الوقت- في زيارة ذات دلالات كثيرة تؤكد تلك التسريبات التي تتحدث عن تغير في المزاج الدولي عموما و الاوروبي خصوصا حول الأزمة في سوريا، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد أمس الاربعاء الوفد البرلماني الفرنسي الذي يزور دمشق برئاسة عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جان بيير فيال رئيس لجنة الصداقة الفرنسية السورية في المجلس.
و تناول اللقاء الذي اتسم بالصراحة والوضوح واقع العلاقات السورية الفرنسية والتطورات والتحديات التي تواجه المنطقتين العربية والاوروبية ولاسيما فيما يتعلق بالارهاب.
وأكد الأسد للوفد على أن سوريا وعبر تاريخها كانت وما زالت مع تطوير وتعزيز علاقاتها مع الدول والتي يجب أن تكون على أساس احترام السيادة والمصالح المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مضيفاً أن "محاربة الإرهاب تتطلب إرادة سياسية حقيقية وإيماناً فعلياً بأن الفائدة ستعود بالمنفعة على الجميع تماماً كما أن المخاطر ستهدد الجميع".
واعتبر الرئيس الأسد أن محاربة الإرهاب تتطلب ارادة سياسية حقيقية وايمانا فعليا بان الفائدة ستعود بالمنفعة على الجميع تماما كما ان المخاطر ستهدد الجميع واذا تم التعامل مع هذه القضية وفق هذا المبدأ فمن المؤكد اننا سنشهد نتائج ايجابية ملموسة في اسرع وقت مؤكدا ان سوريا ومن هذا المنطلق شجعت دائما التعاون بين الدول لانه السبيل الانجع لوقف تمدد الإرهاب والقضاء عليه.
من جانبهم اكد اعضاء الوفد رغبة العديد من البرلمانيين الفرنسيين بزيارة سوريا للاطلاع على الواقع ونقل حقيقة ما يجري في البلاد للشعب الفرنسي مشددين على اهمية التنسيق وتبادل المعلومات بين سورية وفرنسا في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وعبر أعضاء الوفد عن ايمانهم بضرورة العمل معا في مختلف المجالات بما يعود بالمنفعة على الشعبين الفرنسي والسوري مشددين على ان من مصلحة فرنسا ارساء الأمن والاستقرار في المنطقة والتعاون مع سوريا للحد من الارهاب الذي لم يعد خطرا على شعوب الشرق الاوسط فقط بل على اوروبا ايضا.
ويضم الوفد الفرنسي النائب في الجمعية الوطنية الفرنسية جاك ميارد نائب رئيس لجنة الصداقة الفرنسية السورية بالجمعية عمدة مدينة ميزون لافيت وفرانسوا زوشيتو عضو مجلس الشيوخ الفرنسي عمدة مدينة لافال وباتريك باركاند المفتش العام في وزارة الدفاع الفرنسية الامين العام للبعثة الحكومية للاتحاد من اجل المتوسط وستيفان رافيون المستشار الامني في السفارة الفرنسية في بيروت وجيروم توسان.
ويرى مراقبون أن زيارة هذه الشخصيات التي لها وزنها في المشهد السياسي والبرلماني تعكس تطلعهم لإعادة ترميم ما يمكن ترميمه من العلاقات الفرنسية السورية. فخلال القطيعة ذهبت فرنسا بعيدا في حربها على دمشق، سواء بتأطير أعدائها داخل الائتلاف السوري، والمجلس الوطني وتسليح الجيش الحر، وتنسيق عملياتها، ضمن غرف أنطاكية وعمان، أو في فرض عقوبات داخل الاتحاد الأوروبي والتصدي لأي محاولة تعديل أو مراجعة للسياسة الأوروبية تجاه دمشق.
ويواصل الوفد زيارته لدمشق وهي الأولى من هذا النوع منذ بدء الأزمة السورية. حيث سبق تلك الزيارة محاولات عديدة من الجانب الفرنسي لإعادة التنسيق أو الحديث مع دمشق ، وجرت آنذاك عدة تجارب عبر وسطاء لكنها لم تحقق أي نتائج.
و قد زار وفد أمني فرنسي دمشق في تشرين الثاني من عام 2013 من أجل الحصول على معلومات حول المسلحين في سوريا .. لكن الحكومة السورية اشترطت حينها أن يكون التنسيق الأمني عبر إعادة فتح السفارات وهو ما لم يحصل.
وفي سياق متصل أعلنت الحكومة الفرنسية أن زيارة الوفد لدمشق أتت "بمبادرة شخصية وليست بصفة رسمية". وبالرغم مما تضمنه بيان الخارجية الفرنسية تلك، إلا أن زيارة وفد برلماني من بلد كان يعتبر رأس الحربة ضد السياسة السورية وكان من أول البلدان التي أغلقت سفارتها في دمشق تكتسب أهمية كبيرة وتعدّ بمثابة اختراق في العلاقات الفرنسية السورية. و تأتي الزيارة ضمن سياق مراجعات حثيثة لتدشين سياسة جديدة تجاه سوريا تستند إلى الخطر الحقيقي الذي بدأ يدهم الاتحاد الأوروبي أكثر فأكثر بعد حادثة شارلي إيبدو لمعرفة عدد المقاتلين في الجماعات الإرهابية ولمعرفة المناطق التي تسيطر عليها هذه الجماعات كونها بؤرة لاستقطاب ما يسمى "الجهاديين".
وتجري الزيارة وسط بعض تعتيم إعلامي من كلا الطرفين، وتعكس حرصاً كبيراً على عدم إفشال الزيارة التي جرى التحضير لها طيلة أشهر خلت. كما تعكس توقعات متفاوتة من الخطوة السياسية الأولى التي يقوم بها الجانب الفرنسي تجاه دمشق بعد ثلاثة أعوام من إغلاق السفارة فيها.وكانت تسريبات من دبلوماسيين غربيين أفادت عن أن عددا من الدول الأوروبية يؤيد فكرة مراجعة المواقف من الحكومة السورية.
من جهته، رأى النائب في البرلمان الفرنسي آلان مارسو أن زيارة الوفد النيابي لدمشق حصلت بموافقة ضمنية من الرئيس هولاند.وقال مارسو إن "الأميركيين سبقوا الفرنسيين إلى دمشق، وخصوصا على المستوى الامني"، كاشفا أن "العلاقات الأمنية والمعلوماتية الفرنسية مع سوريا بدأت في خريف عام 2013 وسيجري استئنافها"، ومضيفاً أن "موقف الحكومة الفرنسية غير مقبول تجاه الحكومة السورية".
يشار الى أن زيارة الوفد البرلماني الفرنسي هذه تترافق مع زيارة يقوم بها رئيس مجلس الشيوخ الباكستاني ناير حسين بخاري يجري خلالها لقاءات ومحادثات مع عدد من المسؤولين السوريين. ويجري الحديث أن هناك وفود اوروبية تتصل بدمشق لترتيب زيارات مماثلة ولكن يتم التعتيم عليها حتى لا يتم افشالها. وسبق ذلك اعادة افتتاح عدة سفارات سورية في الخارج كان أخرها السفارة السورية في الكويت وذلك قبل حوالي الشهريين من الان مما يؤكد أن الرأي العام أصبح أكثر أطلاع على جرائم المجموعات الارهابية واكثر وقوفاٌ على حقيقة الوضع السوري. في حين يراها البعض انها مؤشرات الانفتاح الدولي نحو دمشق نتيجة طبيعية امام تقدم القوات السورية في ساحات المواجهة ومحاربة الارهاب.