الوقت – رغم شعارات العروبة ومحاولات الايحاء بأنها دولة لها قضايا عربية، تقترب الامارات بسرعة من الكيان الاسرائيلي وقد وصل الامر الان الى زيارات يقوم بها وزراء اسرائيليون الى ابوظبي مثل وزير الطاقة يوفال شتاينتس والاعلان عن فتح مكتب تمثيلي للكيان الاسرائيلي في الامارات، ما يطرح تساؤلات حول أسباب رغبة الاماراتيين نحو الفوز في سباق التطبيع مع الاسرائيليين والتقدم في هذا المجال على المصريين والقطريين والأردنيين وغيرهم.
وفي تفاصيل ما تقوم به الامارات فقد اعلنت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية قبل اسابيع ان الكيان الاسرائيلي ينوي فتح اول مكتب رسمي له في العاصمة الاماراتية ابوظبي، واضافت الصحيفة نقلا عن مسؤول اسرائيلي كبير لم تذكر اسمه ان هذا المكتب سيكون الممثلية الاسرائيلية في الوكالة الدولية للطاقات المتجددة (ايرينا) والتي يقع مقرها الرئيسي في ابوظبي، واضاف هذا المسؤول الاسرائيلي ان مكان تأسيس هذا المكتب قد حدد وان ممثل الكيان الاسرائيلي للبقاء في هذا المكتب قد تم تعيينه وان العمل جار للافتتاح الرسمي لهذا المكتب.
ورغم ان هذا المكتب لن يكون ممثلية دبلوماسية بالكامل لكن افتتاحه يشكل بشكل من الاشكال اول تواجد رسمي ودائم لوزارة خارجية الکيان الاسرائيلي في الدول الخليجية.
والحقيقة ان نشر مثل هذه التقارير لم يكن امرا غريبا لمحللي قضايا المنطقة والذين يرصدون النشاطات الاسرائيلية فقد قامت تل ابيب في السابق وتحديدا في عام 2009 بدعم محاولات الامارات لاستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقات المتجددة، وفي عام 2014 اعلنت وزارة البنى التحتية الاسرائيلية انها تسعى الى فتح مكتب دائمي في هذه الوكالة الدولية وهذا ما اعتبره الخبراء محاولة اسرائيلية لتدعيم موطئ قدم الجهاز الدبلوماسي الاسرائيلي في دول مجلس التعاون.
ومن جانب آخر ورغم اعلان الامارات بانها تدعم رسميا قيام دولة فلسطينية وعدم استعدادها للاعتراف بالكيان الاسرائيلي لكن السنوات الاخيرة شهدت وجود مواقف مشابهة للجانبين حول القضايا الاقليمية وقد ادى هذا التشابه في المواقف الى تشجيع المسؤولين الاسرائيليين على التقارب مع شيوخ الامارات والمضي قدما وبسرعة اكبر في عملية التطبيع مع دول مجلس التعاون.
ان ابداء القلق المشترك لدى تل ابيب وابوظبي مما يسمى بخطر النفوذ الايراني في العالم العربي وتعاظم خطر الجماعات السنية المسلحة المتطرفة مثل داعش وجبهة النصرة وكذلك المواقف التي تتخذها الادارة الامريكية الحالية ازاء الاحداث الجارية في المنطقة عززت شعور الاسرائيليين بأنهم يمكنهم الاستفادة من تعزيز علاقاتهم الدبلوماسية مع الامارات.
وكان رئيس وزراء الکيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال في كلمته في مقر الامم المتحدة في عام 2013 "ان خطر حصول ايران على الاسلحة النووية ووجود التحديات الاخرى في المنطقة تسبب بأن تعترف الدول العربية المجاورة لاسرائيل ان هذا الكيان لم يعد عدوا لها ولذلك هذه فرصة مناسبة لنا لكي نضع العداء التاريخي جانبا ونبني علاقات جديدة لتعزيز اواصر الصداقة من اجل تحقيق أمنياتنا".
ورغم عدم وجود علاقات سياسية ودبلوماسية بين دول مجلس التعاون والكيان الاسرائيلي لكن العلاقات الاقتصادية بين الجانبين كانت موجودة منذ سنوات عديدة ويمكن القول ان الخطوة الاخيرة التي قام بها الاسرائيليون تجاه الامارات هي خطوة هامة لتعزيز وتحسين العلاقات بين تل ابيب وابوظبي وستمكن الامارات من احداث تغييرات اساسية في سياساتها الخارجية وتوسيع مجالات التعاون المشترك مع الكيان الاسرائيلي رغم وجود معارضة لدى الرأي العام.
ويمكن القول ان الكيان الاسرائيلي يطبق الان قاعدة "عدو عدوي، صديقي" ويمد يد الصداقة نحو الدول العربية التي تحب ان تسمي نفسها بالدول المعتدلة وذلك من اجل ايجاد مجالات مشتركة بين الطرفين وهي مجالات لاتنحصر بالامن والسياسة بل تتعدى ذلك نحو القضايا الجيوسياسية، وهذا يعني ان تزايد النفوذ الايراني في المنطقة ونمو الحركات المتطرفة ادى الى قيام دول الشرق الاوسط باعادة النظر في علاقاتها مع الكيان الاسرائيلي وعدم استبعاد حتى تشكيل تحالف مع هذا الكيان.