الوقت- تسعى السعودية منذ فترة من الزمن الى توسيع دائرة نفوذها في جنوب وشرق آسيا بعد ان ادركت بأن نفوذها في الشرق الاوسط يتقلص شيئا فشيئا امام محور المقاومة والممانعة حيث تعتبر السعوية ايران بأنها التحدي الاكبر الذي تواجهه ، وفي هذا السياق تأتي محاولات السعودية لتعزيز علاقاتها مع باكستان والهند ، ولايخفي السعوديون نواياهم من هذا التقارب ومن الاشياء الذي يريدونه هو الحصول على الدعم الباكستاني فيما يتعلق بالقضية السورية .
وهناك تحديات أخرى تواجه السعودية ومنها التعامل مع الثورات العربية وكذلك التوتر في العلاقات مع امريكا وقد ادى هذا التوتر الى اتخاذ الرياض مواقف مغايرة للمواقف الامريكية فيما يخص القضية السورية والبرنامج النووي الايراني ، وقد أدى ذلك الى دفع السعودية بشكل اكبر نحو تمتين العلاقات مع جنوب آسيا وشرقها حيث تستفيد الرياض من ثروتها النفطية وكذلك من عوامل مذهبية لبسط نفوذها في جنوب آسيا لكي تستخدم باكستان والهند كأدوات ضغط على ايران وكذلك الاستفادة من هذا التحالف في القضية السورية .
وفي هذا السياق يقول المحلل في شؤون الشرق الاوسط دانيل ماركي ان السعودية تعتقد ان علاقاتها مع باكستان والهند يمكن ان تؤثر في قضايا الشرق الاوسط ، كما يقول ماركي ان ايران تسعى ايضا الى بسط نفوذها في شبه القارة الهندية عبر الاتفاقيات التي وقعتها مع الهند لخفض تأثير العقوبات الغربية المفروضة عليها نظرا لاهمية هذه الاتفاقيات التي شملت المجالات الاستراتيجية والدفاعية والتجارية وموضوع الطاقة .
ویثیر التحرك الايراني نحو شبه القارة الهندية تحفظ السعوديين وقد دفع هذا التحرك الرياض نحو تعزيز علاقاتها مع نيودلهي لقطع الطريق امام النفوذ الايراني في الهند ، وهناك عدة اسباب اخرى ايضا لتحرك السعودية نحو الهند ومنها :
1- تعتقد دول جنوب آسيا ان السعودية يمكنها القيام بدور فعال في مكافحة الارهاب ولعب دور ايجابي في ارساء الاستقرار بالمنطقة حيث اقدمت السعودية على اعتقال مخطط العمليات الارهابية التي وقعت في مدينة بومباي في عام 2008 والمعروف بأبو جندل وسلمته للهند .
- 2النمو الاقتصادي الهندي ، وهو الذي منح الهند دورا اكبر في القضايا الاقليمية والدولية كما تسبب بزيادة الطلب الهندي للنفط حيث تعتبر الرياض هذا الامر فرصة ثمينة ، وقد قام الملك السعودي بزيارة الى الهند في عام 2006 كما قام رئيس الوزراء الهندي بزيارة الى السعودية في عام 2010 وخلال تلك الزيارة تم الاعلان عن شراكة استراتيجية بين البلدين وفي عام 2014 ايضا تم التوقيع اتفاقيات تعاون دفاعية وتجارية بين البلدين وتقرر بموجبها ان تقوم السعودية بتزويد الهند بخمس حاجاتها من النفط .
3 - یقول المحلل دانیل مارکي انه ورغم التقارب الحاصل في العلاقات بين السعودية والهند يبقى هناك نوع من القلق تجاه السياسات السعودية خاصة في مجال دعم الرياض للتيارات السلفية في المنطقة ، كما ان هناك قلق ازاء العلاقات التاريخية بين السعودية والمؤسسات الامنية الباكستانية وهذا هو مبعث القلق الرئيسي لدى الهند.
الاهداف السعودية من بسط النفوذ في باكستان
هناك ابعاد هامة للعلاقات السعودية الباكستانية والتي بدأت منذ الستينيات من القرن الماضي حينما ارسلت باكستان مدربين عسكريين الى السعودية وفي السبعينيات والثمانييات ارسلت باكستان 20 الف عسكري الى السعودية لدعم خطوط الدفاع السعودية الداخلية منها والخارجية وفي المقابل كانت السعودية تدفع مليار دولار لباكستان في كل عام كدعم مالی وحینما وقعت الحرب في افغانستان فتحت مجالا لتعاون أوثق بين الرياض واسلام آباد كما خلقت نوعا جديدا من التعاون بين الرياض وواشنطن ايضا وقد اقدمت السعودية وامريكا الى ارسال ملايين الدولارات الى تنظيم القاعدة الارهابي في افغانستان عبر اجهزة الامن الباكستانية .
ولم يتوقف التعاون بين الرياض واسلام آباد مع خروج القوات السوفياتية من افغانستان بل تعاون الجانبان في دعم حركة طالبان الافغانية في التسعينيات كما قامت السعودية بدعم باكستان وزودتها بخمسين الف برميل من النفط يوميا بعد اجراء باكستان لتجربتها النووية والضغوط الدولية التي عانت منها باكستان اثر التجربة النووية .
وقد تقلص النفوذ السعودي في باكستان بعد رحيل برفيز مشرف في عام 2008 وشهدت العلاقات برودة ابان فترة حكم الرئيس آصف علي زرداري لكن بعد رحيل زرداري عن الحكم عاد الدفء الى العلاقات الباكستانية السعودية .
ويقول ماركي ان السعودية لديها طلبان من باكستان الآن ، الأول هو دعم باكستان لمحاولات الرياض لقلب نظام الحكم في سوريا وقد حصلت الرياض على هذا الدعم اثناء زيارة ولي العهد السعودي الى باكستان في فبراير الماضي حينما اصدر البلدان بيانا مشتركا أيدا فيه تشكيل حكومة انتقالية في سوريا وهذا في وقت تسربت فيه معلومات عن تدريب ضباط باكستانيين لمسلحين ارسلوا الى القتال في سوريا كما قامت السعودية بشراء الاسلحة لهؤلاء الارهابيين الذين دربتهم باكستان.
اما الطلب السعودي الثاني من باكستان فهو التعاون النووي بين البلدين حيث تسعى السعودية الى امتلاك التقنية النووية في مواجهتها مع ايران ورغم ذلك تتكتم السعودية وباكستان على هذا التعاون حيث تريد الرياض الاحتفاظ بالورقة الباكستانية وارسال رسالة الى الغرب والى ايران بأنها يمكنها الوصول الى القنبلة النووية متى شاءت .
ويعتقد ماركي ان التعاون مع السعودية یضع باکستان امام عدد من التحديات ومنها تأجيج الخلافات القومية والمذهبية في باكستان حيث لايعود الدور السعودي في كل من باكستان والهند بالنفع على اوضاع المنطقة بل يؤجج الخلافات وسياسة صنع المحاور .