: ان ما تقترحه باريس لايمكن تنفيذه وهو امر خطير ونحن لايمكننا ان نسمح بتمرير مثل هذا القرار ولذلك فإن دخول المراقبين سيقتصر على مداخل حلب ولا يمكن الدخول الى المناطق الشرقية.
ثانيا، ان دخول هؤلاء المراقبون يعتبر خطوة شكلية أكثر من كونها عملياتية. ان الدول الاوروبية ونظرا الى هزيمتها في شرقي حلب ومن اجل عدم تفويت الفرصة واعادة الاعتبار لنفسها تبحث عن استعراض دعائي في حلب وفي الحقيقة تبحث هذه الدول عن طي صفحة تراجعها في حلب.
ثالثا، من الأخطار التي تكمن في عملية ارسال المراقبين الى المناطق الشرقية لحلب هو ارسال جواسيس تحت غطاء المراقبين الدوليين فالتجارب السابقة تفيد بأن المراقبين الذين يرسلهم مجلس الامن أو الأمم المتحدة للمشاركة في مهام دولية كانوا يقومون بدور مزدوج أي انهم يدخلون البلدان تحت عنوان مراقبين أمميين لكنهم يقومون بالنشاطات التجسسية والمخابراتية.
رابعا، ان دخول المراقبين الدوليين الى سوريا ليس بالأمر الجديد وان هناك مراقبين موجودين الان في سوريا، وقد قال المندوب السوري في الامم المتحدة بشار الجعفري في هذا الصدد : ان قرار مجلس الأمن يتحدث عن تواجد مراقبين دوليين الذين هم موجودون فعلا في شرقي حلب وان ما يطرح ليس امرا جديدا ونحن نرحب بأي حسن للنوايا في صدور هذا القرار.
خامسا، ان القلق يكمن في ارسال مراقبين ليسوا خاضعين لسلطة الامم المتحدة بمعنى ان ارسال مراقبين من دولة خاصة معادية لسوريا وشعبها سيكون اجراء استفزازيا.
واخيرا يمكن القول ان ارسال المراقبين يعتبر خطوة من قبل حماة الإرهابيين للخروج من صدمة انتصار المقاومة في حلب وهذه الخطوة هي على الأرجح تهدف الى ممارسة ضغط نفسي على السلطات السورية ودعم الإرهابيين ومنحهم الأمل فيما يتعلق بالمستقبل.