الوقت- قبل أيام من الان عقد مؤتمر تحت عنوان "من هم اهل السنة؟" في العاصمة الشيشانية غروزني بمشاركة 200 عالم سني بهدف تقديم تعريف شامل عن اهل السنة وأعلن البراءة عن الجماعات السلفية التكفيرية وقد شارك كبار علماء جامعة الازهر أيضا في هذا المؤتمر.
ورغم معارضة العلماء الوهابيين السعوديين ومعارضة بعض الاشخاص في شبكات التواصل الإجتماعي وبعض العلماء الباكستانيين لهذا المؤتمر يمكن القول ان هذا الحدث يعتبر حدثا منقطع النظير في العالم السني ويمكن ان تكون له تبعات إيجابية كبيرة.
ان أهم ما في هذا المؤتمر هو المشاركة الواسعة للعلماء والمفتين المصريين أمثال الشيخ احمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بهذا المؤتمر، وقد تحدث الشيخ أحمد الطيب بكلام تاريخي أكد فيه ضرورة اصلاح الخطاب الديني وإنفصال أهل السنة عن التكفيريين الإرهابيين والذي يمكن مقارنته مع بيان الشيخ الشلتوت الذي اعترف بشرعية الفقه الجعفري كأحد المذاهب الإسلامية.
ان ردة الفعل الحادة للعلماء الوهابيين من جهة وضجيج أنصارهم في المناطق المختلفة من العالم يدلان بوضوح على أهمية هذا الحدث في العالم الإسلامي وخاصة بين أهل السنة ففي الوقت الذي اعتبر سلفيو مصر العلماء المشاركين في هذا المؤتمر بعدم المعرفة الصحيحة عن أهل السنة وإدعوا ان بيان المؤتمر سيؤدي الى التفرقة والعداء بين المسلمين قال العلماء الوهابيون السعوديون ان هذا المؤتمر هو مؤامرة ايرانية روسية ضد السعودية.
ومن جهة أخرى رحب بعض الشيعة المصريين بهذا الحدث وقال الشخصية الشيعية المصرية عماد قنديل حول هذا الحدث وحول كلام الشيخ احمد الطيب في المؤتمر، انه بعد ان اتضحت دائرة اهل السنة في هذا المؤتمر فإن الوجه الحقيقي للسلفيين الوهابيين التكفيريين قد إنكشف وقد عرف أهل العالم ان الجماعات المتطرفة والإرهابية لا علاقة لهم بالإسلام وأهل السنة.
ورغم ان تقديم تقييم دقيق عن مدى تأثير هذا المؤتمر وبيانه الختامي ليس ممكنا حتى الان لكن يمكن القول ان هذا الحدث يمكن ان يشكل بداية لدور جديد من الحوارات بين علماء المسلمين من دون شك وان مؤشرات ذلك قد ظهرت في كلام الشيخ احمد كريمة وهو استاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر حينما قال في حوار مع وكالة البديل للأنباء ان الفكر المتطرف الوهابي يشكل خطرا على وحدة مصر وكل العالم الاسلامي مضيفا "الخوف من تقسيم مصر دفعني للتقريب بين المذاهب أحلم بجمع السني والشيعي والإباضي في شاشة واحدة".
ان هذه التصريحات تثبت ان الدعايات الواسعة للوهابيين لتشويه وجه المذهب الشيعي ورغم بعض التأثير في أوساط بعض اهل السنة غير الواعين، لم تؤثر على أغلبية علماء السنة ولذلك يمكن القول ان بإمكان علماء الشيعة ان يحبطوا مؤامرات التخويف من الشيعة ومعاداة الشيعة عبر الحوار مع هذا الصنف من العلماء السنة.
لاشك ان علماء الوهابية وبدعم من السلطات السعودية نجحوا خلال السنوات الماضية في نشر عقائدهم المنحرفة وأفكارهم المتطرفة ليس فقط في العالم الإسلامي بل في كل العالم وخداع الكثير من الأشخاص لكن مع ظهور الارهاب التكفيري وانتشار العنف في العالم دق ناقوس الخطر للمسلمين ولشعوب العالم واصبح الجميع يدركون اليوم بشكل اكبر انه ينبغي البحث عن الجذور الفكرية للارهاب التكفيري في العقائد الوهابية واذا كان العالم يريد مواجهة هذا النوع من الإرهاب فعليه ان يواجه مصدره الملهم أي العقيدة الوهابية.
ويبدو الان ان الفرصة مؤاتية للقضاء على مسببي التفرقة في العالم الإسلامي واتخاذ الخطوات الأساسية لتحقيق الوحدة الإسلامية.
ربما لا يعلم الجميع من يقف بالضبط خلف إنعقاد مؤتمر غروزني لكن يجب الإعتراف ان منظميه كانوا يدركون جيدا الإمكانيات والقدرات الموجودة في العالم الإسلامي وهم أقدموا على إنعقاد هذا المؤتمر بذكاء تام وقدموا طريقة ناجعة لمكافحة التطرف والإرهاب التكفيري في العالم الإسلامي ولذلك ينبغي دعم هذه الخطوة بشكل جدي.