الوقت- يعتبر الكيان الصهيوني تقسيم سوريا بعد مضي 5 سنوات من الحرب الداخلية فيها امرا مطلوبا بالنسبة اليه حسب كلام المدير العام لوزارة الامن الاسرائيلية "رام بن باراك"، وقد قال السيد "حسن نصرالله" ان الاسرائيليين يريدون تقسيم سوريا بعدما ادركوا استحالة تغيير النظام فيها.
ويبدو واضحا ان الاستراتيجية الاسرائيلية الحالية تجاه تقسيم سوريا تدخل ضمن استراتيجية "بن غوريون" المسماة باستراتيجية "شد الاطراف" التي تدعو الى تطويق الدول العربية ومن ثم شدها نحو كيان الاحتلال، ان الكيان الاسرائيلي اعتمد اسلوب الصبر والانتظار ازاء الصحوة الاسلامية التي شهدتها الدول العربية بين عامي 2011 و2014 ومن ثم اتبع سياسة هجومية منذ عام 2014 حتى الان فهو نفذ عدة غارات على دمشق وتكلم عن تقسيم سوريا وهاجم قطاع غزة.
وقد تكلم القادة الاسرائيليون حتى الان عن تشكيل دولة في جنوبي سوريا الى جوار الاردن والجولان وتكلموا عن نماذج الفيدرالية والحكم الذاتي والتقسيم الكامل في سوريا واكدوا ضرورة الحد من قدرة العلويين و"بشار الاسد"، واذا تم التدقيق في كلام الاسرائيليين يكتشف المرء ان مشروع هؤلاء سيؤدي الى تقسيم باقي دول الجوار ايضا فهل هذا هو الشيء المثالي للاسرائيليين؟
هناك من الخبراء من يقول انه صحيح ان تقسيم سوريا يخدم الاهداف الاسرائيلية لكن بقاء سوريا موحدا من دون "بشار الاسد" او مع وجوده ضعيفا يخدم الاهداف الاسرائيلية بشكل اكبر.
ان السياسة الاسرائيلية الحالية تجاوزت مرحلة اضعاف دول الجوار عبر خلق اشتباكات بينها ووصلت الى مرحلة التطبيع مع هذه الدول مثل مصر والاردن وتركيا والسعودية وبقيت سوريا وحيدة تعرقل هذا المشروع، وقد تعالت اصوات في داخل الكيان الاسرائيلي بعضها دعت الى اسقاط "الاسد" وبعضها دعت الى تفتيت سوريا وحصر العلويين في دويلة صغيرة وبعض آخر تحدثت عن بقاء الساحل السوري ودمشق وحلب وحماه في يد "الاسد" وهذا خيار يمكن ان تكون روسيا ايضا وافقت عليه لكنه لايروق لمحور المقاومة والممانعة نظرا لخروج المناطق المحاذية للجولان من يد الحكومة السورية.
وهناك من المسؤولين الاسرائيليين من يقول بأن سوريا بدون "بشار الاسد" هو افضل خيار للكيان الاسرائيلي ويعتقد الاسرائيليون ان روسيا يمكن ان توافق على مثل هذا الخيار الذي يجعل سوريا في يد السنة الذين لايرغبون في التحالف مع ايران وحزب الله.
وتقول بعض الشخصيات الاسرائيلية ومنهم رئيس مركز ابحاث الامن القومي الاسرائيلي "عاموس يدلين" ان تل ابيب لم تتحرك لوقف الهيمنة الايرانية على المنطقة وتعاظم خطر الصواريخ الايرانية وتواجد ايران العسكري على حدود الكيان الاسرائيلي وفي لبنان وسوريا ولذلك ينبغي الان على تل ابيب ان تستغل فرصة حضور الروس في سوريا وتعزز علاقاتها مع الشعوب السنية مثل السعودية وتركيا وتقدم على حذف "بشار الاسد" من الساحة السورية.
اما وزير الشؤون الداخلية الاسرائيلي "جدعون ساعر" والجنرال الاسرائيلي المتقاعد "غابي سيبوني" لهما نظرة متفاوتة تجاه سوريا وهما يقولان انه لايمكن بعد الان ان تبقى سوريا موحدة ولذلك يجب القبول بوجود مكونات في سوريا الى جانب المكون السني وان هذه المكونات هي العلويين في غرب سوريا والدروز في جبل الدروز في شمال الاردن والجولان والاكراد في المناطق القريبة من تركيا.
ان النخب الصهيونية مثل "عاموس يدلين" يعتقدون ان المنطقة ستصل الى الاستقرار بعد انتهاء الحرب واضعاف الدول المحيطة بالكيان الاسرائيلي وان هذه الدول ستتجه نحو عقد اتفاقيات سلام مع كيان الاحتلال فاستراتيجية "بن غوريون" تعتبر سيناريو السلام افضل من سيناريو الفوضى وفسح المجال امام فصائل وجماعات المقاومة حتى اذا اصبحت هذه الجماعات ضعيفة.
صحيح ان بعض الشخصيات الصهيونية تتحدث عن تقسيم سوريا كحل وحيد للأزمة لكن هذا التقسيم له تبعات على الكيان الاسرائيلي فكيف تكون الدولة في جنوب سوريا المحاذية للاردن والجولان وكيف سيكون نظام الحكم في سوريا (فيدرالي أم حكم ذاتي أم تقسيم كامل؟) وما هي القدرات التي ستبقى في يد العلويين و"بشار الاسد"؟ ان بقاء الأجوبة مجهولة يدفع الاسرائيليين نحو الاقتناع بأن وجود سوريا موحدة من دون "بشار الاسد" او مع وجوده ضعيفا يناسب كيان الاحتلال اكثر من تقسيم سوريا.