الوقت- اثار إعلان الديوان الملكي السعودي، دخول العاهل السعودي، الملك عبد الله بن عبد العزيز المستشفى، تساؤلات کثیرة حول سيناريوهات انتقال الحكم في المملكة، في حال تدهور الحالة الصحية للملك. ولم تخف اي من الاطراف الدولیة، و الاقلیمیة و حتی الداخلیة قلقها من هذا الامر الذي یعتبر من اهم الامور و الاکثر تاثیرا علی منطقة و دول الخلیج الفارسي. فکیف سینتقل الحکم السعودي بین الملوک؟ و هل سیکون للید الامریکیة دورها في الامر؟
آلية انتقال الحكم في السعودية تحددها المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم، و نظام هيئة البيعة الذي أصدر العاهل السعودي قرارا بإنشائه في تشرين الأول 2006، ليتولى اختيار الملك وولي العهد مستقبلا. و تنص المادة الخامسة من نظام الحكم على أن "نظام الحكم في السعودية ملكي، ويكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، و يبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم". وتنص المادة نفسها أيضا على أن "يتولى ولي العهد سلطات الملك عند وفاته حتى تتم البيعة". کما ان المادة السادسة من نظام هيئة البيعة، تنص على أنه:"عند وفاة الملك تقوم الهيئة بالدعوة إلى مبايعة ولي العهد ملكا على البلاد وفقا لهذا النظام والنظام الأساسي للحكم".
التدقیق بالنص الواضح للنظام الاساسي للسعودیة، لا یظهر مشكلة في انتقال السلطة فيها، حيث يتولى ولي العهد الحكم، إلى أن يتم مبايعته من قبل هيئة البيعة ملكا على البلاد.
ولكن المشكلة في السعودیة الیوم لا یمکن حصرها بمبایعة الملک فحسب بل بالظروف و الالتزامات التي تؤثر بشکل اساسي علی انتخابه و مبایعته من قبل هیئة البیعة. ولا شک ان الید الامریکیة ستلعب دورا لیس صغیرا في الوصول الی ملک جدید، یکمل مسیرة الملک السابق باعتبار السعودیة من الحلفاء الاساسیین لامریکا في منطقة الشرق الاوسط.
و لا یمکن باي شکل من الاشکال اخفاء تاثر السعودیة بالقرار الامریکي، بل لا یمکن ایضا اخفاء مدی تاثیر الحکومة الامریکیة علی قرارات السعودیة الداخلیة، في کل معاییرها. و ما یؤکد ذلک زیارة متوقعة من رئیس الاستخبارات السعودیة الی واشنطن، لا یمکن ابعادها عن واقع التخبط الملکي و المحاولات الحثیثة من قبل افراد العائلة المالکة لاستنباط اسم الملک و ولي العهد الجدیدین.
زیارة خالد بن بندر لیست الاولی، فقد تحدثت الصحف الأمريكية و البريطانية في وقت سابق عن زيارة وزير الحرس الوطني السعودي، ومن قبلها بثمانية أشهر زيارة وزير داخلية السعودية لواشنطن، معتبرة انها محاولات لاعادة ترتيب "البيت السعودي"، وترتيبات السلطة و کیفیة انتقالها إلى "جيل الأحفاد" وهم أبناء أبناء الملك عبد العزيز. و علقت علی هذه الخطوة الغير المتوقعة بانها تسلط الضوء على السياسات والإجراءات المعقدة التي تحيط بالخلافة السعودية.
ولا شک ان الرياض الیوم تواجه منافسة قوية على زعامة دول الخلیج الفارسي من قبل طهران، بالاخص بعدما استطاعت ایران تعزیز دورها الإقليمي في السنوات الأخيرة، و خاصة بعد دخولها المباحثات مع الدول الست، حتى وإن لم ترق العلاقات إلى مستوى التعاون الرسمي بعد.
في السیاسات الاقلیمیة خلافات جوهریة ایضا، فالرياض تعمل على إسقاط الاسد منذ بداية الأحداث في سوريا عام 2011، بینما تقوم إيران بدعمه بشكل مطلق منذ ذلک الوقت. من جهة أخرى تقيم طهران علاقات قوية مع الحكومة العراقية وصناع القرار في بغداد، ولذلك باستطاعتها لعب دور جوهري في الحرب على "داعش" سواء في العراق أو سوريا او غیرها .
الزیارات المتتالیة للشیخصیات السیاسیة السعودیة الی الولایات المتحدة الامریکیة تبرز ، الی حد کبیر، مدی تاثر القرار السعودي بالحکومة الامریکیة، والواضح ان السعودیة تنتظر قرارا امریکیا لتنصیب ملکها الجدید، لتبقی تحت الجناح الامریکي، علها تستطیع یوما، الحصول علی زعامة الشرق الاوسط.
القرار الامریکي لا یزال اذا، المحرک الاساسي لعجلة ولایة العهد السعودیة. و العیون الیوم شاخصة علی امرین مهمین، یتاثر الاول بالاخر. الاول، مصیر الملک عبدالله و مستقبله علی کرسي ولایة العهد السعودیة، و الاخر حول مصیر العلاقات الامریکیة السعودیة و مدی تاثیرها علی انتخاب و مبایعة العاهل الجدید. و وحده الوقت کفیل في اثبات او دحض هذه الافکار التي من شانها ان تثیر عاصفة شرق اوسطیة تحمل ریاحها السعودیة خاصة و المنطقة عامة الی المجهول.