الوقت – شهدت تركيا ردود افعال عديدة عقب استقالة رئيس الوزراء ورئيس حزب العدالة والتنمية احمد داود اوغلو ففي داخل حزب العدالة والتنمية يقولون ان اوغلو واردوغان اختلفوا على تغيير النظام السياسي من برلماني الى رئاسي، لكن قائد اكبر احزاب المعارضة كمال قليجدار اوغلو يعتبر تنحي اوغلو قضية تتخطى الاطار الحزبي فهي بمثابة انقلاب دبره القصر الرئاسي ضد الديمقراطية، وبشكل عام يتهم معارضو اردوغان رئيس الجمهورية بأنه يسوق تركيا نحو الدكتاتورية ويعتبرون هزيمة اوغلو امام اردوغان خطوة اخرى تقرب اردوغان من ان يصبح سلطانا.
الشرخ في داخل حزب العدالة والتنمية
كان اوغلو من اهم حلفاء اردوغان ابان تولي الاخير منصب رئاسة الوزراء ويقال ان سبب تنحيه عن منصبه يعود الى خلافاته مع اردوغان حول السياسات الاقتصادية وتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية واعتقال المعارضين قبل محاكمتهم لكن يجب ان لا ننسى ان اردوغان قد طرد عبدالله غول ايضا من السلطة وحل مكانه في الرئاسة ويبدو ان هناك قاعدة غير مكتوبة في داخل حزب العدالة والتنمية وهي ان على الجميع ان يكونوا متوافقين مع اردوغان.
ان اردوغان انتهج نهجا استئثاريا بعد انتخابات عام 2009 واخرج حزب العدالة والتنمية من دائرته المؤسساتية غير المرتبطة بالاشخاص واعطى لنفسه دورا بارزا تسبب بوجود خلافات بين شخصيات هذا الحزب.
ان نواب وممثلي حزب العدالة والتنمية سيجتمعون في 22 مايو لينتخبوا القائد الجديد لحزب العدالة والتنمية ولا يشك احد ان شخصية مقربة من اردوغان وربما مطيعة له سينتخب لرئاسة الحزب.
التبعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية للتغييرات في الحزب الحاكم
يعتبر منصب رئاسة الجمهورية في الدستور التركي الحالي منصبا شكليا تقريبا وان معظم الصلاحيات تعود لرئيس الوزراء، ويعتقد اردوغان ان النظام البرلماني وسعي الاحزاب لبناء التحالفات يزعزع الاستقرار السياسي في تركيا ولذلك يجب على تركيا ان تتجه نحو النظام الرئاسي الذي يزيد صلاحيات رئيس الجمهورية بشكل ملحوظ ونظرا الى حذف الشخصيات المعارضة في داخل حزب العدالة والتنمية وشعبية هذا الحزب يبدو ان النظام السياسي التركي سيصبح كما يريد اردوغان.
اما من الناحية الاقتصادية فإن تركيا التي شهدت نموا اقتصاديا جيدا في الفترة الماضية تشهد الان اضطرابا في الاسواق وقد غيرت المؤسسات المالية توقعاتها الايجابية السابقة بشأن المستقبل الاقتصادي لتركيا وتكونت لديها نظرة سلبية تجاه المستقبل.
وفيما يتعلق بالامن يجب القول ان اوغلو كان معمار السياسة التركية في سوريا والان وبعد تنحيه الاجباري فمن الممكن ان يبادر اردوغان الى الخروج من المستنقع السوري واذا خطا اردوغان خطوة بهذا الاتجاه فذلك سيحسن علاقات تركيا مع ايران وامريكا وربما روسيا، اما فيما يتعلق بالقضية الكردية فكان اوغلو يتبع سياسة اكثر مرونة مع الاكراد قياسا مع سياسات اردوغان العنيفة وربما سنشهد تغييرا في تعامل السلطات التركية مع القضية الكردية خلال الفترة المقبلة وستبدي تركيا مقاومة اكبر امام تعاون امريكا مع الاكراد في سوريا لكن العلاقات التركية الامريكية فانها ستبقى دون تغيير على الارجح نظرا لهيمنة اردوغان على السياسات الخارجية.
سيناريوهات التغيير في الحزب والحكومة التركية
بعد اسبوعين من الان يعقد حزب العدالة والتنمية مؤتمرا طارئا لانتخاب رئيس جديد له سيكون ايضا رئيسا للوزراء ومن المتوقع ان يختار اردوغان شخصية مطيعة اكثر له بدلا عن اوغلو وقد تحدثت الصحافة عن 4 شخصيات هم وزير العدل بكير بوزداغ وزير الطاقة برات البيراك ووزير النقل بينالي يلديريم ومساعد رئيس الوزراء نومان كورتولموش، ويعتبر برات البيراك صاحب الحظ الاكبر في الفوز وهو صهر اردوغان ويمكن ان يساعده اكثر من الآخرين في تغيير النظام السياسي الى نظام رئاسي.
وهناك من يحتملون ايضا حدوث شرخ في داخل حزب العدالة والتنمية لكن يبدو ان اوغلو لا يمتلك الكاريزما اللازمة لمثل هذا الامر كما ان الظروف الحالية وسلطة اردوغان المحكمة لاتسمحان بحدوث مثل هذا الامر.
من المؤكد ان خروج شخصيات مثل احمد داود اوغلو وعبدالله غول قد يؤدي الى حدوث مشاكل لحزب العدالة والتنمية لكن الفائز في هذه اللعبة هو اردوغان بالتأكيد، ونظرا الى سعي اردوغان لتغيير النظام السياسي الى نظام رئاسي بدلا من نظام برلماني فإن تركيا ستشهد حذف منصب رئاسة الوزراء عند تنفيذ القانون الاساسي الجديد وهذا يعالج قلق اردوغان.