الوقت - ليس من المبالغة القول إن القوة الأكثر ارعابا للكيان الاسرائيلي اليوم هي حزب الله فهذا ما يردده الاسرائيليون أنفسهم، إذ يعتبرون أن وجود حزب الله على حدودهم الشمالية بات يشكل تهديدا وجوديا للكيان. طبعا لا يقف الكيان الاسرائيلي مكتوف الأيدي أمام هذا التهديد الذي يتعاظم يوما بعد يوم فمنذ حرب تموز 2006 وإلى اليوم تعمل حكومة الكيان على التحضير للحرب القادمة على لبنان ومقاومته، فمن جهة سعت الأخيرة لاستخلاص العبر من الحرب ورفع جهوزية جيشهم الذي خرج منهكا من حرب لم تدم لأكثر من 33 يوما، أثبت خلالها الحزب مستوى من الجهوزية والقوة منقطعة النظير.
وفي نفس السياق وتحضيرا لهذه الحرب الحتمية سعى الكيان الاسرائيلي خلال السنوات الماضية إلى تعزيز بنكه المعلوماتي حول الأهداف المفترضة خاصة بعد الفشل الذريع معلوماتيا خلال حرب تموز 2006. حيث لم يوفر الكيان فرصة للتجسس على لبنان من خلال شبكات العملاء التي اكتشف الكثير منها خلال السنوات الماضية إضافة إلى وسائل التجسس الالكتروني، حيث يُكتشف بين الحينة والفينة أجهزة تجسس مختلفة مركبة في أماكن مختلفة وما الفضيحة الأخيرة حول شبكة الانترنت غير الشرعية والتي تستورد حاجاتها من فروع لشركات اسرائيلية في قبرص وتركيا إلا واحدة من سلسلة التحضير الاسرائيلي للحرب الحتمية المقبلة.
حرب على لبنان بمباركة ومشاركة عربية!
أما من الناحية السياسية والاستراتيجية فقد بدأت أوراق اللعبة الإقليمية والدولية تتضح أكثر فأكثر لجهة التنسيق الرفيع المستوى الموجود بين الكيان وبعض الدول العربية إضافة إلى الغربية. حيث أننا اليوم أمام لعب مكشوف على كافة الساحات إبتداءا من سوريا والحرب العالمية الدائرة على أراضيها، مرورا بالعراق الذي يتعرض لأبشع مؤامرة لتمزيق أوصاله، وصولا إلى اليمن الذي قارب العدوان السعودي الأمريكي عليه العام. أما الأكثر أهمية من ذلك كله هو ما صدر من قرارات سعودية خليجية مؤخرا بحق حزب الله واعتباره منظمة إرهابية وبالموازاة مع ذلك إعلان حقيقة التنسيق والتواطؤ الأمني والسياسي بين بعض الدول العربية والخليجية وعلى رأسها السعودية مع الكيان الاسرائيلي. وهذا مؤشر على أن الظروف باتت ملائمة للكيان الاسرائيلي أكثر من السابق في حال أراد شن حرب جديدة على لبنان. فهذه المرة ستكون بمباركة وربما بمشاركة عربية حازمة أيضا.
اذا يبدو أن الظروف الدولية والاقليمية قد نضجت بالنسبة للكيان الاسرائيلي لشن حرب جديدة على لبنان، حرب يجري الاعداد لها بتنسيق عبري – عربي رفيع المستوى. وتتحدث تسريبات اسرائيلية عن أن السيناريو المرسوم هو أن تبدأ الحرب بضربة مفاجئة وقاصمة تتضمن اغتيال شخصية محورية في حزب الله في تكرار لسيناريو عملية اغتيال الجعبري ابان الحرب على غزة. اضافة إلى ضرب آلاف الأهداف خلال اليوم الواحد. وتحاول المصادر الاسرائيلية الايحاء بأن بحوزتها بنك معلوماتي كبير خاصة حول أماكن توزيع الصواريخ بعيدة المدى التي يمتلكها حزب الله إضافة إلى الاسلحة النوعية الأخرى. حيث يدعي وزير الحرب يعلون أن بامكان سلاح الجو الاسرائيلي تدمير ترسانة حزب الله من الصواريخ التي تقدر بـ 100 ألف صاروخ.
في المقابل يؤكد المحللون العسكريون والأمنيون في الكيان الاسرائيلي إضافة إلى محللين غربيين أن الحرب التي يخطط لها الكيان لن تكون حربا محدودة بين طرفين بل قد تتدحرج كرة النار لتتحول إلى حرب شاملة في المنطقة. إضافة إلى أن الأكيد أن حزب الله ينوي الدخول إلى مناطق في شمال فلسطين المحتلة لتكون منطلقا لعمليات نوعية في الداخل الاسرائيلي وهذا ما ألمح اليه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، ومقاتلو الحزب أصبحوا يمتلكون القدرة والخبرة والتجربة المناسبة لخوض هكذا مواجهة بعد التجربة الكبيرة التي اكتسبها الحزب في قتال التنظيمات التكفيرية في سوريا. هذا دون أن ننسى القدرة الصاروخية التي أصبحت بمتناول الحزب والتي يستطيع من خلالها ضرب أماكن دقيقة وحساسة كمخازن الأمونيوم في حيفا والمنشآت الحيوية في تل أبيب وتدمير مناطق واسعة في داخل الكيان.
أخيرا وعلى الرغم من أن الاسرائيليين يدعون أنهم يستطيعون تحمل هذا الكم من الخسائر وقد نفذوا في الجبهة الداخلية عدة مناورات تحاكي هكذا هجوم، إلا أن هذه الهواجس وغيرها لا زالت تقض مضجع المخططين وأصحاب القرار في الكيان الاسرائيلي. خاصة أنهم يعلمون أنه رغم الغطاء والتشجيع العربي لهذه الحرب والذي يعزز الواقع السياسي الإقليمي والدولي لصالح الكيان، إلا أنه لا يؤثر ولو بمقدار أنملة على المجريات العسكرية في الميدان.