الوقت - يلخص اليمنيون تاريخ علي محسن الأحمر في محطات رئيسيّة بدءاً من حرب عام 1994 الأهلية والتي كان له دور بارز فيها إلى الحروب الست على الشمال اليمني ومؤخراً هروب الرجل إلى السعودية في العام 2014 مع سقوط شرعية هادي بإعتباره الرجل الثاني في نظام حكمه، ومن هناك لعب دوراً في التحضير للعدوان السعودي ليدخل معه في أكثر من محور وبالخصوص في المحافظات الشماليّة في "مأرب" و"الحجة" ومنطقة "ميدي". مؤخراً وما جاء من تعيينه نائباً للقائد العام للقوات المسلحة لم يكن بداية فصول مشاركته في العدوان إذن، وبمعزل عن الحديث عن فقدان الشرعية لرئيسه هادي وعدم وجود مثل هكذا منصب دستورياً إلاّ أن هكذا خطوة تطرح مجموعة من الأسئلة التي تصبّ في خانة خفاياها.
الورقة الأخيرة واللعب على خط القبليّة
علي محسن الأحمر يتحدّر من أسرة زيدية، وتريد قوى العدوان السعودي من وراء ذلك اللعب على الوتر القبلي الموجود في صنعاء وعمران وحتى صعدة منها، فالرجل لديه ولاء وتأييد شعبي في هذه المناطق وبالخصوص في قبيلة حاشد والعلاقات مع قبائل بكيل وبعض القبائل الأخرى في ذمار صنعاء، وبالتالي تهدف قوى العدوان أيضاً إلى استمالة بعض العسكريين لخط العدوان والدخول إلى صنعاء من هذا الباب خاصة مع وجود بعض التحفظات لدى الكثير من العسكريين على جملة من الأمور المرتبطة بالعدوان السعودي.
ما يمكن وصف الخطوة السعودية هذه بأنها الورقة الأخيرة بل وشبه المحروقة، فالسعودية على سبيل المثال استفادت من لعبة التحريك القبلي في عدن بهدف دخول صنعاء لكنها لم تحقق المطلوب، فمؤخراً تلقّت قوى العدوان السعودي ضربة لمركز قيادتها ومخازن سلاحها في باب المندب والتي قتل فيها جميع القيادات، وهي فشلت في القسم الشمالي من اليمن وأصبحت ورقة المدن الثلاث جيزان ونجران وعسير مطروحة على خط النقاش، وهي لم تتمكن من تجنيد أبناء القبائل للذهاب إلى الجبهة الشمالية، فالكثير منهم عادوا رافضين مواجهة الجيش اليمني واللجان الشعبية هناك. بإختصار أوراق السعودية فشلت فلجأت إلى الأحمر كورقة شبه محروقة.
من عدوان إلى صراع النفوذ
أولاً: مؤشرات الصراع بين السعودية والإمارات في عدوانها على الأراضي اليمنية لم تبدأ من الأحمر، بل أن الأخير هو جزء من أجزاء مسلسل الصراع هذا منذ بدء العدوان، ففي عدن برز ذلك بوضوح فيما يخص انحياز السعودية لخيار هادي في مقابل مساعي الإمارات لطرح خيارها البحاح كبديل عن هادي، يضاف إلى ذلك استضافة الإمارات لبعض من أقارب علي صالح وسفير اليمن لديها، وهنا يأتي دور الأحمر في مسعى سعودي لإحداث شكل من أشكال الغلبة في صراعها مع الإمارات بين الشمال والجنوب بإعتبار هادي جنوبي الأصل والأحمر شمالي.
ثانياً: القاطع الثاني في تعيينه يعود إلى وجهة سعودية لإرضاء حزب الإصلاح الإخواني، فالأحمر تربطه علاقة قوية بجماعة الإخوان في اليمن، هذا الإرضاء يجعل منه طرفاً مقابلاً في وجه الحراك الجنوبي بإعتبار وجود عداوة قوية ومتجذرة تاريخية بين الأحمر والحراك الجوبي والتي تعود إلى العام 1994، هذا التقابل أيضاً يوضع في سياق المنافسة السعودية الإماراتية للإستيلاء على اليمن بإعتبار الحراك الجنوبي وبالخصوص في عدن شكلاً من أشكال التعاون مع الإمارات في البداية وإن اختلفت التوجهات لاحقاً.
حجر عثرة جديدة أمام الحل السياسي
أولاً: لا يمكن غض النظر عن أن لمحسن الأحمر نفوذاً سياسية وعسكرية، هذا النفوذ توجده الطبيعة اليمنية القبليّة، ولذلك تدرك قوى العدوان السعودي أن عدم تحريك أوراق جديدة على ساحة العدوان من شأنه أن يقضي على وهج العدوان وهو ما لا تريده، فالمطلوب الإستمرار بالعدوان ولو كان على حساب اقتصادها ومن دون تحقيق أي هدف يرجى، فالإستمرار بالرؤية السعودية هزيمة، أما التوقف فأكبر.
ثانياً: المسألة المتّفق عليها أن الأحمر وإن كان يتمتع بنفوذ على الساحة اليمنية ولكن هذا النفوذ هو الذي من شأنه أن يبقي العدوان مستمراً لا أن يحقق هدف العدوان، فالأحمر يعتبر شخصية مرفوضة يمنياً بالصورة العامة من جهة وطبيعته وآلية عمله السياسي خلال العقود المنصرمة تقود إلى أنه لا يمكن أن يقبل بالحلول السياسية وهو سيقف حجر عثرة جديدة بوجهها، فالحل السياسي يعني انتهاء عمره السياسي في اليمن ولعله أكثر من السياسي، فهروبه في العام 2014 إلى السعودية من قبضة الإرادة اليمنية خير دليل واضح على ذلك. وعليه فإن تعيين الأحمر خطوة سعودية بوجه الضغوط الدوليّة للعودة إلى طاولة الحوار اليمني.