الوقت - خرج الإعلام الأمريكي عن صمته فيما يخص مرض هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية للإنتخابات الأمريكية. فالأمر لم يعد يتعلق بشخص كلينتون وحسب، بل بهيبة أمريكا السياسية والدولية، والتي باتت أمام تحدٍ جديد يُضاف الى التحدي الذي طرحه السلوك الإنتخابي للمرشحين وأسلوبهم الجديد على صعيد السياسة الأمريكية المعهودة. خصوصاً بعد أن وصلت الإتهامات بينهم، لوضعٍ تخطى اللياقات والأتيكيت السياسية. وهو الأمر الذي خرج المحللون الأمريكيون للحديث عن أنه التحدي الأخطر في تاريخ أمريكا. فيما باتت علامات الإرتباك ومحاولة احتواء الأزمة، عبر بحث الديمقراطيين في كافة الخيارات البديلة. فماذا في قضية مرض كلينتون؟ وما هي الأسئلة التي بات يطرحها هذا المرض؟ وماذا في التقديرات الطبية وانعكاس ذلك على الرأي العام الأمريكي حتى الآن؟ وكيف دخلت القضية بازار الإنتخابات بين المرشحين؟
كلينتون تصاب بوعكة تفضح مرضها
كشفت وكالة فرانس برس أن المرشحة الديمقراطية لمنصب الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون، مُصابة بالتهاب رئوي. وكانت كلينتون قد أصيبت بالإعياء الناجم عن جفاف وحمى مصاحبة لإرتفاع في الحرارة يوم الأحد، أثناء مشاركتها في مراسم ذكرى 11 أيلول. وأوضحت فرانس برس، أن كلينتون شاركت في مراسم الذكرى في مكان برجي التجارة السابقين في "منهاتن" لمدة 90 دقيقة. وبعد إصابتها بالإعياء، ألغت كلينتون برنامجها، والذي كان مقرراً يومي الإثنين والثلاثاء، والذي يتضمن السفر إلى كاليفورنيا، في إطار حملتها الإنتخابية بحسب ما أشار المتحدث باسم الحملة "نيك ميريل". وكانت الطبيبة "ليزا بارداك" قالت في بيان نشرته حملة المرشحة الديمقراطية، أنها فحصت كلينتون وهي تعاني منذ فترة طويلة من سعال مرتبط بحساسية، وحين تم فحص هذا السعال تبيَّن إصابتها بالتهاب رئوي. وبحسب الطبيبة، فإن كلينتون خضعت لعلاج بالمضادات الحيوية وسيتم تعديل جدول أعمالها حيث ستخلد للراحة.
تقديرات طبية نشرتها "ديلي إكسبرس" صدمت الإعلام الأمريكي!
زعمت تقارير طبية صادمة خرجت الى العلن وتناقلها الإعلام الأمريكي بحسب صحيفة "ديلي إكسبرس" البريطانية، أن مرشحة الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون، تعاني من مشاكل صحية وقصور وريدي في مراحله المتقدمة. في حين أشارت التقارير الى أنها لن تعيش أكثر من عام. وبحسب الصحيفة فإن تلك المزاعم نشرها أستاذ بجامعة طبية أمريكية، عبر فيديو على موقع "يوتيوب" مدته 10 دقائق، مستخدماً أشعة على المخ وتسجيلات طبية، وفيديوهات تعبيرية لوجه كلينتون. وقام الأستاذ الجامعي والذي يُدرّس في ثلاثة معاهد طبية، بتحديد حالة كلينتون بالقصور الوريدي، مؤكداً أن من يعانون القصور الوريدي يعيشون بين 3 إلى 5 سنوات خصوصاً أنها لم تتعافى من حدوث تجلّطات دموية منذ العام 2012.
قضية المرض تدخل بازار الإنتخابات والحديث عن القدرة على أداء المهام الرئاسية
برزت صحة المرشحين الرئاسيين في المشهد الإنتخابي منذ أن شكَّك المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الوضع الصحي لهيلاري كلينتون، والتي كانت قد تعرضت لارتجاج في الدماغ نهاية عام 2012 جراء سقوطها، ليتبيَّن بعد ذلك وجود دم متخثر في رأسها. وهو ما جعل ترامب يُلمح أثناء حضوره تجمعات انتخابية منذ شهرٍ تقريباً، إلى أن منافسته الديمقراطية لا تمتلك الطاقة الجسدية والذهنية للصمود أمام مهمتها كرئيسة. وهو ما تناقلته وسائل الإعلام بحذر، محاولةً إبراز أن كلينتون تقوم برحلات وجولات بشكل متواصل منذ أشهر. في حين خرجت "كاترينا بيرسين" المتحدثة باسم حملة ترامب، لتُشير إلى إصابة كلينتون بإعاقة في التعبير اللغوي وهي تحصل على فترات راحة طويلة تدل على مرضها. وهو ما أظهره فيديو نشرته وسائل الإعلام العالمية، ظهرت فيه كلينتون تتحدث الى جمهورها بشكلٍ غريب في أوهايو.
إستطلاعات الرأي الأولية ونتائجها
أظهر استطلاعٍ جديدٍ للرأي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية وشبكة "إي بي سي نيوز" يتعلق بشهر أيلول الحالي تم نشره يوم الأحد، والذي أخذ بعين الإعتبار تسريبات مرض كلينتون، تواصل تقدم المرشحة الديمقراطية في انتخابات الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون، على منافسها الجمهوري دونالد ترامب برغم الجدل الكبير الذي أُثير في الآونة الأخيرة حول أوضاعها الصحية. حيث حظيت كلينتون بتأييد نسبته 46% من جانب المشاركين في المسح، مقابل 41%. في حين أبرز الإستطلاع تراجع تأييد المرشحة الديمقراطية إلى 10 نقاط مئوية بين الناخبين المُقيدين في الكشوفات الإنتخابية، مقارنة بالمسح الذي أُجري في شهر آب الماضي، حيث عكست هذه النتائج الجديدة حالة من تراجع الهامش في الفارق بين كلينتون وترامب في بعض الولايات التي تشهد منافسية شديدة بين المرشحين.
في حين اشترك المرشحان في مسألة تراجع السمعة، حيث ذكرت الصحيفة أن سمعة كل من كلينتون وترامب قد تضررت بشكل سلبي جراء الحملات التي يطلقها المرشحان. كما انتقد غالبية المشاركين سلوكيات كلينتون خلال الفترة التي ترأست فيها الدبلوماسية الأمريكية، بالإضافة إلى مؤهلات ترامب ومواقفه العنصرية تجاه قضايا المرأة والأقليات.
أسئلة يطرحها مرض كلينتون
طرح مرض كلينتون العديد من الأسئلة والتي لن يُجيب عليها الواقع الأمريكي إلا بعد فترة لن تكون طويلة خصوصاً أننا أصبحنا على أبواب الإنتخابات. في حين تمت الإجابة على بعضها ولو جزئياً. أما بالنسبة للأسئلة فهي عديدة وتُعتبر مفصلية وتتمحور حول عدة مواضيع لا تخص فقط الإنتخابات بل تزيد على ذلك لتعلُّقها بهيبة أمريكا والتي يُعتبر الرئيس الأمريكي أساسها. وهنا نطرح بعض أهم التساؤلات بشكلٍ موضوعي في التالي:
أولاً: لا شك أن الترويج أو محاولة إظهار عيوب المرشحين، هي من الأمور التي يتنافس لفضحها المرشحون. لكن المشكلة في الإنتخابات الأمريكية اليوم، لم تعد في الحديث حول سلوكٍ سياسي أو قدرةٍ على تقديم خطة وبرنامج إنتخابي. بل باتت تتعلق بأهلية المرشحة الديمقراطية للتصدي لمهام الرئاسة. وهو الأمر الذي بات يطرحه مرضُها، لسببٍ يتعلَّق بأن الهيبة الأمريكية تتعلق بشكلٍ كبير بهيبة الرئيس. وحين يكون الرئيس في حالةٍ صحية متدهورة، فإن ذلك ينعكس على هيبة البلد الذي يترأسه. وهو الأمر الذي يبدو أنه بات محور النقاش على الساحة الأمريكية.
ثانياً: يبدو أن مسألة مرض كلينتون ستنعكس على الساحة الأمريكية والرأي العام الأمريكي المعني بالإنتخابات وتحديداً الناخبون. وهو ما لم يتضح حتى الآن ردة فعله الحقيقة، والتي ما تزال مُتعاطفة. في حين يقول خبراء أن هذه المسألة بالتحديد تخضع لمستوى التدهور الصحي في حالة كلينتون، وكيفية تعاطيها وفريقها الإنتخابي مع الموضوع. في وقتٍ أكدوا فيه أن الإنعكاس السلبي على مستقبل كلينتون السياسي قائم.
ثالثاً: سيمضي المرشح الجمهوري قُدماً في حملته الشرسة ضد كلينتون. خصوصاً أنه كان أول من فضح وسرَّب وتحدّث عن الأهلية النفسية والبدنية للمرشحة الديمقراطية. وهو ما يُتوقع أن يأتي في صالحه، بعد أن صدقت تصريحاته حتى الآن. فيما برز اليوم موقف ترامب المُتضامن مع المرشحة الديمقراطية، والذي تمنى فيه الشفاء العاجل لها. وهو ما اعتبره البعض إيلاءاً لأهمية المصلحة القومية الأمريكية. كما سيحاول ترامب توجيه الرأي العام الأمريكي للتفكير بعقلانية ومنعه من الوقوع في النقاش العاطفي.
رابعاً: لم يخرج حتى الآن رأيٌ يُعتبر وازناً على الساحة السياسية الأمريكية، ليتحدث عن أثر مرض كلينتون. في حين ما يزال الإعلام يتقاذف الموضوع وكذلك الرأي العام الأمركي والعالمي الواقع تحت تأثيرات ذلك. وهو الأمر الذي باتت تُفكَّر فيه الإدارة الأمريكية، خصوصاً بعد أن خرج الصحفي الأمريكي "ديفيد شوستر" ليَنقُل عن مصادر حزبية مطلعة قولها أن الحزب الديمقراطي يخطط لعقد اجتماع طارئ لدراسة الخيارات البديلة، في وقتٍ رجحت فيه صحيفة "The Telegraph" أن يختار الحزب الديمقراطي نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن أو السيناتور بيرني ساندرز، للمشاركة في الانتخابات، في حال قررت كلينتون التخلي عن المشاركة في السباق الرئاسي.
إذن سارعت واشنطن الى تلقي خبر مرض كلينتون، بالحديث عن عقلانيةٍ في إدارة الأمور. حيث خرج الديمقراطيون ليؤكدوا أن الأمور تحت السيطرة، في وقتٍ ساد الجمهوريون حالةٌ من التقدير للمصلحة الأمريكية التي لا تتناسب مع الشماتة بالمنافس، على الرغم من أن الإنتخابات الحالية شهدت استخدام أسوأ الأدبيات السياسية بين المرشحين. ليبدو بوضوح أن أمريكا اليوم، باتت تعيش تحدياً جديداً في مرحلةٍ مفصلية. حيث وضع مرض كلينتون واشنطن أمام تحدياتٍ جديدة تتخطى الإنتخابات، سيكون أهمها كيفية حفظ الهيبة الأمريكية.