الوقت- وفاة الملك السعودي عبد الله البالغ من العمر 91 عاماً ونقل السلطة إلى إخوته غیر الأشقاء، أي سلمان الملك الجديد ومقرن ولي العهد الجديد، بالإضافة إلى أهمیته الداخلية في تحديد الأجنحة داخل الأسرة، له الکثیر من الأهمیة في مجال السياسة الداخلية أي مسار الإصلاحات في السعودية، وفي السياسة الخارجية أي العلاقات مع المحیط والمنطقة. ويمكن لرؤیة القادة الجدد في السعودية الذین کانوا في السنوات السابقة یتولون الإدارة السياسية واتخاذ القرار بسبب مرض الملك، أن تكون لها نتائج جديدة علی الصعید الداخلي السعودي.
سلمان بن عبد العزيز البالغ من العمر80 عاماً والذي یعاني هو الآخر من المرض والشيخوخة، له ميول أكثر حذراً وأكثر واقعية بالمقارنة مع الملك عبد الله. وله علاقات داخلية وخارجية واسعة النطاق نتیجة تولیه لإمارة منطقة الرياض لما يقرب من 50 عاماً. وبسبب الأهمية السياسية للعاصمة والعلاقات السياسية مع السفراء والسلطات العسكرية في مختلف البلدان، فإن سلمان شخصیة فعالة وقوية، ویعرف علی المستوی المحلي وداخل الأسرة الحاكمة، بأنه راعي تسویة الخلافات.
وبالنسبة إلی آفاق الإصلاحات في السعودية یجب القول إن الإصلاحات التي قام بها الملك عبد الله خلال السنوات الماضیة، فیما یتصل بتعزیز الدور الاجتماعي للمرأة والحضور في مجلس الشورى ،وقضية قيادة المرأة للسيارة، والاهتمام بحوار الأديان والمذاهب والاهتمام بقضیة الأقلیة الشیعیة، وتزايد الاتجاه العالمي بين الشباب، نتیجة لنهج سلمان الأكثر تحفظاً وعلاقاته الجيدة بالمؤسسات الوهابية، یمکن أن تجعل وتيرة الإصلاحات في السعودية بطيئةً إلى حد ما.
طبعاً حسب وجهة نظر الملك الجدید سلمان، ينبغي أن تكون الإصلاحات في عملية معقولة ومتوازنة تزیل مخاوف المؤسسات الدينية، وإن کان اهتمام منظمات حقوق الإنسان قد توجه في الوقت الحاضر إلی السعودية بسبب عوامل مثل الإعدام وقطع رأس المجرمين والمتهمین. وکذلك تضاعفت حساسیة قرارات صناع القرار في السعودية وذلك بسبب نهج وأنشطة تنظیم داعش في المنطقة.
وفيما یتعلق بالسياسة الخارجية أیضاً فلابد من القول إننا لن نشهد تغييرات مختلفة وملموسة، بمعنی أن نهج السياسة الخارجية السعودية في المنطقة لن یتغير، ولکننا سنشهد تفعيله في مناطق مثل العراق واليمن ومصر وتركيا. وكان سلمان قد انتقد في وقت سابق النهج السلبي حیال العراق وخصوصاً عدم إعادة فتح السفارة السعودیة في بغداد. والأمر الآخر هو أنه نظراً لوجود سعود الفيصل في وزارة الخارجية، فیجب القول إن التغییر في بعض السياسات السعودية یتوقف علی تغییر وزير الخارجية السعودي. وفي هذا السياق، فإن تعیین عبد العزيز بن عبد الله نجل عبد الله، يمكن أن یقدم نظرة جديدة للدور السعودي في التعامل مع القضايا المحيطة والعلاقة مع الجيران، لأن له نظرة إيجابية تجاه إيران خلافاً لسعود الفیصل.
والملاحظة الأخیرة هي أن توقع التغيرات في السياسة الخارجية السعودية بغض النظر عن التغيرات الإقليمية والدور الأمريكي في الشرق الأوسط والخليج الفارسي، هو توقع متسرع وبعید عن الواقع إلى حد ما، ذلك أن تطبيق أفكار صناع القرار السياسي ينبغي أن تتم في سياقها وأرضیاتها. ولهذا السبب فإن تأزم التطورات في المنطقة وخاصة في السعودية، يمكن أن يكون له الأثر الأكبر على النهج الهجومي أو الدفاعي للسعودية، ویدخل سياستها الخارجية في العمليات التفاعلية أو التقابلية مع الجيران.