الوقت- ايران, الدولة الصاعدة بشق الأنفس بين تهويل بالحرب وعقوبات وحصار مفروض عليها, تُحطِم بتصميمها الواعد قيود العقوبات الاقتصادية وتحافظ على مطالبها بحقوقها التي يكفلها القانون الدولي رغم الخناق المفروض عليها, لتصبح بفترة صعبة جدا من المواجهة مع دول الغرب المنقاد لامريكا والكيان الاسرائيلي, دولة ذات تأثير أقليمي معتد بها, وجمهورية قادرة قوية ناشئة, على اعتابها تتكسر مشاريع الاستعمار الامريكي الغربي بأوجهه السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والقيمية.
الدولة التي لم يعد يخفى على احد انها تحتل اليوم مكانا يزاحم الدول الكبرى في منطقة الشرق الاوسط, على مستوى الفاعلية والتأثير, فقد أصبحت الدولة الأقليمية التي يهاب منها العدو ويأمل بدورها الصديق.
الدولة الفارسية التي يسوق على انها العدو الاول لبعض دول الخليج الفارسي, وفق منهج اعلامي مدروس متعمد يمارسه الغرب والمحور الاسراامريكي المعادي لايران والذي يتناقض في سلومه ومبادئه ونهجه السياسي مع كل مفردات وسلوك وادبيات السياسة والمبادئ التي تتبناها الجمهورية الاسلامية الايرانية.
فلا يخلو مصطلح وتاريخ وسلوك وانتماء الا ويستحضر في ادبيات الاعلام والسياسة الاسراامريكية التي تستنفذ كل الوسائل التحريضية لتزكية الخلافات بين الدول العربية وايران, في محاولة لحرف الصراع العربي مع العدو الاصيل الاسرائيلي القاطن في قلب العالم العربي, الى صراع بديل مع ايران, صراع يكفل حرف الحقائق وزيغ الابصار وتحويل التوجه عند الرأي العام والحكومات العربية نحو صراع مع ايران التي تقارع الكيان الاسرائيلي والسياسات الاستكبارية الامريكية الغربية في المنطقة.
اتهامات معدة مكررة, لايران الفارسية الشيعية, التي تدير الحروب في المنطقة وتسعرها وتجهز سلاحها لقتال الدول العربية, وتدعم الجماعات الشيعية في الدول العربية وتؤسس للهلال الشيعي وتسوق للمذهب الشيعي, وغيرها من الاتهامات التي تستفز الدول العربية وشعوبها وتحرفهم عن عدوهم الاصيل الكيان الاسرائيلي الذي تعود اليه كل أسباب البلاء الذي يصيب منطقة الشرق الاوسط.
فبين اعلام مغرض يشوه الوقائع ويحضر العقل العربي للتماهي مع المخطط الاسراامريكي, وبين الاستثمار الحاقد للتفاوت المذهبي بين ايران الدولة الشيعية الوحيدة في هذا العالم, وسط محيط عربي سني, وحتى التاريخ الذي لم تسلم احداثه من التزوير والاستحضار لتزكية الصراع والعداء, تقف اليوم ايران القابعة تحت وقع عقوبات اقتصادية مجحفة ظالمة, ليحاورها العالم حول برنامجها النووي الذي ولد من بين الدمار, وأظهر حجم الارادة والتصميم الايراني لترأس دور ريادي مؤثر وفعال وحضور وازن على الساحة الاقليمية في منطقة قلب العالم الشرق الاوسط.
تطل الجمهورية الاسلامية الايرانية, رغما عمن اراد اطفاء شعلتها الثورية, على العالم بصورة الدولة القوية السيدة الحرة المستقلة القادرة, لتتفرد في استقلالية اتخاذ القرار وتسود في زمن تبعية الدول لما يسمى الدول الكبرى, وتخرج الى الساحة الاقليمية وسط اتهامات بأنها تريد احتلال واستعمار الشرق الاوسط.
فبين ايران المستعمرة وايران المنقذة الفعالة, ولأن الكلام والحكم ميزانه السلوك, نحاكم الدور الايراني في الشرق الاوسط لنفتح باب الاحتكام ونرى كيف ستميل دفة الميزان..
لأن كل ما يواجه الكيان الاسرائيلي وسياسات الاستعمار في العالم ارهابي , وكل ما يصرخ ضد الاستعمار وسياسيات سلب الحقوق والخيرات وامتصاص المقدرات للدول تحت مسميات عديدة هو الكافر والزنديق والارهابي, ولأن كل من حمل قيما ونادى بالعدالة والمساواة وطالب بالحق وناضل من أجل انتزاعه خطر وارهاب, ولأن الثورة اما ان تحقق مطامع الغرب وامريكا والكيان الاسرائيلي فتصبح شرعية, وإما ان تلقى حصارا وتهديدا وتهويلا وتضييقا لانها ارهاب..
لأن من يقف مع اطفال غزة ويمد بالسلاح والمال رجالاتها دون شرط لتذود عن اعراضها وارضها ارهابا, ولأن من يحتضن شعبا شتته الإخوان المفاوضون وباعوه بثمن بخس, وتآمر عليه ذوو القربى, واستفاق الشعب ليصبح شتاتا ويستبيح الارض الشتات اليهودي فيصبح شعبا.. وتتسابق رجالات في رحلة المفاوضات التي تلف وتدور في كانها لتصبح تطبيعا فتسويات فسلام فتعاون فتحالف!!
ويضيع الحق الا عند من لا يزيغ أمام المغريات الاسراامريكية بحفظ الكرسي والمكنز.. ولا يشتهي ضمانات التوارث للحكم وتقاسم الثروات والتكاثر والجاه والالقاب والاوسمة والقلادات الاسراامريكية ..
تصبح في زمن تحريف القيم والكلم والمواضع, زمن تجارة الحقوق التي باتت تعرض في المزاد, للحقيقة أوجه عديدة ..
فمن حيث تنظر ترى الشكل.. ونحن نظرنا ونرسم المشهد..
في التاريخ الحديث, ايران الشيعية الاسلامية تقفل السفارة الاسرائيلية إبان ثورتها الاسلامية المباركة وتتفرد في افتتاح سفارة فلسطين ..وتستقبل المقاومة الفلسطينية وتمد يدها لكل من اراد ان يتخذ من القدس سبيلا للسماء.. وتصبح ايران الشيعية المتبني الاول للقضية الفلسطينية والمتعهد الأصيل الفاعل الذي لا يقصر ولا يهاب اي شيء ويستعد لتحمل كل التبعات على خطى دعم الشعب الفلسطيني السني وتحرير الدولة الفلسططينية السنية !!
ويستمر المشهد مع الرعاية, وتتكاثر حركات المقاومة حول القدس, وتتفرد بأصالة المنهج فالسلاح موجه للقدس وقبلة الحق القدس, وعدو الأمة من يحتل القدس.. وتتهافت الانتصارات التي تصنعها دماء الشهداء التي تتلاقى على طريق القدس, ويستمر الدعم الايراني لكل من يتخذ من القدس سبيلا..
ومع وصول الاشتباك مع الكيان الاسرائيلي الى مراحل حساسة ومصيرية, وتفرد ايران بتبني دعم الحركات الجهادية الاصيلة, تزداد حملات التشويه افتراءا وظلما, ويصبح شيئا فشيئا العداء بين من يستميت للسلام والتطبيع من الدول العربية وبين ايران وعراب العداء الأشبين الاسراامريكي.
محاكمة بسيطة لكل ما يحصل, ماذا حصدت سياسات التطبيع والسلام مع عدو السلام الكيان الاسرائيلي وماذا انتجت خيانة العرب وبيعهم لفلسطين؟؟وماذا جر سماحهم لقيام الكيان الاسرائيلي واستقراره الى المنطقة ككل؟؟ وكم طفل وشيخ وشاب هدرت دماؤهم منذ ذاك التاريخ الملعون؟؟
وماذا حصد تيار المقاومة من لبنان الى فلسطين, وماذا حقق هذا النهج الذي يقابل فيه الاعتداء الاسرائيلي بمثله والذي يمتلك اليوم تجربة ذات نتائج واقعية تحكي عن نفسها؟؟
أسئلة نطرحها ونضعها, برسم القارئ, تضعنا على طريق استشراف الدور الايراني في الشرق الاوسط لندرك بعين بصيرة ما هو دور ايران في المنطقة استعمار ام منقذ؟؟ أجوبتها في الجزء الثاني الذي سيعطينا نتائج محاكمتنا الموضوعية من واقع المنطقة للدور الايراني فيها ؟؟