تردد في الاونة الاخیرة، علی القنوات الاعلامیة قیام التنظیم الارهابي "داعش" باسقاط طائرة تابعة لقوات التحالف الجوية،کان یقودها طیار اردني استطاع الفرار منها مستخدما مظلة. لکنه سقط في منطقة تحت سیطرة الارهابیین، ليتجمع عليه حشد من مقاتلي داعش ويعتقلوه فرحين بادعاء إسقاطها. فما حقیقة هذا الادعاء؟ و هل یمکن اسقاطه بفرضیات من نوع اخر؟
لا شک ان الادعاءات الداعشیة لیست صحیحة، ویمکن نفیها بعدید من الادلة. فلا یخفی علی احد ان الأردن هي من الدول الاسلامية التي فيها نسبة كبيرة من مؤيدي داعش والقاعدة في بعض مناطقها على الأقل. فامير القاعدة السابق في العراق "الزرقاوي" هو أردني ويتمتع بقاعدة شعبية في بعض المناطق هناك.ما يضع إشارات استفهام كبيرة حول سبب هبوط الطيار وغايته، فهل هو مؤيد لداعش ونزل بإرادته بالإتفاق مع داعش ليحقق نصرا إعلاميا، أم هو مرسل من الاستخبارات الغربية أو الأردنية بمهمة لها هدف إعلامي داعم لداعش لرفع معنوياتها من جهة وأهداف استخبارية أخرى.
و یعزز هذا الاقتراح ان داعش تعاني أصلا من ضعف في دفاعاتها الجوية وكان هذا سببا في ضعف الروح المعنوية لمقاتليها، حتى أنه من الحقائق الثابتة قيام داعش بإعدام بعض من مقاتليها الأجانب عندما عبروا عن شعورهم باليأس والإحباط وعن رغبتهم بإنهاء مشاركتهم في القتال والعودة الى بلادهم.
السبب الثاني الذی یدحض هذه الادعاءات، انه من عادة داعش، نشر الصور والفيديوهات عن لحظة إطلاق النار على الطائرة أو على الأقل تصويرها في الجو وهي تحترق، وهو ما لم يحدث فكل ما نشروه لا يتجاوز الاحتفال بعد هبوط الطيار وأسر طیارها. بينما أعلنت القيادة المركزية الأميريكية في نهاية المطاف أن عطلا قد أدى الى تحطم طائرة الـ (F-16 ) فوق الرقة في ذلك اليوم.
لطالما ادعت "قوات التحالف الدولیة" بزعامة امریکا، انها تحارب الارهاب، و تضرب المسلحین الارهابیین في کل نقطة او منطقة تستطیع الوصول الیها. فاذا سلمنا جدلا ان هذا الادعاء صحیح، لن یبقی امامنا الا القبول بالاعلان الامیریکي ان عطلا ادی الی تحطم الطائرة الامریکیة.
وتعتبر طائرة الـ (F-16 ) من مقاتلات الجیل الرابع التي یتبجح الامریکیون بقدراتها "الخارقة" و هي مقاتله خفیفه من انتاج شرکتین امیریکیتین ، و تعتبر الطائرة من اهم المقاتلات التي ظهرت فی اواخر القرن العشرین . وتم تطویرها انطلاقا من مفهوم تطویر طائرة مقاتلة لجمیع الظروف الجویة و طائرة هجومیة دقیقة الاصابة للهدف . معتمدة علی کثیر من الممیزات المتقدمة بما في ذلک تصمیم جسم الطائرة ، امکنة التحکم بها الکترونیا وغیرها من الامکانات التي تعتبر فخر الصناعة الامیریکیة . و تشیر التقاریر ان الطائرة تمتلک قدرة عالیة علی المناورة. و رغم اکتسابها لسمعة کبیرة باعتبارها من اهم المقاتلات الحربیة في الغرب، واجهت طائرة الـ(F-16 ) العدید من المشاکل الفنیة و التقنیة.
وتتقدم العدید من الدول حول العالم لشراء هذه الطائرة التي تبلغ قیمتها حوالي 20 ملیون دولار امریکي. باعتبارها طائرة متطورة جدا، لکن الاخفاقات التي تواججها الیوم تضعها تحت مجهر الاتهام لمعرفة حقیقة تطور هذه الطائرة. ولا شک ان الاعلان الامیریکي یظهر قدرات الطائرة الامیریکیة لیجعلها تبدو اکثر العناصر قوة في المعارک.
ویستفید الاسرائیلیون من هذه الطائرة ایضا، و تعتبر عندهم من اهم الطائرات المقاتلة التي یحاول الاسرائیلیون فرض معادلات الردع باستخدامها في حروبه المختلفة. فقد استفاد الصهاینة من طائرات الـ(F-16 ) في حربهم علی لبنان لتدمیر ابنیة الضاحیة الجنوبیة. واستفاد منها ایضا في حربه علی قطاع غزة وتدمیر ابنیتها.
و بدورها قامت الدول العربیة بشراء العدید من هذه الطائرات باجیالها المختلفة. لکن المشاکل التي ظهرت و ادت الی سقوط الطیار الاردني بید التنظیم الارهابي داعش کفیلة لطرح العدید من الاسئلة التي من شانها ان تؤثر علی الادعاءات الامیریکیة لقدرة طائراتها من جهة ، و علی سوق السلاح التي تحاول امریکا ایجاده في الشرق الاوسط من جهة اخری.
الطائرة التي سقطت اخیرا اذا لا یمکن ان تکون قد اسقطت بفعل فاعل، وذلک لان الفاعل (داعش) لا یمتلک ما یخوله الوقوف بوجه هذه التقنیات الجویة المتطورة. و الاعطال الفنیة هو سبب منطقي اسقط هذه الطائرة وادی الی اسر الطیار الاردني بید التنظیم الارهابي. فهل الطائرة الامیریکیة لا تمتلک القدرات المزعومة؟ ام ان السیاسة الخارجیة الامیریکیة تجاه العرب، تمنعها من اعطاء العرب طائراتها بالنسخة الاصلیة؟ اسئلة برسم المعنیین!!!