الوقت – بعد تعيين القائد الجديد للقوات الامريكية في افغانستان الجنرال جون مايك نيكلسون بدلا عن جون كيمبل من قبل الرئيس الامريكي باراك اوباما صادق البنتاغون على هذا القرار وبقي المصادقة في الكونغرس ، وقد قال نيكلسون لنواب الكونغرس انه نظرا لاوضاع افغانستان فإن امريكا بحاجة الى البقاء مطولا في ذلك البلد مضيفا بان تقليل عدد الجنود الامريكيين يفقدهم القدرة على مواجهة الارهاب داعيا الى ابقاء 9800 جندي امريكي في افغانستان بدلا عن الف جندي.
ولايمكن القول ان تغيير قائد القوات الامريكية في افغانستان ياتي ضمن تغيير استراتيجي او تكتيكي بل انه اجراء متبع حصل عدة مرات خلال السنين الماضية فالقادة العسكريين الامريكيين الذين كانوا يتحدثون خلال الاشهر الماضية حول خروج آخر الوحدات الامريكية من افغانستان حتى نهاية عام 2015 باتوا الان يتحدثون عن ابقاء آلاف الجنود هناك لعقد آخر من الزمن.
ان امريكا وحلفائها لهم مصالح طويلة الامد في افغانستان ولذلك ستكون فترة بقائهم هناك طويلة ايضا وهذا ما اكده وزير الدفاع الامريكي اشتون كارتر مؤخرا، والمعروف ان الحكومة الافغانية ترحب بذلك ايضا، وفي الحقيقة يمكن القول ان امريكا ومن اجل تنفيذ سياسة ضم افغانستان الى حلف الناتو كعضو حليف تحتاج الى البقاء مطولا في افغانستان.
ان تحدث الامريكين عن الحاجة لبقائهم في افغانستان من اجل مواجهة الارهاب يأتي في وقت يساهم الامريكيون بشكل مباشر وغير مباشر في دعم داعش والتيارات التكفيرية وحتى عمليات نقل الارهابيين من منطقة الى أخرى.
ان التاكيد الامريكي على البقاء في افغانستان مطولا ياتي بعد ان كان باراك اوباما وعد بترك هذا البلد في نهاية 2014 ويتذرع الامريكيون الان بضعف قدرات الجيش الافغاني والقوات الامنية الافغانية في وقت تغيرت السياسة الامريكية بعد 14 عاما من احتلال افغانستان من محاربة طالبان الى التفاوض معها والان قد انضم داعش ايضا الى المعركة ولذلك يمكن القول ان تغيير القائد الامريكي في افغانستان غير مرتبط بتغيير الاستراتيجية الامريكية خاصة اذا علمنا بأن الامريكيين ضمنوا بقائهم هناك حتى عالم 2024 على الاقل بعد توقيع الاتفاقية الامنية مع كابول.
ويمكن القول بأت تغيير القائد الامريكي في افغانستان هو اجراء يرمز الى الايحاء بأن عمل القوات الاجنبية في افغانستان يسير كما هو مخطط له وهو عمل مثمر وناجح وان الجنرال الجديد يذهب الى هناك بسبب تغيير الاوضاع في افغانستان.
ان التجربة اثبتت ان الامريكيين عندما يواجهون الهزيمة والفشل بعد احتلال بلد ما يبادرون الى حل مشاكلهم عبر الاساليب الدبلوماسية والمفاوضات والان يرى الجميع كيف انسحب الامريكيون من الخط الاول للقتال في افغانستان ووضعوا القوات الافغانية في الواجهة في القتال مع طالبان ليتسنى لهم ادارة الاوضاع من بعيد وقد ادعى الامريكيون مؤخرا ان تواجدهم في افغانستان استشاري.
ولم يكن تواجد الامريكيين في افغانستان في يوم من الايام من اجل محاربة الارهاب ومساعدة هذا البلد بل ان هذا التواجد والحضور كان من اجل الاقتراب الميداني من ايران وروسيا والهند والصين وباكستان والاشراف على هذه المنطقة وكانت افغانستان افضل فرصة للامريكيين لتحقيق اهدافهم في هذا المجال.
ورغم قول الامريكيين بأن القوات الافغانية ليست قادرة على التصدي للارهاب لكن الحقيقة هي ان تعزيز قدرات الجيش والشرطة الافغانية لم يكن ابدا ضمن اهداف الامريكيين لأن البنتاغون تعتقد بأن هذا الامر يحتاج الى مليارات الدولارات.
ان عجز وفشل الامريكيين والناتو في محاربة الارهاب وقول هؤلاء الان بعدم وجود خلافات مع طالبان واعتبار طالبان جزء من الشعب الافغاني كلها تدل على الاخفاق العسكري الامريكي في افغانستان وذلك بعدما ادى تواجد الغربيين في هذا البلد خلال 14 سنة الماضية الى تعزيز قدرات الجماعات الارهابية التكفيرية وامتداد نشاطات الارهابيين الى باقي الدول مثل شمال افريقيا وسوريا والعراق اضافة الى ظهور داعش على الساحة واحتمال تمدده نحو آسيا الوسطى ايضا.
وتجري الان في افغانستان معارك ايضا في محافظتي ننغرهار وزابول بين داعش وطالبان في وقت لم تسفر مفاوضات السلام مع طالبان عن شيء وسط عدم وجود رغبة غربية في حل مشاكل افغانستان على الرغم من اعلان الامريكيين بأنهم متفائلون ازاء مفاوضات السلام وانهم يأملون في ان لايكون بقائهم طويلا لكن الحقيقة تتحدث عن شيء آخر.