الوقت - طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل أيام الجمهورية الإسلامية في إيران بالإعتراف بالكيان الإسرائيلي كشرط لتعزيز العلاقات بين برلين وطهران.
وقالت ميركل في رسالة وجهتها إلى رئيس المجموعة البرلمانية للصداقة الألمانية - الإسرائيلية (فولكير بيك) إن تعزيز العلاقات بين ألمانيا وإيران يرتبط بمدى إستعداد طهران للقبول بالإعتراف الرسمي بوجود "إسرائيل".
وجاء كلام ميركل رداً على إستفسار تقدم به البرلمان الألماني بهذا الخصوص في السادس من الشهر الماضي، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الحكومة الألمانية ترغب بإجراء حوارات مع نظيرتها الإيرانية حول كافة القضايا الأساسية والضرورية التي تهم الجانبين.
يأتي هذا في وقت أشارت فيه مجلة "بيلد" الألمانية إلى أن نائب المستشارة ميركل ووزير الاقتصاد "سيغمار غابريل" يعتزم توجيه دعوة رسمية للرئيس الإيراني حسن روحاني لزيارة برلين في الخريف القادم.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الألماني "فرانك فالتر شتاينماير" الذي لعب دوراً مهماً في إبرام الإتفاق النووي بين إيران والمجموعة السداسية الدولية التي تضم أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى ألمانيا في تموز/يوليو 2015، كان قد وجّه في أوقات سابقة إنتقادات كثيرة لرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" بسبب موقفه الرافض للإتفاق النووي، الأمر الذي أثار حفيظة اللوبي الصهيوني في داخل ألمانيا.
وكانت ألمانيا قد كثّفت من التبادل الاقتصادي والسياسي مع إيران في أعقاب إبرام الإتفاق النووي. وقد توجه زيغمار غابريل في تموز 2015 إلى طهران كأول سياسي غربي بارز يزور العاصمة الإيرانية، كما سافر وزير الخارجية شتاينماير إلى إيران مرتين.
ومن الجدير بالذكر أن مستوى العلاقات التجارية بين إيران وألمانيا قد إرتفع بشكل ملحوظ في النصف الأول من العام الجاري، أيّ في المدة التي أعقبت دخول الإتفاق النووي بين طهران والسداسية الدولية حيز التنفيذ في كانون الثاني/يناير الماضي. وقد زادت الصادرات الألمانية إلى إيران خلال هذه المدة بنسبة 15 بالمئة قياساً إلى نفس الفترة من العام الماضي، ووصلت إلى حدود 1.13 مليار يورو، أي ما يعادل 1.26 مليار دولار أمريكي.
وتتوقع غرف التجارة الألمانية أن تتضاعف صادراتها إلى طهران إلى نحو خمسة مليارات يورو خلال عامين فقط، وتحرص شركات مثل فولكسفاجن وسيمنز وآلاف الشركات الأخرى إلى إستعادة دورها في تصدير شحنات إلى إيران.
ويبدو من خلال القرائن والمعطيات المتوفرة بأن الحكومة الألمانية تتعرض في الوقت الحاضر إلى ضغوط متزايدة من اللوبي الصهيوني داخل البلاد، وتحديداً داخل البرلمان، لمنعها من تطوير علاقاتها مع طهران في كافة المجالات وذلك في إطار سياسة صهيونية عامة تهدف إلى وضع العراقيل بوجه تعزيز العلاقات بين إيران وكافة الدول الغربية.
ويمكن القول دون أدنى ريب بأن العواصم الغربية تدرك بأن الجمهورية الإسلامية في إيران غير مستعدة على الإطلاق للتراجع عن مواقفها المبدئية والثابتة الرافضة للإعتراف بالكيان الإسرائيلي مهما كانت الضغوط التي تمارس ضدها في هذا المجال، كما يدرك الغرب تماماً بأن طهران لن تتنازل عن مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية ومحور المقاومة الذي يتصدى للمشروع الصهيوأمريكي الرامي إلى تمزيق دول المنطقة والإستحواذ على مقدراتها والعبث بمصيرها.
ختاماً ينبغي التأكيد على أن الشرط الذي وضعته ميركل لتعزيز العلاقات مع طهران، أيْ الإعتراف بالكيان الإسرائيلي لن يجد له جواباً سوى الرفض القاطع من قبل إيران التي أثبتت التجارب أنها لن تحيد قيد أنملة عن مبادئها وثوابتها الإسلامية وفي مقدمتها رفض الإعتراف بالكيان الإسرائيلي ودعم الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة لإستعادة الحقوق المغتصبة في الأرض والوطن.
وهذه الحقيقة تفرض على جميع الدول الأوروبية بما فيها ألمانيا الإذعان لها وعدم الرضوخ للضغوط الصهيونية إذا كانت تريد فعلاً أن تقيم علاقات سليمة وبنّاءة مع الجمهورية الإسلامية في إيران وليس العكس.