الوقت- تعتبر السعودية واحدة من أسوأ بلدان العالم فيما يتعلق بحقوق المرأة من جهة خرق الحريات الفردية والاجتماعية، وقمع الاقليات الدينية والقومية، ومنع حرية الرأي والتعبير وذلك وفق ما تم توثيقه في تقارير لجمعيات حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية المختلفة ومن بينها منظمة هيومن رايتس ووتش و مراسلون بلا حدود.
ويشير التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية لعامي 2014 / 2015 ان الحكومة السعودية قيدت حرية التعبير، وحرية التجمع، وشنت حملة ضارية علي من يطرحون اراء مخالفة لسياساتها، واعتقلت وسجنت منتقديها العديد وكان من بينهم الكثير من النساء. وفي هذا المقال نطرح ملف حقوق المرأة في البلاد والذي يعتبر الجرح النازف منذ عشرات السنين.
المرأة السعودية وواقع المجتمع
في انتهاك واضح لحقوق المرأة تطبق السعودية نظام ما يسمى ولي الأمر، وينص هذا النظام على:
1- تحتاج المرأة السعودية من مختلف الأعمار موافقة قريبها الرجل ( الزوج أو الاب أو الاخ أو حتى ابن صغير) بشكل خطي قبل أن تحصل على بعض الأمورالتي تبدو عادية جداّ، مثل العمل والدراسة وفتح حساب بنكي و خدمات الرعاية الصحية، أو الزواج.
2- فيما يتعلق بالسفر، المرأة السعودية بحاجة إلى ولي امر يوافق على سفرها بمفردها بموجب وثيقة معروفة باسم "الورقة الصفراء" لدى سلطة الجوازات، او تصريح الكتروني، في المنافذ البحرية والجوية والبرية. في حقيقة ترسخ لواقع "العبودية" ومعاناة النساء في المملكة.
3- وفي البيع والشراء لا تستطيع المرأة السعودية بيع عقار أو شراءه إلا بوجود معرف رجل من محارمها و مسمى (المعرف) لميعرف بالإسلام هو قانون وضعي وضع رغم مخالفته الصريحة للشريعة التي جعلت للمرأة ذمة مالية مستقلة وهذا الشرط بالمحاكم السعودية يجعلها تحت رحمة الولي المعرف لها ويحكم السيطرة عليها وعلى أموالها لتبقى قاصر إلى الأبد في وضع لم يمكن تحمله من قبل ماكان يسمى بالجواري فكيف بالمرأة الحرة المسلمة.
4- أما فيما يتعلق بالرياضية فتحظر دار الافتاء الوهابية النساء من الرياضة من خلال منع الأنشطة الرياضية في مدارس البنات، بالإضافة إلى تقديم كل الدعم للمنشآت الرياضية الخاصة بالرجال، دون أي التفات لأندية اللياقة النسائية، بالإضافة إلى عدم وجود أي نشاطات رياضية في اللجنة الأولمبية السعودية والمخصصة للنساء وبناءاً عليه لاترسلهم للاشتراك بالاولمبياد.
5- السعودية الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع النساء من قيادة السيارات!حيث تعتبر السعودية من اكبر الدول التي تملك سجل حافل في انتهاكات حقوق الانسان وهذا أمر محتم في ظل عدم امتلاك المملكة لدستور او قانون يرعى امور البلاد فما بالك بحقوق العباد .لذلك من الطبيعي غياب ادنى مقومات الديمقراطية وحرية التعبير. ولكن ما يفاجئ أكثر ان العائلة الحاكمة في السعودية لا توفر اي جهد في الاعتماد على دار الافتاء الوهابية وبعض الماجورين في تبرير أفعالها وممارساتها اللاانسانية وصولاً لتدخل شيوخ المملكة في سير الامور العادية داخل البلاد فأصبح مثلاً حق المرأة السعودية في قيادة السيارة ضائع بين شيخ يفتي بأن القيادة تسبب العقم لأنه "حينما تركب السيارة وهي تقود، ينشغل عنها الذهن، والفكر، والعقل، وحينما تجلس طولياً، يرتد الحوض، وعن طريق الارتداد يحصل ضغط على المبايض".، ومؤرخ يعتبرأن: "النساء خارج السعودية يغتصبن على الطريق وليس لديهن مشكلة، وهنا لدينا مشكلة وأن للمرأة شرف أن يقود بها زوجها"، ناهيك عن عشرات الفتاوى الاخرى التي تدعو للضحك على هذه الفتوى ومطلقيها . ففي اخر مسلسل الاعتقالات التعسفية تحت حجج قيادة السيارة ومن ثم الافراجات تحت الضغط الشعبي والدولي أفرجت السلطات السعودية، عن الناشطتين السعوديتين لجين هذلول، وميساء العمودي، اللتين تدافعان عن حقوق المرأة، بعدما أمضتا شهرين في السجن.واوقفت هذلول (25 عاماً) في الأول من ديسمبر الماضي، بعدما حاولت دخول الأراضي السعودية قادمة من الإمارات وهي تقود سيارتها، فيما اعتقلت الصحافية السعودية ميساء العمودي 33 سنة، التي تتخذ من الامارات مقرا لها، في اليوم ذاته وفي سجن اخر بعدما توجهت الى الحدود لمساندة مواطنتها.والسعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع النساء من قيادة السيارات.
وفي هذا السياق طالب مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مراراً وتكراراً بإلغاء هذا النظام الذي يتنافى مع ابسط الحقوق البشرية وطالب "باتخاذ خطوات لإنهاء نظام وصاية الرجل على المرأة ومنح كامل الأهلية القانونية للمرأة السعودية، ومنع التمييز ضد المرأة". وفي أخر تقرير لانتهاكات حقوق الانسان في السعودية كانت المرأة حاضرة بشكل ملحوظ في التقرير الاممي وترجم ذلك في أهمية المساواة في الأجور بين الرجال والنساء، وضرورة فتح أوسع مجالات العمل أمام النساء وعدم حصرهن في أعمال معينة، والدعوة إلى عدم تغييب المرأة عن مراكز إتخاذ القرار، وضرورة تطبيق خطة وطنية لتشجيع المساواة على أساس النوع الإجتماعي. ولاحظت التقارير العددية ارتفاع مستوى العنف الممارس ضد المرأة وخاصة من قبل الجماعات الدينية مثل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطالبت تلك التقارير المتتالية بوضع حد لتلك التصرفات. وانتقدت في الوقت نفسه زواج المسيار على أساس أنه لا يضمن مشاركة الزوج في تحمل مسئولياته العائلية، وطالبت بإصدار تشريعات تحقق المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق الزوجية. وفي الوقت نفسه طالبت هذه التقارير المستمرة منذ عدة سنوات بتحديد سن الزواج بثمانية عشر سنة للجنسين ومنع زواج الصغيرات.
من جانبها الحكومة السعودية تعاملت مع تلك الطلبات والتوصيات بالمراوغة المعهودة و لم تنفذ ما وعدت به. ولم تفلح محاولة بعض النساء في السعودية في انتزاع حقوقهن، حيث تكررت مطالبات الناشطات من القيادة السعودية، ومن مجلس الشورى، رفعَ الوصاية عن المرأة، وإصدار قانون يضمن حقوقهنّ ويحدّ من السلطة المطلقة للرجل على المرأة؛ هذه المطالبُ تضمّنتها عدة عرائض من بينها عريضة بعنوان "دعم حقوق النساء والفتيات في السعودية"، أرسلتها الناشطات السعوديات إلى مجلس الشورى السعودي التي لم تلق اي اذان صاغية. واعتبرت حينذاك من المحرمات كون النظام في البلاد ينبع من التقاليد الاجتماعية التي أكل عليها الزمان وشرب.
اذاً ملفات حقوق الإنسان في السعودية كثيرة ومتشعبة. ولا تقتصر على حقوق النساء بل ما يعانيه بعض الناشطين السعوديين، كان أخرهم الناشط رائف البدوي لايقل أهمية وقسوة .ولكن تبقى مقاربة دول العالم لهذا الموضوع رهن بطبيعة التحالف ومدى سقف المصالح الموجودة مع حكام السعودية. لذلك نرى أن اغلب دول العالم ومن بينها طبعاً امريكا والدول الاوربية التي تتشدق بحقوق الانسان تبيع الكلام المعسول عن الديمقراطية وحقوق التعبير والمساواة، ولكن عندما يصل الأمر للحليفة السعودية تطفو المصالح على الحقائق والمسلمات.