الوقت- یأتي إصرار واشنطن على إرسال قوات إلى العراق، في وقت فشل فیه مشروع أمريكا مع مشاركة السعودية وقطر وتركيا والأردن في دعم الجماعات الإرهابية المسلحة في سوريا، بعد دخول روسيا المباشر إلی المیدان السوري، وهو الأمر الذي غيّر المعادلات الاستراتيجية الحاکمة في المیدان لصالح الشعب والحكومة والجيش في سوريا، وأفشل خطة تقسيم هذا البلد.
وکان وزير الدفاع الأمريكي قد أوضح في وقت سابق عبر تصریحات له، بأن هذه القوات الأمريكية الخاصة سيتم نشرهم في العراق تحت عنوان "قوة التدخل السريع"، وهي أمهر القوات الخاصة "دلتا" أو "فرقة السيل تيم 6" نفسه. وبناءً علی تأکید هذه التقارير، فإن نصف هذه القوة المکوّنة من 200 عضواً، هم من الكوماندوس الذین تلقوا دورات عسكرية محددة وتدريبات خاصة، في مجال مداهمة المنازل وقتل الناس وأسرهم، ویُعتبر إرسالهم من قبل أمريكا اعترافاً ضمنياً للبيت الأبيض بعدم القدرة على التغلب علی تنظیم داعش في العراق.
ویأتي إرسال هذه القوات في حين أن قوات الحشد الشعبي والمقاومة الإسلامية في العراق، کانت قد أعلنت معارضتها لهذا الإجراء الأمريكي، لكنّ وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون زعمت أن هذه القوات دخلت محافظة "الأنبار" غرب العراق، بالتنسيق مع الحكومة العراقية الاتحادية، وهي المحافظة التي تعدّ أهم قاعدة لتنظیم داعش في هذا البلد، وتشهد هذه الأيام عمليات واسعة النطاق من قبل الجيش والقوات المسلحة والحشد الشعبي العراقي، لتحرير وتنظيف مختلف مدنها من تنظیم داعش الإرهابي التکفیري. ويعتقد الخبراء أن العراق یقف الیوم أكثر من أي وقت مضى علی أعتاب تنفيذ خطة التقسيم الأمریکیة. من ناحية أخرى، فإن تشکیل قوة من أهل السنة بالتوازي مع الحشد الشعبي الشيعي بقيادة إخوان "النجيفي" في المناطق السنية والحرس الوطني، بهدف خلق قوة مرادفة لقوات البيشمركة من أهل السنة، ومنع مشاركة الحشد الشعبي في عمليات تحریر المناطق السنية التي یسیطر علیها داعش، كل ذلك یتمّ بهدف تمهید الأرضیة لتشکیل منطقة سنية مثل إقليم كردستان العراق.
ملخص القول أن دخول روسيا إلى المعادلات الميدانية السورية قد حطّم کل المعادلات والحسابات الإقلیمیة لأمريكا، ذلك أن هدف واشنطن کان الحفاظ على تنظیم داعش لعدة سنوات قادمة في المنطقة، بما في ذلك في العراق وسوريا، من أجل تحقيق المزید من المكاسب السياسية والأمنية في العراق والمنطقة، وأهم مکسب حصلت علیه أمريكا في غضون بضع سنوات من ظهور ونشاط داعش في المنطقة، کان بیع المزيد من الأسلحة والمعدات العسكرية للمصانع وشركات تصنيع الأسلحة الأمريكية واختبار أسلحة جديدة في المنطقة، ولكن كما ذكرنا، فإن دخول روسيا إلى الميدان السوری قد أخلّ بمعادلات الأمريكيين، وأجبرهم على النزول إلی الميدان مثل روسيا.
ویهدف دخول القوات الأمريكية إلی محافظة الأنبار، والقوات العسكرية التركية إلی شمال العراق، إلی تغيير المعادلات الإقليمية، ولا شك أن دخول القوات التركية إلی شمال العراق جاء بضوء أخضر وعلم من البيت الأبيض، وتحاول أمريكا من خلال تصعید الأوضاع المیدانیة والسياسية في العراق، ممارسة المزيد من الضغوط علی بغداد، وإجبارها علی طلب المساعدة من واشنطن، کي تدخل القوات الأمريكية إلى هذا البلد مرة أخرى، بذریعة إعادة الأمن والاستقرار إلی العراق. من ناحية أخرى، يبدو أن إرسال أمريكا لقوات إلى العراق، یرمي إلی إضعاف الجيش والقوات المسلحة العراقية وإظهارها بمظهر الضعیف والعاجز، کي توفّر الأرضیة لتواجدها العسكري في العراق لسنوات قادمة. وبموجب هذه الخطة، فإن القوات الأمريكية الخاصة التي دخلت العراق حالیاً، ستكون نواةً للقوات المسلحة التي ستحمي وتدافع عن إعلان تشکیل الإقلیم السني في العراق، بعد تحرير مدينة "الرمادي" والاستعداد لتحرير مدينة الموصل من سیطرة تنظیم داعش.