الوقت- تشهد العلاقات التركية الامريكية بعض التوتر في هذه الايام من منظار الحكومة التركية، فالمسؤولين الاتراك ينتقدون البيت الابيض لتأخره في اتخاذ موقف بشأن الانقلاب الفاشل وادانة الانقلاب والانقلابيين وابداء الدعم للحكومة المنتخبة من قبل الشعب في تركيا.
كما يعتبر الاتراك تواجد فتح الله غولن في امريكا نوعا من انواع الدعم لحركة "الخدمة" التابعة لغولن في وقت يعتبر اردوغان ان المسؤول الاول عن الانقلاب هو غولن، وقد طلب المسؤولون الاتراك رسميا من امريكا تسليم غولن لكن يبدو ان واشنطن لم تكترث لهذا الطلب وطالبت بتقديم المزيد من المستندات.
واضافة الى ذلك شهدت العلاقات التركية الامريكية توترا آخر خلال العام الاخير حول الازمة السورية فتركيا تتهم امريكا بدعم الاكراد السوريين وتعتبره تهديدا لمصالحها وقد وجه رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم انتقادات لتعاون القوات الامريكية مع "وحدات حماية الشعب" الكردية في سوريا وقال ان الامريكيين لايعتبرون هؤلاء ارهابيون لانهم يقاتلون داعش لكن هؤلاء يساعدون جماعة ارهابية اخرى (في اشارة الى حزب العمال الكردستاني).
ورغم الضجة الكلامية التركية المثارة ضد امريكا، من المستبعد ان يؤثر هذا التوتر على هيكلية العلاقات بين البلدين لانها علاقات استراتيجية وهناك تعاون وثيق وقديم بين الجانبين لكن يبدو ان الاتراك يرغبون بأن تبدي امريكا مرونة اكبر حول قضية تسليم غولن.
لقد رفض الرئيس الامريكي وجود اي دور امريكي في الانقلاب الفاشل قائلا ان الطلب التركي لاسترداد غولن سيدرس ضمن اطار القوانين الامريكية، وهنا يقول المراقبون انه يجب انتظار المستندات التي ستقدمها تركيا ومعرفة مدى صحتها وقوتها على اقناع الامريكيين، كما لايمكن القول ان امتناع امريكا عن تسليم غولن يعني حماية غولن امام الحكومة التركية.
وهناك من يعتقد ان ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما تحاول عدم الدخول في توترات جدية وازمات خلال الشهور المتبقية من ولاية اوباما الرئاسية حتى موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل لكي تأتي الحكومة القادمة وتقرر بشأن تسليم غولن او عدمه لكن ورغم ذلك لايمكن اعتبار هذه القضية كقضية محورية تؤثر على عمق العلاقات الاستراتيجية مع تركيا، ومن جهة اخرى لايبدو ان السياسة الخارجية الامريكية ستشهد تغييرات واسعة مع تغيير الحكومات.
اما السيناريو الآخر الذي يطرحه البعض فيما يخص هذه القضية هو ان تراجع العلاقات التركية الامريكية سيؤدي الى تقارب اكبر بين تركيا وروسيا، وفي هذا السياق يمكن ادراج الزيارة المرتقبة للرئيس التركي الى روسيا في اغسطس المقبل والتي تأتي لاول مرة بعد الازمة في العلاقات بين البلدين على خلفية اسقاط تركيا للطائرة الروسية في الاجواء السورية وذلك بعد ان بعث اردوغان في اواخر يوليو الماضي رسالة الى بوتين ابدى فيها اسفه ازاء هذه الحادثة ما اعتبر اعتذارا تركيا لروسيا اعقبه استئناف العلاقات بين البلدين، وهكذا يبدو ان اردوغان يريد جلب انتباه الامريكيين بأن موسكو وانقرة تسعيان لايجاد علاقات استراتيجية بينهما.
وفي مجمل الاحوال لن تترك التوترات الاخيرة في العلاقات التركية الامريكية وخاصة بعد الانقلاب الفاشل، أثرا عميقا على العلاقات الثنائية رغم الضجة الاعلامية المثارة لأنه كما يؤكد تقرير لقناة "سي ان ان" فإن امريكا بذلت سنوات طويلة من الجهد لتربية هذا الحليف التركي في منطقة هامة تقع بين اوروبا والشرق الاوسط، كما ان تركيا تحظى بأهمية بالغة في الحرب ضد داعش ومنع تدفق اللاجئين السوريين والمسلحين الاجانب وكذلك وجود تعاون عسكري وثيق كدولة منتمية لحلف الناتو.