الوقت - نشرت صحيفة "برافدا" الروسية مقالاً تساءلت فيه: هل يمكن لروسيا أن تثق بوعود الرئيس الأمريكي المنتخب "دونالد ترامب"؟
وقالت الصحيفة: على الرغم من عدم وضوح التشكيلة الحكومية التي سيعلن عنها ترامب بعد دخوله البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير القادم، لاسيّما ما يتعلق بالمناصب الحساسة، خصوصاً حقيبتي الخارجية والدفاع، لكن هذا لا يمنع من التكهن بطبيعة السياسة الخارجية التي سيعتمدها ترامب مع الأخذ بنظر الاعتبار التصريحات التي أطلقها خلال حملته الانتخابية.
وأعربت "برافدا" عن اعتقادها بأن ترامب سيتخذ سياسة تميل إلى حد كبير لعدم إشغال أمريكا في أزمات خارجية والتركيز على إصلاح الأوضاع الداخلية لاسيّما الجانب الاقتصادي، مشيرة في هذا المجال إلى شعار "أمريكا أولاً" الذي رفعه ترامب خلال حملته الانتخابية.
وألمحت الصحيفة إلى أن ترامب أكد مراراً بأنه سيسعى بعد تسلم منصبه إلى تحسين العلاقات مع روسيا، مشددة على أن تحقيق هذا الأمر يتطلب أن يبادر ترامب إلى التباحث مع نظيره الروسي "فلاديمير بوتين" لتسوية القضايا العالقة بين البلدين وفي مقدمتها إنهاء الحظر الأمريكي على روسيا، ووقف المناورات العسكرية التي تجريها واشنطن بين الحين والآخر قرب الحدود الروسية الغربية، وتجميد مشروع الدرع الصاروخي الذي تنشره أمريكا في عدد من دول أوروبا الشرقية المحاذية لروسيا، والاعتراف رسمياً بنتائج الاستفتاء بشأن شبه جزيرة القرم، وتحييد أوكرانيا وإبعادها عن حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وتشكيل فريق عمل روسي - أمريكي مشترك لتسوية الصراعات المزمنة في كل من "أوسيتيا الجنوبية" و"أبخازیا" و"إقليم ناغورنو- قره باغ".
وفيما يتعلق بالأزمة السورية أعربت صحيفة "برافدا" عن إعتقادها بأن ترامب سيعمل على تغيير طريقة سلفه "باراك أوباما" في هذا المجال وسيسعى للتفاهم مع موسكو من أجل تسوية هذه الأزمة، وعدم تكرار ما كانت تلوّح به الإدارة الأمريكية السابقة بشأن مساعيها للإطاحة بنظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد.
وأشادت الصحيفة بجهود ترامب لإقناع الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية بضرورة التخلي عمّا كانت تسمية إدارة أوباما بـ "المعارضة السورية المعتدلة"، واصفة هذه المعارضة بأنها لا تختلف كثيراً عن الجماعات الإرهابية المسلحة ومن بينها تنظيم "داعش" وما يسمى "جبهة النصرة" و"تنظيم القاعدة فرع سوريا".
وكان ترامب قد أعلن خلال حملته الانتخابية أنه وعلى خلاف إدارة أوباما سيركز الجهود على محاربة الإرهابيين لا السلطات السورية، كما أنه لم يستبعد التعاون مع روسيا حول التسوية في سوريا.
وإعتبرت الصحيفة تولي ترامب منصب رئيس الجمهورية في أمريكا بأنه يمثل فرصة ثمينة ينبغي لروسيا أن تستثمرها لتسوية الأزمة السورية والقضاء على الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها "داعش" والتصدي للدول التي دعمت هذه الجماعات لاسيّما تركيا وقطر والسعودية.
ورأت "برافدا" كذلك بأن مستشاري ترامب سيلعبون دوراً مهماً في تسوية الأزمة السورية، خصوصاً الجنرال المتقاعد "مايكل فلين" الذي تم إختياره من قبل ترامب لشغل منصب مستشاره للأمن القومي، والمعروف بدعواته المتكررة للتقرب من روسيا.
وكان "فلين" المسؤول السابق لوكالة المخابرات العسكرية الأمريكية بين عامي 2012 و 2014 قد صرح مراراً بأنه نصح إدارة أوباما بعدم شنّ هجوم عسكري على سوريا تحت أي ذريعة خشية من التداعيات الخطرة لهذه المغامرة التي لا يمكن التكهن بنتائجها على الصعيدين الإقليمي والدولي وفي مختلف المجالات.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن فلين كان قد إتهم أوباما و"هيلاري كلينتون" مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأخيرة بالمشاركة في إنشاء تنظيم "داعش". كما إنتقد موقف إدارة أوباما من الغارات الروسية على "داعش"، واعتبر أن واشنطن أخطأت عندما رفضت التعاون مع موسكو في مواجهة الجماعات الإرهابية في سوريا. وقال إنه يعتقد بأن التعاون بين روسيا وأمريكا والأطراف المؤثرة الأخرى، هو السبيل الوحيد لإيجاد حلول لأزمات الشرق الأوسط.
وسبق لـ "فلين" أن تعرض لانتقادات شديدة بسبب رفضه إتخاذ مواقف معادية لموسكو.
وفي جانب آخر من مقالها قالت "برافدا" بأنه ينبغي الإشارة إلى أن ترامب كان قد أعلن خلال حملته الانتخابية بأنه سيبدأ في عملية الانسحاب من إتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ (TPP) في أقرب وقت بعد توليه منصبه في يناير المقبل، ووصف هذه الاتفاقية التي تضم 12 دولة بأنها "كارثة محتملة على أمريكا".
وختمت الصحيفة مقالها بالقول بأنه ومع الأخذ بعين الاعتبار أن روسيا تكثف سياستها الخارجية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتعزز الشراكة الإستراتيجية مع الصين، فإنها مهتمة أيضاً بتعزيز مبادرة الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة من أجل تحقيق التكامل في الإنتاج والتوزيع والتكنولوجيا مع آسيا والمحيط الهادئ، وخلق فرص جديدة للنجاح من خلال تشكيل سلسلة من المجموعات ذات التقنية العالية في مناطق الشرق الأقصى للبلاد.
ويستند الموقف الرسمي الروسي إلى أن أي هيكل إقتصادي إقليمي سيكون معاباً من دون مشاركتها هي والصين في هذا الأمر، وذلك من أجل مواءمة النظام المالي والتجاري العالمي وتعزيز دور البلدان غير الغربية في هذا المجال.