الوقت- قبل نحو عام من الان عقد اجتماع في كمب ديفيد بين قادة دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي والرئيس الامريكي "باراك اوباما" وقد تم اتخاذ قرارات في هذا الاجتماع مثل زيادة القدرات العسكرية لدول مجلس التعاون ومكافحة الارهاب ومواجهة ايران وحركات المقاومة، وفي الحقيقة بحث قادة دول مجلس التعاون ايجاد تعاون استراتيجي جديد بين امريكا ومجلس التعاون في المجالات الامنية وخاصة النقل السريع للاسلحة ومكافحة الارهاب والأمن البحري والامن السيبراني والدفاع الصاروخي الباليستي.
ومن المقرر ان يجتمع اوباما مرة اخرى مع قادة دول مجلس التعاون بعد عدة اسابيع في الرياض، وقد اعلن المتحدث باسم البيت الابيض الاسبوع الماضي ان هدف اجتماع الرياض هو ايجاد الاستقرار في المنطقة واتخاذ نهج واسلوب جديد لمواجهة ايران.
ويبدو ان "اوباما" وعرب مجلس التعاون سيبحثون موضوع القدرات الصاروخية الايرانية مع العلم بأن امريكا زودت دول مجلس التعاون منذ اجتماع كمب ديفيد حتى الان بثلاثة مليارات دولار من الاسلحة بما فيها اسلحة مضادة للصواريخ الباليستية.
ويجب ان لا ننسى ايضا ان "اوباما" كان قد اعلن بأن الاختبارات الصاروخية الايرانية الاخيرة تتناقض مع روح الاتفاق النووي ومن الممكن القول ان اوباما ومن اجل اظهار انتصاره في سياساته الخارجية والاتفاق النووي يحتاج الى لجم البرنامج الصاروخي الايراني بمساعدة حلفائه الاقليميين.
وتشهد المنطقة الان وبعد مضي عام على اجتماع كمب ديفيد تنفيذ بعض قرارات ذلك الاجتماع فامريكا استطاعت بعد الاتفاق النووي ان تستحدث جبهة جديدة في المنطقة ضد ايران ومحور المقاومة حيث يتم الحديث الان عن منظومة خليجية للدفاع الصاروخي وهي في الحقيقة منظومة هجومة يتم التستر عليها تحت اسم منظومة دفاعية، اما في البحار فقد اطلقت امريكا وحلفاؤها مناورات بحرية كبيرة بمشاركة 30 دولة وقيل انها من اجل ازالة الالغام البحرية في الخليج الفارسي والحفاظ على التجارة العالمية والملاحة البحرية.
ومن بين التحركات الامريكية يمكن الاشارة ايضا الى ما طرحه وزير الخارجية الامريكي "جون كيري" اثناء زيارته الاخيرة الى البحرين حول امكانية التعاون بين حلف الناتو ودول مجلس التعاون وهذا يدل ان الناتو والدول الغربية يسعون الى التواجد في الخليج الفارسي تحت غطاء جديد وهذا يضع ايران امام تهديد جدي.
وفي سياق افعال امريكا واعراب دول مجلس التعاون ايضا نجد ان هؤلاء عمدوا منذ قمة كمب ديفيد الى شن حرب دبلوماسية على ايران ونشر التخويف من ايران والشيعة واظهار ايران كراعية للارهاب في المنطقة بهدف فرض عزلة على ايران وربما يكون هذا كله مقدمة لاتخاذ خطوات جديدة ضد ايران في قمة الرياض القادمة.
ان دول مجلس التعاون قد قامت ايضا بافعال مشينة منذ قمة كمب ديفيد حتى الان مثل وصف الحشد الشعبي في العراق بالارهاب وتصنيف حزب الله ايضا في خانة الارهاب واعدام بعض الناشطين الديمقراطيين المقربين من ايران في السعودية مثل الشهيد الشيخ "نمر باقر النمر".
اما الحرب الدبلوماسية التي تشن على ايران فإنها ايضا من نتاج الاتفاق الامريكي الخليجي في قمة كمب ديفيد بهدف فرض عزلة على ايران فالسعودية استغلت الهجوم الذي وقع على سفارتها في طهران وبدأت تنفيذ سيناريو جديد ضد طهران في المنطقة تمثلت بقطع العلاقات الدبلوماسية معها هي وحلفائها ولازالت الرياض مستمرة في اتباع هذا النهج رغم مرور اشهر على حادث السفارة وفي هذا السياق يمكن وضع الضغوط السعودية السياسية والاقتصادية والدبلوماسية على لبنان الذي لم يتماشى مع السياسات السعودية ضد ايران.
ان اهم ما يسعى اليها الامريكون في هذه المنطقة هو اضعاف منطق المقاومة واحتواء ايران ومن ثم تغييرها من الداخل وان اهم اداة يستخدمها الامريكيون الان من اجل تحقيق هذا الهدف هو ايجاد نظم اقليمي وجبهة اقليمية جديدة ضد ايران وهذا ما يعترف به الساسة الامريكيون جهارا حيث يفتخر هؤلاء (مثل جون بولتون) ان امريكا نجحت اخيرا في ايجاد تقارب بين الرياض وتل ابيب من اجل مواجهة ايران.
ان ما تفوه به المسؤولون الاسرائيليون ومسؤولو الدول العربية مؤخرا يظهر ان اساس وهدف هذا النظام الاقليمي الجديد هو التطبيع بين الدول العربية والكيان الاسرائيلي من اجل ايجاد جبهة منسجمة في وجه ايران ومحور المقاومة وعلينا الان ان ننتظر ونرى كيف يريد اوباما مواصلة النهج الذي بدأه في كمب ديفيد اثناء قمة الرياض المرتقبة؟