الوقت- يبدأ حجاج بيت الله الحرام ظهر اليوم السبت الصعود لجبل عرفات، حيث استقر عدد القادمين إلى الحج هذا العام على مليون و323 ألفا و520 حاجا، مقابل حوالي مليون و700 ألف حاج العام الماضي.
المدير العام للجوازات بالسعودية، اللواء سليمان بن عبد العزيزاليحيى أوضح في تصريح له أن الحجاج القادمين من إندونيسيا يشكلون العدد الأكبر من الحجيج ويتصدرون المرتبة الأولى. وأضاف: يأتي في المرتبة الثانية الحجاج القادمين من باكستان، يليهم حجاج الهند ثم بنغلاديش وأخيرا نيجيريا.
يبدو واضحاً الفرق الحاصل في عديد الحجاج هذا العام رغم انتهاء جزء من أعمال التوسعة الجارية في الحرم المكّي مقارنة بالعام الماضي، الأمر الذي يعود لأسباب عدّة تبدأ بمقاطعة بعض الدول في مقدّمتها إيران وسوريا بشكل تام ولبنان واليمن بشكل جزئي، ولا تنتهي بالحالة الاقتصادية المتردية التي يعيشها عدد كبير من دول العالم الإسلامي، والتي أدت إلى تراجع الإقبال على الحج؛ نظرًا لارتفاع أسعار الطيران والفنادق في السعودية.
لا تقتصر أسباب التراجع على العوامل الآنفة الذكر، بل يرجع الخبير في السياحة الدينية "باسل السيسي"، الأمر إلى أن عددًا من الدول الإسلامية تشهد مشكلات سياسية عديدة وعنيفة أدت إلى تراجع أعداد الحجاج، مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا وهي الدول التي شهدت تراجعًا كبيرًا في أعداد الحجاج منها.
كذلك، تتصدّر كارثة منى التي حصلت ثالث أيام الحج من العام الماضي، والتي أودت بحياة 2297 حاج، بحسب إحصائيات حكومات أجنبية، إضافة إلى أكثر من 700 جريح، أحد أبرز أسباب هذا التراجع التي حاولت السعودية تعويضه عبر تذاكر المجاملة، فقد أوضح مصدر في الحج السياحي المصري إن مصر شهدت منح من 15 إلى 20 ألف تأشيرة مجاملة مباشرة على الأقل، إضافة إلى الحصة المقررة لها الأمر الذي أدى إلى زيادة أعداد الحجاج المصريين وتعويض الفارق في تراجع أعداد الحجاج من الدول الأخرى.
التراجع الملحوظ في أعداد الحجاج رغم إعلان الهيئة العامة للإحصاء في مكة المكرمة، أن السعودية تهدف لزيادة عدد الحجاج الوافدين إليها خلال الأعوام المقبلة وتقديم خدمات تدعم رؤية المملكة لعام 2030، تسبب بظهور بعض الاعتراضات التي ظهرت على لسان البائعين السعوديين فقد شكا بائعون محليون من النقص في عدد الحجاج هذا العام والذي سيؤثر سلباً على أعمالهم.
تذاكر المجاملة
السعودية التي استعانت اليوم بتذاكر المجاملة رغم قدرتها على زيادة النسبة المخصّصة للدول الإسلامية، تسعى لتعويض جزء من النقص الحاصل من جهة وذلك بسبب إقرار مجلس الوزراء في حزيران الماضي تقليص عدد الحجاج لهذا العام من العالم الإسلامي بنسبة 20 في المئة، ومن الداخل السعودي بنسبة 50 في المئة، وللتمكّن من على المناسك وعدم حدوث أية مشكلات كبرى أو حوادث مثلما شهد الحج العام الماضي من جهة أخرى، عندها لن تتوان السعودية بشكل مباشر أو غير مباشر، لتحميل إيران مسؤولية ما حصل في العام الماضي.
بعيداً عن الأخذ والرد الحاصل، ومن منطلق ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم حيث ترتفع اليوم الشّعارات التي يرفعها المسؤولون السعوديون حول خدمة الحجّاج، تحتاج شعيرة الحج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى مراجعة عامّة تخلص إلى جملة من النقاط التي تصب في صالح العالم الإسلامي، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى النقاط التالية:
أولاً: إن عديد الحجاج ورغم كثرة الطلب الحاصل لا زال يراوح مكانه، فعدد الحجيح العامين الماضي والجاري هو أقل من عدد الحجاج في عام 1999 حيث سجّل عدد الحجاج رقما قياسياً بلغ مليوناً وسبعمائة وأربعة آلاف وثمانمائة واثنين وخمسين حاجاً.
ثانيا: لم تكن كارثة منى هي الأولى، رغم أنها الأسوأ في الربع قرن الأخير، وقد لجأت السعودية العام الجاري إلى تقليص عدد الحجّاج خشية أن تتكرّر هذه الفاجعة التي أودت بحياة أكثر من ألفي حاج، الأمر الذي حرم مئات الألاف من الحجاج من تأدية هذه الفريضة الإسلاميّة.
ثالثاً: رغم تشدّق المسؤولين السعوديين بخدمة الحجّاج، إلا أن شكاوى ارتفاع التكاليف باتت سمة عامة في السنوات الأخيرة في السعودية والدول الإسلامية. العام الجاري ونظراً لتقليص عدد الحجّاج، شهد عاملاً إضافياً يثقل كاهل هؤلاء الحجاج حيث أعلنت السعودية، في آب الماضي، رفع رسوم التأشيرات والمخالفات المرورية ضمن مبادرة قدمتها وزارتا المالية والاقتصاد والتخطيط لتعزيز الإيرادات.
إن معالجة كافّة أمر ممكن، بل أمر ضروري ومتاح اليوم، وذلك عبر وضع فريضة الحج تحت إدارة إسلامية. السعودية تعترض على هذا الأمر لرفع تهمة سوء الإدارة، ولكن بإمكانها أن تجعل إدارة هذا الملف ولو لعام واحد إسلامية، وليست سعودية، عندها يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود.