الوقت-حرب ابادة، أدق ما يمكن أن يوصف فيه الوضع بين الفصائل السعودية والقطرية في غوطة دمشق الشرقية، اذ تتواصل المعارك العنيفة بين ما يُسمّى بـ"جيش الإسلام"، وكل من فيلق الرحمن وجيش الفسطاط، في اغلب بلدات ريف دمشق الشرقي، مخلفة أكثر من 700 قتيل من العناصر التكفيرية وعشرات المدنيين.
وبدأت الاشتباكات نهاية نيسان/ابريل اثر هجمات عدة شنها فصيل "فيلق الرحمن" على مقرات "جيش الاسلام"، واستهدفت الهجمات مقرات "جيش الاسلام" في القطاع الاوسط للغوطة الذي يشمل مناطق عدة بينها سقبا وبيت سوى وجسرين وزملكا ومسرابا. واعتقل المهاجمون وقتها "اكثر من 400 مقاتل من جيش الاسلام وصادروا اسلحتهم".
جبهة النصرة (فرع القاعدة في سوريا) رأت في الخلاف الدائر بين "فيلق الرحمن" و"جيش الإسلام" فرصة سانحة لركوب موجة القتال، فدخلت على الخط محاولة قضم ما تسطيع من أماكن سيطرة جيش الاسلام في الغوطة الشرقية، وشكلت ميليشة جديدة تحت مسمى جيش الفسطاط بالتعاون مع فيلق الرحمن.
وفي هذه الاثناء أصدر الناطق الرسمي باسم جيش الإسلام اسلام علوش تحذيراً لمن أسماهم " البغاة"، وطالبهم بعدم الانصات الى قادتهم.، وأكد علوش أن أسباب الإقتتال بين جيش الاسلام وفيلق الرحمن في الغوطة الشرقية هي أن فيلق الرحمن ” وبعد تحالفه مع القاعدة هاجموا مقرات لنا في مناطق متفرقة في الغوطة بدعاوى واهية لم يقدموها للقضاء"، وطالب علوش" الفيلق بالتنفيذ الفعلي للمبادرات التي قدمت في سبيل هذا الاشكال، وحذر من المماطلة ونقض العهود والمواثيق".
وفي أقل من 24 ساعة اصدر جيش الإسلام بيان مصور ثاني تلاه الناطق الرسمي باسم الهيئة حمزة بيرقدار، تحدث فيه عن" استمرار البغي على جيش الإسلام من قبل تحالف جيش الفسطاط وفيلق الرحمن ومطاردة عناصره، ونتيجة اغتنام الفرصة من قوات النظام من زيادة ضغطها على نقاط رباط عناصر جيش الإسلام في جنوب الغوطة، وحمل جيش الفسطاط وفيلق الرحمن مسؤولية التراجع الميداني في المنطقة".
وكشف بيرقدار "أن جيش الفسطاط وفيلق الرحمن لا يزالان يختطفان أكثر من نصف مقاتلي اللواء 111 المرابط في المنطقة الجنوبية من الغوطة الشرقية، ويقطعان طريق الإمداد عن باقي المرابطين من جيش الإسلام، في المنطقة، ويمنعان إخلاء الجرحى، ويطبقان الحصار على مقاتلي جيش الإسلام، من الخلف، كما يرغموهم على إعلان الانشقاق عن جيش الإسلام"، مطالباً بفك الحصار عن كتائب "جيش الإسلام المحاصرة في نقاط رباطها في كل من جوبر وزملكا وعربين، وإطلاق سراح جميع العناصر المختطفين".
المرصد السوري المعارض أكد وجود معارك عنيفة بين الجماعات التكفيرية ناتجة عن صراع على النفوذ بين الفصائل الإرهابية في الغوطة الشرقية ، وأشار الى تجدد الاشتباكات على أطراف بلدة مسرابا ومديرا بغوطة دمشق الشرقية، مؤكداً مقتل أكثر من 600 خلال الاشتباكات المستمرة منذ 28 نيسان/أبريل الماضي، حيث تدور معارك عنيفة بين جماعة “جيش الاسلام”، في الغوطة الشرقية، من جهة وجماعة “فيلق الرحمن” من جهة آخرى.
فتوى التكفير والدعوات الى القتال مشتعلة بين "أخوة الارهاب"
حرب الفتاوى اشتعلت هي الآخرى بين الأطراف المتنازعة، وجند كل طرف "مشايخه" لتكفير الطرف الآخر واصدار فتاوى القتال ، وفي هذا السياق قال المدعو "أبو محمد الأردني" رئيس الهيئة الشرعية في "جبهة النصرة"، أن قتال جيش الإسلام هو واجب شرعي وأولى من قتال النظام السوري، ويجب إبادة جيش الإسلام حتى آخر رجل فيه إذا لم ينزلوا الى شرع الله سواء أكان لهم صلة بملف الاغتيالات أم لم يكن.
وهاجم الاردني المطالبين بوقف القتال قائلاً وأن "من واجب الناس عدم اعتزال الفتنة، فمن كان يرى الحق مع "جيش الإسلام" فليحمل سلاحه ويقاتل ضدنا في صفوفه ومن يرى الحق مع "جبهة النصرة" فيلقاتل معنا "جيش الإسلام"، أما من يحاول أن يقف على الحياد فهو جبان آثم"، وتابع :" لقد سيطرنا على نصف الغوطة وتم تطهيرها من مفسدي "جيش الإسلام" ونحن لن نرجع عن قتال "جيش الإسلام" ولن نقبل بالذل ولن نطأطئ رأسنا كما طأطأ السوريون رؤوسهم لنظام الأسد."
الحرب المندلعة في غوطة دمشق الشرقية كان لها أذان صاغية في الرياض، اذ دخل رئيس ما يسمى بـ"الهيئة العليا للمفاوضات" رياض حجاب على الخط، مقدّماً مبادرة جديدة لحل المشكلة بين الطرفين. وأعلن "جيش الإسلام" في بيان جديد، موافقته على المبادرة، نافياً ما أشيع حول إمكانية عقد لقاء بين قائده وبين قائد فيلق الرحمن لصياغة تفاهم جديد.