الوقت- ان مضي 12 سنة على بدء عملية السلام بين الحكومة الافغانية وجماعة طالبان دون تحقيق النجاح جعل السلام بعيدا عن متناول اليد فماهي التحديات امام عملية السلام في افغانستان وما هي العراقيل وما هي الحلول لارساء السلام في هذا البلد؟
كان الرئيس الافغاني السابق حامد كرزاي يتهم امريكا وباكستان بعرقلة عملية السلام ويقول ان السلام لايمكن ارساؤه الا اذا وافق الامريكيون والباكستانيون على ذلك، وقال كرزاي في رسالته الوداعية لموظفي الحكومة ان الامريكيين كانوا يريدون منه التوقيع على المعاهدة الامنية بين البلدين دون قيد او شرط وهذا ما لم يفعله كما قال كرزاي ان شرط باكستان من اجل التفاوض مع طالبان هو الاعتراف بخط "ديورند" ومجاراة افغانستان لباكستان في السياسة الخارجية.
والسؤال المطروح الآن هو هل ستقف امريكا سدا امام عملية السلام بعدما وقعت الحكومة الافغانية الجديدة على المعاهدة الامنية مع واشنطن؟ وهل باكستان قد حققت اهدافها التي اشار اليها كرزاي؟
يمكن تقسيم التحديات امام عملية السلام في افغانستان الى تحديات داخلية وخارجية كما لا توجد هناك رؤية موحدة في داخل افغانستان تجاه عملية السلام، وقد سعى الرئيس أشرف غني الى تشكيل اجماع بين القادة الافغانيين من اجل السلام مع طالبان وذلك مباشرة بعد زيارة رئيس استخبارات الجيش الباكستاني رضوان اختر الى كابول، وقد اخبر اشرف غني حامد كرزاي وبعض القيادات الجهادية مثل كريم خليلي وسيد احمد كيلاني وبعض ناشطي المجتمع المدني بما جرى من حديث مع الجنرال الباكستاني.
ان الاجماع على كيفية التفاوض مع طالبان ومكانة هذه الجماعة في حكومة الوطنية يبدو مستبعدا ولا يمكن التكهن بتغيير طالبان لموقفها من الدستور وهل ستستمر في الاصرار على تعديل الدستور ام لا، ومن جهة اخرى هناك من قادة المجاهدين من يعتقد ان هزيمة طالبان ممكن عسكريا مثل الجنرال عبدالرشيد دوستم النائب الاول لرئيس الجمهورية.
ان طالبان التي تحتاج الى الدعم الخارجي لتلبية حاجاتها قد تحولت الى أداة بيد الدول التي تبحث عن مصالح لها في افغانستان ولذلك لايمكن لطالبان ان تتخذ موقفا مستقلا ازاء عملية السلام وهذا هو التحدي الأكبر امام عملية السلام في افغانستان.
وهناك من المحللين من يعتقد بأن جماعات متطرفة اخرى مثل داعش سوف تحل محل طالبان في المستقبل وهذا ايضا يهدد مستقبل السلام في افغانستان.
وتشترط جماعة طالبان خروج الامريكيين بالكامل من افغانستان شرطا للسلام لكن وزير الدفاع الامريكي الجديد اشتون كارتر قال ان امريكا ستعيد نظرها في سحب قواتها من افغانستان وقد تذرع كارتر بوجود جماعة داعش في افغانستان لاطالة امد البقاء الامريكي في افغانستان.
ويعتبر المراقبون ان تكرار مفاوضات السلام مع طالبان كما جرت خلال الـ 13 عاما الماضية لن يؤدي الى السلام وهو تكرار لتجربة فاشلة لكن الحل المنطقي هو تحسين العلاقات بين افغانستان وباكستان لكي تقوم باكستان بعذ ذلك بانهاء سياساتها الازدواجية، ويبدو ان حكومة الوحدة الوطنية في افغانستان تسير في هذا الاتجاه.
وقد اعلن الجانب الباكستاني ان التعاون بين اسلام آباد وكابول في مكافحة الارهاب يحقق المعجزات وهناك مصادر قد اعلنت ان الباكستانيين ابلغوا جماعة طالبان بأن عدم عودتها الى مفاوضات السلام مع الحكومة الافغانية سيدفع باكستان نحو اغلاق معاقل طالبان.
وتفيد بعض التقارير الواردة ان قائد الجيش الباكستاني قد ابلغ الرئيس الافغاني خلال زيارته الاخيرة الى كابول ان مجلس طالبان كويتا وشبكة حقاني هما جاهزان للتفاوض المباشر مع الحكومة الافغانية بشكل كامل.
وكان احد مكامن القلق لدى باكستان هو مكانة البشتون في حكومة الوحدة الوطنية الافغانية والخوف من تهميشهم لكن هذه المشكلة قد تم حلها الان في داخل الحكومة الافغانية وقد قال برفيز مشرف في تصريح صحفي ان مجيء اشرف غني قد عالج قلق باكستان حيال مكانة البشتون في الحكومة الافغانية ولذلك لا يوجد سبب بعد الآن لاتباع سياسة مزدوجة في المنطقة.
وهكذا يمكن القول بأن مفتاح حل الأزمة مع طالبان هو في اسلام آباد كما يبدو ايضا ان باكستان لديها سياسة جديدة في هذا الاتجاه قد تؤدي الى تظافر الجهود مع الحكومة الافغانية الجديدة لحل مشكلة وجود طالبان.