الوقت - تمكنت صحيفة لوموند الفرنسية من الإطلاع على محتوى شهادة صلاح عبد السلام أمام المحققين في بلجيكا، بعد أسبوع من اعتقاله. ويعتبر عبد السلام الناجي الوحيد من منفذي الهجمات في باريس، كما أشارت الصحيفة الى امكانية أن يكون على بينة من الهجوم المزدوج الذي نفذ في بروكسل، وأنه لم يفعل شيئاً لمنع ذلك. فماذا في بعض المعلومات التي تداولتها الصحيفة؟
أشارت الصحيفة الى أن عملية التحقيق مع عبد السلام والتي امتدت لساعتين فقط، بدأت من قِبل الشرطة ثم انتقلت الى قاضي التحقيق. فيما أشارت الصحيفة الى أن هذه المدة تعتبر قصيرة بالمقارنة مع خطورة قضية المتهم. لكن الصحيفة نقلت بأن المحققين قد يكونوا فرطوا في فرصة الحصول على مزيد من المعلومات، والتي كان من الممكن أن تسمح بإحباط عملية 22 آذار. فيما تم التركيز بدلاً عن ذلك على هجمات 13 تشرين الثاني وعن دوره فيها وعن الدعم اللوجستي الذي حصل عليه خلال فترة هروبه من العدالة. وقد اكتفى عبد السلام بالإجابة على أسئلة المحققين محاولاً قدر الإمكان التقليص من دوره في الهجمات تفادياً لإثارة شكوك المحققين.
وتعلقت الأسئلة الأولى التي طُرحت على عبد السلام خلال التحقيق بحسب ما نقلت الصحيفة الفرنسية، بهجمات باريس. وقال في هذا الشأن إنه قام باستئجار عدد من السيارات وغرف في مختلف الفنادق بفرنسا. واعترف أيضاً أنه قام بإيصال 3 انتحاريين إلى ملعب باريس، لكنه وبدلاً من أن يتحمل المسؤولية كاملة، أصر على أن ذلك كان بناءاً على طلب شقيقه إبراهيم. وقال متحدثًا عن هجمات باريس الدموية "قمت بإيصال الركاب الثلاثة، وركنت في مكان لا أتذكره، أقفلت السيارة وأخذت المفاتيح معي وتوجهت لمحطة مونت روج، صعدت إلى المترو ونزلت بعد محطة أو محطتين، ثم اقتنيت هاتفًا وقمت بالاتصال بشخص واحد: محمد العامري"، وهو الشخص الذي قام بإيصاله لبلجيكا مع حمزة عطو.
وفيما يتعلق بالحزام الناسف، قال عبد السلام إن أخاه كان قد أعطاه إياه وقام بـ "تخبئته" في مكان سري، وسأله قاضي التحقيق عما إذا كان قد قرر عدم تفجير نفسه أو أن الحزام كان حقًا يفتقر للسائل المتفجر، مثلما صرح به عابد أبركان، وهو أحد أقارب صلاح. كما أشارت الصحيفة الى أن عبد السلام "كذب" عندما سئل عن علاقته بعبد الحميد أباعود حيث قال إنه صديق أخيه وإنه تعرف عليه قبل يوم من تنفيذ الهجوم، لكن الحقيقة أنه يعرفه منذ الطفولة كما تم القبض عليهما معًا سنة 2010 في عملية سرقة.
ولم يتمكن المحققون من الحصول على معلومات قيمة عن تواطؤ عبد السلام في هجمات بروكسل، فقد أوضح أنه قام بالإختباء في بلدة سكاربيك ببروكسل عقب هجوم باريس، وساعده أخو محمد بلقايد الذي قتل في 15 آذار. وكان الأخير قد أخبر عبد السلام أن له مخبأ في فورست، لكنه قتل فيه ومنح لعبد السلام فرصة الهروب.
وقد تعرفا على بعضهما عندما ذهب صلاح ليقل محمد من ألمانيا (أو هنغاريا، هناك تضارب في التصريحات) في أيلول من العام 2015 في سيارة مؤجرة من نوع مرسيدس كان قد دفع أخوه إبراهيم ثمن استئجارها، وقال "أنا لا أعرف مصدر هذه الأموال، لكنني متأكد أنها لم تكن أموال أخي وعادة ما يوفر لي النقود عندما يتعلق الأمر بالتخطيط لهجوم"، وهو ما قد يؤكد أن محمد بلقايد تم أخذه لبلجيكا لتنفيذ التخطيط اللوجستي لمجزرة 13 تشرين الثاني. وأضاف أن أخا بلقايد "لم يكن سعيداً برؤيتي لكنني أوضحت له أنه ليس لي مكان آخر، فقام بمواساتي وقال إنه سيوافق على أن أختبئ عنده إلى أن أجد مكاناً آخر"، وانتقلا للمخبأ بفورست بعد عشرة أيام.
ولم يتحدث عبد السلام كثيرًا عن الشاب الثاني الذي اعتقل يوم 18 آذار ولهذا الشاب العديد من الأسماء، منها اسم "أمين شكري"، لكن الصحيفة أشارت أنه وفقاً لمعلوماتها، فإن هذا الشاب اسمه "أمين عياري"، وهو تونسي، وقد قام عبد السلام بالذهاب إلى هنغاريا وأقل معه أمين وذهبا معا لسكاربيك، ومن خلال تصريحاته، أكد صلاح أن أمين كان قد ذهب لسوريا وهو عنصر خطير. وبعد هجمات بروكسل، سئل عبد السلام من قبل المحققين، إن كان على علاقة مع الأخوين إبراهيم وخالد البركاوي لكنه أجاب بالنفي.
إذن، يوماً بعد يوم، تتبيَّن الحقائق فيما يخص تفجيرات باريس. فيما تُثار في المقابل العديد من الأسئلة، تحديداً حول ماهية التحقيقات. وهنا فإن العديد من المراقبين، والذين أشاروا الى إمكانية معرفة عبد السلام بهجمات بروكسل، تساءلوا عن السبب في فشل التحقيق في معرفة ذلك. لعل الأيام المقبلة تكشف المزيد.