الوقت- تكشف التطورات الأخيرة التي تجري على الساحة اليمنية تزامناً مع الذكرى الرابعة لانطلاقة الثورة، عن ايام صعبة تنتظر اليمنيين، فعندما تغلق أمريكا سفارتها في صنعاء الى اجل غير مسمى، وتطلب من رعاياها المغادرة فوراً، وتحذو حذوها بعض الدول الاوروبية ، فان هذا يعني ان حربا دموية شرسة في طريقها الى اليمن.
يبدو أنه بعد فشل المخططات الغربية في إخضاع الشعب اليمني وعزل أنصار الله، خاصةً بعد الإعلان الدستوري الصادر في السادس من شباط الجاري الذي إعتبر إجراءً ضرورياً بعد استقالة عبد ربه منصور هادي والحكومة منعاً لدخول البلاد في حالة من الفوضى، تخطط الدول الغربية بمؤازرة بعض دول المنطقة لزج اليمن في أتون الحرب الأهلية.
في هذا السياق أوقفت أمريكا العمل في سفارتها وسحبت طاقمها الدبلوماسي، حيث زعمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين بساكي إن "الأعمال الأخيرة الأحادية الجانب خربت عملية الانتقال السياسي في اليمن وأنتجت مخاطر تهدد اليمنيين والسلك الدبلوماسي في صنعاء" حسب قولها.
وقال موظفون محليون في السفارة الأميركية في اليمن لوكالة "رويترز" إن "طاقم العاملين دمر أسلحة وأجهزة كومبيوتر ووثائق قبل إغلاق السفارة وإجلاء الدبلوماسيين".
وفي مقابل سحب الدبلوماسيين الأميركيين من صنعاء، قال البيت الأبيض الأربعاء إن موظفي وزارة الدفاع الأميركية باقون في اليمن لمواصلة "مهمة مكافحة الإرهاب"، في إشارة إلى العمليات الأميركية التي تستهدف تنظيم القاعدة في اليمن.
وفي هذا السياق، قال عضو المكتب السياسي لحركة "أنصار الله" عبد الملك العجري على صفحته على "فيسبوك"، إن "قرار إغلاق السفارات ليس له ما يبرره على الإطلاق، ويأتي في إطار الضغط على الشعب اليمني".
وأضاف العجري أن "حكومات الدول الشقيقة والصديقة ستدرك في المستقبل القريب أنه في مصلحتها التعامل مع إرادة الشعب اليمني بالاحترام الواجب"، نافياً تقرير العاملين في السفارة الأميركية بأن الحركة استولت على أكثر من 20 من سياراتهم.
من جانبه أكد المبعوث الأممي لليمن، جمال بن عمر أن الوضع خطير جدا و اليمن على حافة الدخول في حرب أهلية، وقال بن عمر في مقابلة مع "العربية" و"الحدث"، موقف الأمم المتحدة واضح وهي تدعو دائما إلى حل النزاعات بالطرق السلمية.
وحمّل المبعوث الأممي جميع الأطراف السياسية اليمنية مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع، وقال "كلهم شركاء في ما وصل إليه الوضع الآن كلهم ارتكبوا أخطاء وحماقات، وأحيانا مجموعات لجأت إلى العنف لتحقيق أهداف سياسية ومجموعات حاولت المناورات السياسية لعرقلة العملية السياسية و اوصلت الأمور إلى ما عليه الآن".
وأكد بن عمر أنه بالنسبة للأمم المتحدة، "ليس أمامهم إلا خيار البقاء مع اليمنيين لمساندتهم في هذا الوضع من أجل مساعدتهم للخروج باتفاق يخرجهم من هذه المحنة"، مؤكدا في الوقت نفسه بأنه "لا حل إلا عبر الحوار والتوافق"، ودعا جميع الأطراف السياسية إلى جعل مصلحة اليمن هي العليا.
وحول الإعلان الدستوري ، أكد المبعوث الأممي أنه "إعلان أحادي الجانب"، مضيفا بأنه تم تجاوز هذا الموضوع والحوار الحالي يتم تحت سقف المصلحة العليا لليمن.
وقال بن عمر إن الأطراف السياسية كلها مشاركة في الحوار، مؤكدا بأن هناك تقدما بشكل كبير في الحوار وأنه تم بحث عدد كبير من الخيارات وحصر نقاط الخلاف في عدد محدود من القضايا.
المبعوث الأممي تمنى أن ينتهي هذا الحوار في أقرب وقت باتفاق سياسي واضح قابل للتنفيذ، وأكد أن الحوار الجاري بدأ من حيث انتهى يوم الخميس.
وقال المبعوث الأممي إنه متفائل كثيرا بإمكانية انتهاء الحوار في أقرب وقت إذا استمرت القوى السياسية في مستوى المسؤولية.
وأكد بن عمر أن الوضع الاقتصادي على حافة الانهيار وهناك أزمة سياسية في السلطة، لكنه قال "لن نغادر اليمن وسنبقى واقفين مع اليمن في محنتهم إلى أن يصلوا إلى اتفاق سياسي وبخطة واضحة من أجل تطبيع الأوضاع وسنواصل عملنا في الجانب السياسي والإنساني".
وحول إغلاق السفارات الغربية في اليمن ومغادرة بعثاتها الدبلوماسية، قال بن عمر "أتمنى أن تكون هذه المغادرة مؤقتة تنتهي بالوصول إلى اتفاق سياسي وتشكيل سلطة تباشر عملها بشكل واضح وتعود السفارات إلى ما كانت عليه من قبل".
إلى ذلك كشف مسؤول خليجي لصحيفة "الشرق الأوسط" عن أن دول مجلس التعاون لن تتحرك عسكريا لحماية مصالحها في اليمن، مؤكداً أن التنسيق جار لصياغة موقف خليجي صارم من الأوضاع في اليمن سيعلن، السبت المقبل، على هامش اجتماع مجلس وزراء خارجية دول المجلس، وأضاف أن الموقف يتجاوز سحب البعثات الدبلوماسية.
في السياق نفسه كشف نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، الفريق ضاحي خلفان في تغريدة له على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي تويتر ان سر مغادرة السفير الأمريكي لليمن تؤكد أن الأخبار غير المعلنة تحمل في طياتها حرباً أهلية وشيكة الوقوع داخل اليمن .
من المقابل اعتبر مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين اميرعبداللهيان ان التطورات في اليمن تسببت في رفع مستوي الامن بالمنطقة وجعلت الظروف اكثر صعوبة للارهابيين في هذا البلد.
وفي تصريح للصحفيين على هامش مسيرات ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في طهران، أشار عبداللهيان الى ان تطورات اليمن زادت من أمن المنطقة وعقدت الأمور على الارهابيين في هذا البلد، وقال: اننا ندعم استقلال اليمن ووحدته الوطنية.
ووصف اغلاق السفارتين الامريكية والبريطانية بانه اجراء متسرع وذا مغزى، واضاف: ان اليمن يعود لكل اليمنيين وان انصار الله يتحركون في اتجاه دفع العملية السياسية ومكافحة الفساد والارهاب معا بوعي، مع الاخذ بنظر الاعتبار متطلبات الشعب.
واضاف عبداللهيان بان ما يجري في اليمن شان داخلي ويعود لكل اليمنيين وان الامم المتحدة ومجلس التعاون بامكانهما دعم استقرار وامن اليمن والمنطقة بواقعية.
في الخلاصة، اليمن وباختصار شديد مقدم على وضع خطير، ويبدو أن أمريكا والقوى الغربية تسعى لعزل اليمن خاصةً بعد تهديدها بفرض العقوبات اثر الإعلان الدستوري، ما يدعو كافة أبناء الشعب اليمني إلى الوحدة والتكاتف لمواجهة وإفشال المخططات الغربية، فالمستهدف اليوم ليس طرفاً هنا أو هناك، إنما اليمن والشعب اليمني في أمنه وإستقراره وإقتصاده وعزّته.