الوقت- ما تزال وقائع الصراع الداخلي بين الحليفين السابقين فتح الله غولن ورجب طيب اردوغان تلقي بظلالها على المشهد التركي، حيث تشهد تركيا هذه الأيام حركة احتجاجية واسعة رداً على قيام حكومة حزب العدالة والتنمية بتنفيذ سلسلة اعتقالات بين أنصار الداعية غولن كان آخرها اعتقال رئيس تحرير صحيفة زمان التركية وذلك بعد عملية مداهمة قامت بها الشرطة على مقر الصحيفة في مدينة اسطنبول.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن دومنلي کان من بين 25 شخصا اعتقلتهم الشرطة خلال مداهمات نفذتها في 13 مدينة تركية بينها مقار صحيفة زمان.
وجاء اعتقال رئيس تحرير زمان بعد حملة مداهمة ثانية أقدمت عليها هذه الشرطة على مقار الصحيفة التركية بعد ظهر اليوم متجاهلة تجمعا شعبيا حاشدا أمام محيط الصحيفة للاحتجاج على حملات الاعتقال حيث حال الحشد في المداهمة الأولى السابقة دون توقيف أي من العاملين في الصحيفة إلا لأن هذه الشرطة شنت حملة مداهمة مباغتة أخرى تمكنت في سياقها من اعتقال دومنلي.
وكانت "زمان" قد نقلت، الأحد، عن أحد الناشطين، الذين ساهموا بنشر معلومات عن عمليات الفساد والرشوة في الحكومة التركية، قوله إن الشرطة تعتزم اعتقال عدد من الصحفيين.
كما قالت قناة الخبر التلفزيونية إن الشرطة شنت حملة مداهمات متزامنة في مدن وأقاليم تركية عدة، واعتقلت عدة أشخاص، من بينهم الرئيس السابق لشرطة مكافحة الإرهاب في اسطنبول.
وتزامنت هذه التقارير مع تلويح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بشن حملة جديدة ضد أنصار خصمه الرئيسي غولن، متعهدا بملاحقتهم "في عرينهم" ومحاسبتهم "أيا كان من يقف بجانبها أو ورائها".
ويآتي تصعيد الحكومة بعد عام من بدء تحقيقات في مزاعم فساد تمس دائرة المقربين من أردوغان، الذي وصف التحقيقات بأنها مؤامرة للإطاحة به من تدبير "كيان مواز" من أنصار غولن الذي ينفي الاتهام.
وأدى التحقيق في مزاعم الفساد، الذي أصبح علنيا بعد حملات مداهمة من الشرطة يوم 17 ديسمبر الماضي، إلى استقالة ثلاثة وزراء، ودفع أردوغان إلى نقل آلاف من أفراد الشرطة ومئات القضاة والمدعين.
وردد المشاركون في التجمع هتافات رافضة لممارسات حكومة حزب العدالة والتنمية في “إسكات الإعلام الحر”.
من جهتها وصفت وسائل اعلام مؤيدة لحزب العدالة والتنمية من ضمنها -وكالة أنباء الأناضول الرسمية- مجموعة المعتقلين بـ “عصابة هدفها المس بسيادة الدولة” ، وأشارت أن عمليات الاعتقال قامت بها "شرطة مكافحة الارهاب" في اتهام مبطن للمعتقلين بممارسة الارهاب.
ويتهم أنصار غولن أردوغان بشن حملة الاعتقالات للتغطية على فضيحة الفساد التي طالت مقربين منه قبل عام وهزت الأوساط السياسية التركية وأدت إلى استقالات في حكومة حزب العدالة والتنمية التي كان يرأسها أردوغان آنذاك والبرلمان التركي.
وكان المدون التركي فؤاد عونى حذر في تغريده له قبل يومين على صفحته على تويتر من مخطط ترهيبي يعتزم نظام رجب طيب أردوغان فرضه على المجتمع التركي عبر شن اعتقالات تطول مئات المعارضين له بينهم مئة وخمسون صحفيا إضافة إلى كتاب وأدباء معلنا أن “سلطات نظام أردوغان الأمنية ستشن خلال الأيام المقبلة حملة اعتقالات واسعة تطول 400 شخص بينهم 150 صحفيا انتقاما من وسائل الإعلام التي نشرت أنباء عن قضية الفساد والرشوة التي كشفت في 17 كانون الأول الماضي” واصفا هذه الحملة الأمنية بالانقلاب الحكومي.
يذكر أن تركيا فى ظل حكم أردوغان وحزب العدالة والتنمية باتت وفق تصنيف لجنة حماية الصحفيين البلد الأول عالميا فى قمع الصحفيين وسجنهم حيث يقبع 76 صحفيا في السجون منذ الأول من آب هذا العام منهم 61 سجنوا بسبب تهم متعلقة بعملهم الصحفي.
وتشير مصادر إلى أن الاحتجاجات التي شهدتها اسطنبول مرشحة للانتشار في باقي المدن التركية على وقع الصراع المحموم بين أردوغان والداعية فتح الله غولن، مما ينذر بانقسام حاد في المجتمع التركي في ظل تضارب مصالح الطرفين. ويأتي هذا في ظل تصاعد الخلافات بين تركيا وجيرانها على النقيض من قاعدة تصفير المشاكل مع الجيران، مما يضع تركيا في موقف أضعف في ظل الأزمات التي تعصف في المنطقة.