الوقت – بعد اندلاع الثورات العربية وعد الرئيس الامريكي باراك اوباما ان سياسات امريكا ستصبح من الان فصاعدا في اطار "تحسين الاصلاحات في المنطقة ودعم التحول نحو الديمقراطية" لكن رغم هذا الوعد ظلت السياسات الامريكية كما كانت قبل عام 2011 واستمرت امريكا في تقديم الدعم للانظمة الدكتاتورية بذريعة الحفاظ على الاستقرار والتعاون في القضايا الامنية وان الدولتين الوحيدتين اللتين تلقتا دعما متبادلا وملحوظا هما اليمن في عام 2015 وتونس في عام 2016.
ان ادارة اوباما كانت مترددة دوما فيما يتعلق بتحسين الديمقراطية وان احد اسباب ذلك هو اعتقاد اوباما بضعف القدرات الامريكية في هذه الجبهة ورغم ذلك يواصل اوباما دوما في خطاباته الدفاع عن الديمقراطية والقيم الليبرالية وقد قال في خطاب له في عام 2014 "ان دعم امريكا للمجتمع المدني هو في سياق الامن القومي الامريكي والان فإن المطلوب من المؤسسات الحكومية الامريكية ان تواجه سعي الدول الاجنبية لاستغلال الدعم الذي تقدمه امريكا لتعزيز ديكتاتورياتهم"، ويمكن القول ان هذه التصريحات كانت في محلها نظرا الى الرد الامريكي الهش والضعيف لقمع المجتمع المدني والمعارضة على يد النظامين المصري والبحريني.
ان سياسة ادارة اوباما تجاه ما يدور في مصر كانت غامضة وبعثت باشارات متفاوتة فعلى سبيل المثال حينما اتخذت حكومة محمد مرسي بعض السياسات الدكتاتورية لم تبد امريكا قلقا يذكر وحينما اسقط الجيش مرسي لم تصف امريكا ذلك بالانقلاب لأن ذلك كان يحث الكونغرس على وقف المساعدات العسكرية لمصر ورغم تعليق قسم من هذه المساعدات في اكتوبر 2013 لكن وزير الخارجية الامريكي جون كيري قال بالتزامن مع الوقف الكامل لحزمة المساعدات الامريكية البالغ قدرها 1.3 مليار دولار ان "خارطة طريق" الجيش المصري لعودة الديمقراطية تجري بأفضل طريقة ممكنة، وفي شهر ديسمبر 2014 سلمت امريكا مصر 10 مروحيات أباتشي كانت تحجم عن تسليمها قبل ذلك التاريخ وذلك بذريعة دعم العمليات ضد الجماعات الارهابية في سيناء كما الغت امريكا باقي العراقيل امام ارسال الاسلحة لمصر في شهر مارس 2015.
ولذلك يمكن القول ان ادارة اوباما التي لم تستطع اثبات تحسن اوضاع الديمقراطية تذرعت بموضوع الأمن القومي لرفع العقبات امام ارسال المعونات العسكرية، وتعتبر مصر المثال الابرز لدولة فيها تجاذبات بين الامن القومي الامريكي على المدى القصير والرغبة في الاصلاحات الديمقراطية.
واضافة الى ذلك تحاشت ادارة اوباما توجية الانتقاد بشكل عام الى انتهاك حقوق الانسان على يد النظام البحريني والتزمت الصمت لكي لاتعرض علاقاتها الامنية الثمينة مع هذه الدولة (استقرار الاسطول البحري الامريكي الخامس في البحرين) ولم ترد ادارة اوباما حتى على طرد البحرين لمسؤول رفيع في الخارجية الامريكية وواصلت تقديم الدعم الامني بقيمة 53 مليون دولار كما تم الاعلان في عام 2013 عن تعزيز التواجد البحري الامريكي في البحرين بقيمة 530 مليون دولار.
ان امريكا لم تكتف فقط بعدم تطبيق تقليص المعونات دعما للديمقراطية بل انها تجاهلت ايضا العلاقة بين التصدي للارهاب والقمع الداخلي في الدول العربية الحليفة معها ونراها تحث حلفائها العرب على مواجهة الارهاب لجزء من استراتيجيتها ضد داعش في وقت يقوم الارهابيون بايجاد داعمين ماليين ومساعدين في الدول العربية الحليفة مع امريكا.
ويأتي هذا كله في وقت يقول فيه مركز حقوق الانسان في الخليج الفارسي ان قوانين مكافحة الارهاب التي وضعت حديثا في بعض دول مجلس التعاون ستؤدي الى اعتقالات تعسفية فالنص الغامض والمبهم لهذه القوانين واتساع دائرتها يسمح لهذه الانظمة بملاحقة المواطنين بدوافع سياسية واعتقالهم.