الوقت- أتى واقع إنتخاب السيد عمار الحكيم رئيساً للتحالف الوطني العراقي إيجابياً في الوسط العراق بسبب الخلاف طويل الأمد حول هذا المنصب الحسّاس، بينما يعمل العراقيون و العالم على تهيئة الظروف الداخلية و الإقليمية لبدء معركة الموصل، من إعطاء الحشد الشعبي صفة رسمية للمشاركة في المعركة و تغيير السفير السعودي في العراق و خطوات أخرى عديدة، هذه المواضيع و أخرى كانت محور حديثنا مع القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي الإستاذ علي الكنعان، و الذي جاء فيه:
الوقت: بعد أن شغر هذا المنصب لمدة طويلة، برأيكم ما هو تأثير إنتخاب السيد عمار الحكيم لرئاسة التحالف الوطني العراقي؟
الكنعاني: "في موضوع إنتخاب سماحة السيد عمار الحكيم لرئاسة التحالف الوطني العراقي يجب ان نلتفت إلى أن شخصية السيد تتميز بمميزات عدة أهمها أن السيد شخصية إسلامية معتدلة مقبولة لدى أطراف داخلية عراقية من سنة و شيعة و أكراد و كذلك مقبولة إقليمياً و دولياً، و بإمكان سماحة السيد ترميم الوضع الداخلي في التحالف الوطني لأنه كما نعلم أن التحالف تعرض لهزات عديدة من إختلافات و تضارب في إتخاذ القرارات و في آليات العمل داخله، وهو الذي يعتبر أكبر كتلة سياسية في العراق أو داخل البرلمان العراقي، و بذلك هو يشكل مركز الثقل الوطني و السياسي في العراق، لذلك المطلوب من التحالف إيجاد صيغة جديدة للتعامل فيما بين المكونات العراقية سواء كانت كردية أو سنية أو أقليات أخرى و حتى داخل الوسط الشيعي نفسه، و نحن مقبلين على مرحلة جديدة هي مرحلة ما بعد داعش و يفترض بالعراق أن يستقّر فيها امنياً و ينهض إقتصادياً و يبني علاقات مهمة خصوصاً مع الدول التي كان لها الفضل في مساعدة العراق و دعمه في حربه ضد داعش خصوصاً الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي طالما ساعدت و دعمت العراق، لذا أعتقد أن التحالف الوطني برئاسة السيد عمار الحكيم سيكون له الدور الرئيس في قيادة العراق في المرحلة القادمة أي ما بعد داعش، و هو كفؤ و مهيأ لكل ما يستوجبه الأمر مما ذكرت و خصال أخرى ينفرد بها ستساهم في المضي بالعراق قدماّ."
الوقت: برأيكم على صعيد الوسط الشيعي نفسه، هل تعتقدون أن هذه الخطوة ستساهم في توحيد الصوت الشيعي و تجاوز الخلافات في البرلمان و كافة المؤسسات الأخرى؟
الكنعاني: "طبعاً أكيد، لأنه و كما يعلم الجميع أن الخلافات بين القيادات الشيعية هي ليست خلافات أساسية إنما خلافات إذ صح تسميتها فهي تكتيكية و إختلاف على الآليات و هي تفصيلية و ليست عميقة، لذا فهذه الخطوة ستخلق تقارب بين المجلس الاعلى و دولة القانون و حزب الفضيلة و باقي الأطراف، حتى العلاقات بين سماحة السيدين عمار الحكيم و مقتدى الصدر علاقات طيبة، والعلاقات بين كتلتيهما جيدة، نعم شابها في الوقت الأخير بعض الشوائب و الصدعات و الإنتكاسات و التي بإعتقادي أن قيادة الحزبين يمكن ان تتفق عليها و تتجاوزها و يمكنهما الإلتقاء و التفاهم في خصوص المرحلة القادمة و هذا يشمل كل المكونات الأخرى من شيعة و سنة و أكراد و غيرهم، فالجميع متفق على الإصلاح، إنما الإختلاف على التفصيلات و هي أمور يمكن الخروج منها، كمسألة المناصب الحكومية مثلاً يجب ان تكون أصيلة و ليست وكيلة، فالوكيل ليس مخول دستورياً و ليس لديه الصلاحيات المطلقة للتصرف في مؤسسته أو وزارته، لذلك ضروري أن تبدأ الإصلاحات بإستبدال المسؤولين الذين هم في الوكالة بآخرين أصلاء، كما يجب إستكمال قضية مكافحة الفساد في الدولة العراقية و بناء الدولة التي باتت مترهلة و التي تحتاج إلى ترشيق و ترشيد أيضاً، وخصوصاً في موضوع السلاح و الحرب على داعش التي استهلكت الكثير من الأموال، و هذه الأموال في مرحلة ما بعد داعش ستوجه إلى بناء البنى التحتية و بناء العراق، و هذا الدور سيلعبه التحالف الوطني بكل قواه الموجودة و برئاسة السيد عمار الذي يستطيع الوصول لكلمة موحدة بين القوى السياسية الشيعية خاصة لمقبوليته لدى الجميع."
الوقت: في موضوع الموصل، ما الذي ستؤول إليه الأمور خصوصاً بعد الإصرار الأمريكي على لعب دور كبير في المعركة و عملهم على منع الحشد الشعبي من المشاركة رغم أنه بات مؤسسة رسمية في العراق؟
الكنعاني: "بالنسبة لمعركة الموصل يجب الإلتفات إلى أن داعش باتت ورقة محروقة و منتهية، و حتى الدول الداعمة لها سحبت يدها عنها و أعلنت الحرب عليها، فقد رأينا الموقفين التركي و السعودي مؤخراً، إذ أعلنوا حربهم على التنظيم و سحبوا أيديهم عنه و معركة الموصل محسومة و إنتهاء التنظيم فيها بات قاب قوسين أو أدنى و هو مسألة وقت فقط."
واستدرك قائلاً: "لكن المعاناة تكمن في مرحلة ما بعد داعش، وفي ما يتعلق بقضية إعتراض أمريكا على الحشد الشعبي، فليس هناك شيء معلن حول إعتراضهم إلى الآن، و لكن هناك أطراف محسوبة على تركيا أبدت رفضاً حول مشاركة الحشد الشعبي، و لكن هو أمر مسلّم أن الأمريكي يسعى لمنع الحشد الشعبي من المشاركة في المعركة فهم سبق أن فعلوا ذلك في كل المعارك السابقة ضد داعش، و لكن القرار العراقي يحتضنه إجماع شعبي إذا صح القول و هناك إصرار شعبي و رسمي على دخول الحشد في معركة الموصل بإعتبار الموصل يضم العديد من المكونات من مختلق الطوائف و الإثنيات، لذا الموصل تمثل معركة بالنسبة لكافة المكونات العراقية و ليس السنة أو الشعية أو الأكراد كلٌ على حدا، لذا من المنطقي مشاركة الحشد الشعبي في المعركة، و بالنهاية القضية محسومة و القرار للعراقيين انفسهم."
الوقت: هل تعتقدون أن خطوة تغيير السفير السعودي في العراق بطلب عراقي رسمي سيحد من التهجم الرسمي السعودي على العراق و التدخل في الشؤون العراقية ككل؟
الكنعاني: "السعودية خسرت الكثير من المعارك كما بات الجميع يعلم من عسكرية و سياسية، فخسرت معركة اليمن عسكرياً و سياسياً و كذلك الامر في سوريا و الأمر نفسه في العراق كذلك، لذا هي لا تزال ممتعضة من وجود اطياف رسمية في العراق بعيدة عن الولاء السعودي و تأبى التعامل معها، لذا هم امام وضع من لملمة الشتات في محاولة لمجاراة الوضع الجديد، و السفير السعودي السابق لم يخدم العراق صحيح و لكنه لم يخدم السعودية أيضاً، فثامر السبهان كان رجلاً كثير الكلام و التدخلات و كثير التصريحات لذا لم يكن شخصاً مناسباً ليخدم العلاقات و مستقبل العلاقات السعودية العراقية، لذلك كان من المنطقي للعراق طلب إستبداله و السعودية استجابات لهذا و يمكن أن تكون هذه الخطوة نقطة تحول في العلاقات الثنائية بين البلدين و ربما بين السعودية و المنطقة ككل، فنحن نأمل بعلاقات جيدة بين السعودية و الجمهورية الإسلامية في إيران أيضاً، فإيران دولة مسالمة تسعى دوماً لإحلال الإستقرار في المنطقة وبنائها و التخلص من الإرهاب فيها بشكل عام، لأن الإرهاب لا يستثني أحدا لا العراق و لا السعودية و لا أي أحد و هذا ما شهدناه و نشهده في الداخل السعودي و خارجه، و اليوم بتنا نرى توجهاً سعودياً لمحاربة داعش و نأمل أن تتغير العلاقات بفضل ذلك إلى الأحسن بين العراق و السعودية."