الوقت- "نحن قوم لا نترک اسرانا و معتقلینا في السجون" شعار خلد في العقول والقلوب ، اطلقه الامین العام لحزب الله سماحة السید حسن نصرالله، و استخدمه الحزب قانونا لتحریر کل الاسری و المعتقلین من مخالب الکیان الغاصب . و ها هو الیوم یظهر من جدید لیحرر المجاهد عماد عیاد من براثن الارهاب، و یخلط الاوراق علی کل من یشکک في قدرة "رجال الله" علی المواجهة والتصدي للارهابیین . و لیؤکد ان حزب الله لا یعترض علی المفاوضات لتحریر الاسری بل علی نوعیتها و شروطها . فکیف استطاع حزب الله تحریر عیاد؟
منذ اعوام کثیرة اعتمد حزب الله مبدا المفاوضات لتحریر الاسری من السجون الصهیونیة. و حصلت عدة عملیات تبادل بدءا من العام 1991 و حتی العام 2008، قام خلالها الحزب بتحریر کافة الاسری اللبنانیين من السجون الصهیونیة عبر مفاوضات غیر مباشرة معتمدین علی وسائط مختلفة.
ففي العام 1991 جرت عملية التبادل الأولى بين الحزب والکیان الصهیوني عبر وساطة دولية، وشملت العملية إطلاق الکیان الصهیوني 91 معتقلا وتسليم جثمان تسعة لبنانيين، مقابل تقديم معلومات عن مصير جنديين إسرائيليين أسرا في عملية في كونين عام 1986.
عملية التبادل الثانية تمت بتاريخ 21/7/1996 باشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر ،شملت إطلاق 45 معتقلا من معتقل الخيام بينهم ثلاث فتيات، إضافة الى تسليم 123 جثمان مقابل جثتي الجنديين الإسرائيليين.
عملية التبادل الثالثة تمت بتاريخ 26/6/1998 حيث أفرج الکیان عن 60 معتقلا ، إضافة الى أربعين جثمان، مقابل تسليم "حزب الله" أشلاء جنود إسرائيليين قتلوا في كمين لوحدة الكوماندوس الإسرائيلي في إنصارية في 5/9/1997.
العملية الرابعة بین الکیان الغاصب و"حزب الله" تمت عبر وسيط ألماني في 29/1/2004 حيث أفرج الکیان فیها عن حوالي 500 أسير فلسطيني و 28 معتقلا لبنانيا وعربيا، مقابل تسليم «حزب الله» جثث ثلاثة جنود اسرائيليين كان الحزب خطفهم خلال عملية في منطقة مزارع شبعا المحتلة.
العملیة الخامسة تمت في 15/10/2007، وبموجبها تم إطلاق المعتقل اللبناني حسن عقيل وتسليم جثماني المجاهدین سامر علي نجم من بلدة الطيبة ومحمد يوسف عسيلي من بلدة الطيري، مقابل تسليم حزب الله جثة مستوطن إسرائيلي غرق في الاراضي المحتلة ولفظته الامواج على الشاطئ اللبناني واحتفظ الحزب بجثته .
العملیة السادسة تمت في 16/7/2008 و تم خلالها الافراج عن عمید الاسری القنطار و رفاقه، مقابل تسلیم حزب الله جثث الجندیین اللذین کانا بحوزته من عملیة الاسر فی تموز 2006.
والیوم یستفید الحزب من خبراته الطویلة في مجال التفاوض ولکن الجهة مختلفة، فالتفاوض لم یکن مع الکیان الصهیوني الغاصب، بل مع الجهة الارهابیة المعروفة بالـ "جیش الحر" والتي کانت قد اختطفت المجاهد عماد عیاد في منطقة عسال الورد. حینها سارع الارهاب الی استفزاز المقاومة باسیرها ، لکن ذلک ذهب ادراج الریاح ، ففي مدرسة "حزب الله" تقضی الحوائج بـ" الصبر والکتمان و الفعل" فتم الرد علی الاسر بالاسر و کان التفاوض غیر المباشر لاسابیع ، عبر وسیط سوري محلي الی ان تم التبادل بمنطقة القلمون باسیرین من الجیش الحر کانا بقبضة حزب الله.
كان المقاوم الاسير عماد عياد أسيرا لدى إرهابيي "القطاع الغربي في القلمون" التابع لـ"الجيش الحر" في هجوم عسال الورد. واستطاع حزب الله من خلال مفاوضات أجراها مع الجهة الإرهابية، من تحرير الأسير. 50 یوما کانت کفیلة بانهاء المفاوضات، لیطلق "حزب الله" بعدها بیانا خاصا قال فیه : "بتوفيق من الله عز وجل، و بعد مفاوضات استمرت لأسابيع مع الجهات الخاطفة، تم تحرير الأخ الأسير عماد عياد، مقابل إطلاق سراح أسيرين كانا لدى حزب الله من المسلحين". هذا "الإنجاز الکبیر"، كما يؤكد المتابعون، جاء "مفاجئا " للكثيرين، خصوصا أن أي من مؤشراته لم تطف على السطح خلال الأيام الماضية، ما طرح أسئلة مشروعة حول کیفیة هذه المفاوضات التي أدت إلى مثل هذه "الخاتمة السعيدة " .
و اوضحت مصادر مقربة من الحزب أن كل ما في الأمر هو أن "حزب الله" استخدم أوراق القوة الموجودة لديه، والتي تتمثل في أسرى المسلحين، مؤکدة أن عملية التفاوض تمت مع "الجيش السوري الحر" و ليس مع"جبهة النصرة"، كما ذكرت بعض وسائل الإعلام ، وذلك عبر وسیط سوري محلي.
وتؤکد المصادر أن عياد هو الأسير الوحيد لحزب الله خلال كل المواجهات التي خاضها في سوريا منذ سنوات ، وقد تم تحريره في أسرع وقت ممكن . و تلفت إلى أن المفاوضات كانت سرية و دقيقة و عملية، بعیدة عن اي ابتزاز و ضغوط و توظيف سياسي و إعلامي . مشيرة في الوقت عينه إلى أن المطالب ، التي أدت إلى نجاح عملية التبادل، كانت معقولة وضمن إطار منطق التفاوض ، فقد أطلق "حزب الله " عنصرين من أسرى "الجیش الحر" مقابل إطلاق الأسير عياد.
عملیة التفاوض و التبادل هذه تنفي نفیا قاطعا أن يكون "حزب الله" قد أقفل أبواب التفاوض يوما، و هذا ما قاله الأمين العام للحزب "السيد حسن نصر الله" حین نفى هذه الشائعات شخصيا ، وأكد أن الحزب يؤيد التفاوض بالمطلق، وهو الذي لطالما اعتمده في اکثر من مناسبة.
في مطلق الأحوال ، تشدد المصادر على أن ما حصل هو إنجاز كبير وتطبيق للقاعدة الذهبية المتمثلة بأن المقاومة لا تترك أسراها في المعتقلات والسجون وتبذل كل جهد ممكن ومطلوب لإطلاقهم.
و من هذه القاعدة بالتحديد، و من خلال وضع حد لكل أشكال الابتزاز و الضغوط، فتح حزب الله من جدید بابا للدولة اللبنانية لتنطلق بمفاوضاتها مع إرهابيي "داعش" و "النصرة" في مفاوضات بناءة بعیدة عن الابتزازات و التسریبات الاعلامیة، مفاوضات تعتمد فیها الدولة اللبنانیة علی قوتها، مستخدمة فیها اوراق ضغط ، و ما اکثرها ،للوصول إلى شاطئ الامان. فهل تنجح الدولة اللبنانیة حیث تفوق "حزب الله " ...